مقال| لماذا أصبح التوسع في الخيارات السياحية بالمحافظات ضرورة؟

يكتبه: د. رجب العويسي|

في سبيل حياة اجتماعية مستقرة ينعم فيها الجميع براحة البال ومزيد من الهدوء والاطمئنان، والأمان النفسي والاستقرار الفكري والجسدي، تأتي أهمية البيئات الترويحية كأحد معايير جودة الحياة للسكان.

ويعكس وجود هذه البيئات في دلالاته رقي التعامل مع احتياجات الافراد، ومشاعرهم الداخلية وأذواقهم المتغايرة، وبناء قيم الولاء والنظافة والاحترام لمكونات البيئة والاستخدام الأمثل للبيئات المتاحة، وبما يضمن لهم فرص الاستقرار بها وحس الانتماء إليها، وتعظيم وجود بيئات ترويحية جاذبة قادرة على تحقيق لبنات الوئام الإنساني، وتوليد بدائل متنوعة في طريقة احترام الفرد والمجتمع لهذه البيئات والتعاطي معها والتزامه بمتطلباتها؛ لذلك لم تعد مسألة التوسع في الخيارات السياحية اليوم مجرد حالة عرضية مرتبطة بمهرجان معين أو موسم محدد، بل مساحة أمان شخصية، وفرصة لإعادة انتاج الذات وخلق روح التغيير الإيجابي في حياة السكان في مواجهة ضغوطات الحياة والازدحام المروري وعشوائية التخطيط الحضري للأحياء السكنية.

وعليه تصبح مسألة ترقية هذه البيئات السياحية سواء كانت المتنزهات الترويحية والحدائق أو البيئات التراثية والثقافية والمتاحف والواجهات الشاطئية أو الخضراء وإضفاء طابع الذوق والتطوير فيها خيار استراتيجي منافس، يضع مؤسسات الدولة المعنية بالشؤون البلدية والاسكانية والخدمات العامة، أمام مسؤولية استدراك القيمة الجمالية التي يمكن أن توفرها هذه البيئات وأهمية انتشارها في مختلف المحافظات، في ظل أطر تراعي جملة من الاعتبارات المرتبطة بحجم الكثافة السكانية والحالة المرورية، والتنوع المناخي التي تعيشه، والمقومات السياحية المتوفرة بها، والحراك السياحي الأهلي، والمبادرات السياحية المجتمعية، لضمان تحقيق بيئة متوازنة قادرة على استيعاب رغبات السكان القاطنين أو غيرهم من الزوار للمحافظة.

أخيرا، تبقى الاستدامة في هذه البيئات مرهونة بجودة الخدمة ومستوى التفاعل والرضا المجتمعي بها، عبر تكامل الخدمات الترفيهية والترويحية والسياحية وتنوعها وقدرتها على صناعة الفارق، بالإضافة إلى تغيير الصورة السلبية المعتادة في التعامل مع هذه البيئات كونها مسؤولية الدولة، والتي يبدو أنها توجه في ظل عدم استقرار الملاءة المالية والموازنات إلى أولويات أخرى، لتضع مشاركة القطاع الخاص والأهلي في تهيئة هذه البيئات وتأهيلها وتوجيهها، طريق القوة للخروج بهذه البيئات من لغة الاعذار وقائمة الانتظار.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*