مقال| لماذا ثقافة المواطن السياحية مهمة؟.

يكتبه: د. رجب العويسي|

تمثل ثقافة المواطن السياحية بما تحويه من مفردات ومبادئ ونماذج وأفكار وقيم وأولويات، رصيدا ثريا في بناء الوعي السياحي وترسيخ الحس السياحي في قيم المجتمع والتزاماته، وكلما استطاعت هذه الموجهات الفكرية والمعرفية أن تقدم للمجتمع مائدة معلوماتية وتجارب وخبرات ومفاهيم متكاملة، كلما استوعب المجتمع أساسياتها واستطاع من خلالها أن يبني مساره السياحي القادم، ويحدد أولوياته السياحية ويوجه مدركاته الفكرية والمالية ومهاراته الشخصية نحو بناء مشاريع وتقديم مبادرات وتنفيذ توجهات تخدم السياحة الوطنية.

إنّ الثقافة السياحية القائمة على التنوع والعمق المفاهيمي والفلسفي، ووضوح المفردات وفلسفة العمل، والأولويات والابعاد الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية للسياحة العمانية، وتتضح خلالها مسارات الشراكة السياحية المجتمعية، ومستوى حضور العقل الاستراتيجي الجمعي في رسم ملامحه، يمكنها أن تؤسس لنضج المواطن السياحي وقدرته على استيعاب المضمون السياحي الوطني بكل تجلياته، لينعكس ذلك على دور المواطن الترويجي والتسويقي للسياحة العمانية، وانتقاء المحتوى الإعلامي في تأثيره واحتوائه وموضوعيته التي يستطيع من خلالها أن يصل إلى الآخر،  لتظهر نتائج ذلك على الذائقة السياحية نفسها في قدرتها على التعبير عن جماليات السياحة في سلطنة عمان، وما يرصده حولها بعدسته أو نقل الصورة العامة للمشهد السياحي عبر المنصات الرقمية والإعلامية والفضاءات المفتوحة. 

أخيرا فإن السياحة قبل أن تكون بيئات طبيعية او ثقافية أو تراثية؛ فهي فكر وقيم ومبادئ وسلوك، وكلما امتلك المواطن ثقافة سياحية متكاملة، كلما انعكس ذلك على قناعاته والصورة التي يسقطها على الواقع السياحي، بل أن الكثير من محطات عمله القادمة وتفكيره ومبادراته سوف تكون متناغمة مع  هذه الصورة التي تولدت من رحم الخبرات والتجارب والمعلومات والأفكار، والمحتوى السياحي الذي يصل إليه عبر مؤسسات التعليم والاعلام وبرامج التثقيف والتدريب أو من خلال المروجين والمرشدين السياحيين، وتصبح قراءته واطلاعه على ما يصدر حول السياحة العمانية من خلال الصحف اليومية والمتخصصة أو ما ينشر من مقالات وتقارير وأخبار واحصائيات ومؤشرات؛ محطة إثرائية فكرية يستطيع من خلالها أن يستشرف سيناريوهات مستقبل العمل السياحي القادم، فيشارك فيه بمهنية ويتعاطى معه بأريحية، ويتبناه كمبدأ وثقافة وسلوك يومي.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*