مناقشة الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للتعاونيات الاستهلاكية

رئيس الغرفة: حجم اقتصاد التعاونيات في العالم يبلغ نحو 2.5 تريليون دولار 

التعاونيات الاستهلاكية” وسيلة فاعلة لضبط أسعار السلع وترسيخ مفهوم التعاون بين أفراد المجتمع

مسقط – العُمانية|
 ركّزت أمسية غرفة تجارة وصناعة عُمان حول التعاونيات الاستهلاكية التي عقدت مساء الأثنين بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض على الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لها وآليات تنظيم وتقنين عملها في سلطنة عُمان وإمكانية الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة.
رعى الأمسية قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وبحضور عدد من المهتمين ورواد الأعمال في هذا القطاع.
وأكد المهندس رضا بن جمعة آل صالح رئيس مجلس إدارة الغرفة على أن منظومة متكاملة وناجحة للتعاونيات الاستهلاكية توجد المزيد من الخيارات لدى المستهلك وتوفر ما تحتاجه من سلع وخدمات بجودة عالية وبأسعار مناسبة ومنافسة.

ذاتية الادارة وقال رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان إن إنشاء التعاونيات الاستهلاكية يتطلب أن تكون ذاتية الإدارة ومن أشخاص يتحدون اختياريا عبر مشروع ملكية مشتركة ويكون الدور الحكومي هو توفير الغطاء التشريعي المنظم وبما يفضي إلى تحقيق الاستقرار المعيشي للفرد والازدهار للمجتمع.

وبيّن أن التعاونيات الاستهلاكية تحتل حيزا مهما في الاقتصادات العالمية حيث تشير التقديرات إلى أن حجم اقتصاد التعاونيات بمختلف أنواعها حول العالم يبلغ نحو 2.5 تريليون دولار أمريكي وهناك نحو مليار عضو تعاوني حول العالم الأمر الذي يؤدي إلى تطوير قطاع اقتصادي تعاوني راسخ ومستدام يسهم في رفع حجم الناتج المحلي الإجمالي.
وبين أن وجود التعاونيات الاستهلاكية في السلطنة يشكل رغبة لدى قطاع كبير من المواطنين لكونها إحدى الوسائل التي تخدم فئات متعددة من المستهلكين وأيضا كونها وسيلة فاعلة لضبط أسعار السلع وترسيخ مفهوم التعاون بين أفراد المجتمع.
وقال، إن إنشاء التعاونيات الاستهلاكية يتطلب أن تكون ذاتية الإدارة ومن أشخاص يتحدون اختياريا عبر مشروع ملكية مشتركة ويكون الدور الحكومي هو توفير الغطاء التشريعي المنظم والدعم المالي والتدريبي وبما يفضي إلى تحقيق الاستقرار المعيشي للفرد والازدهار للمجتمع.
وأكد رئيس الغرفة أن غرفة تجارة وصناعة عمان على استعداد للإدلاء بمرئياتها ومقترحاتها فيما يخص تطوير التشريعات والإجراءات اللازمة لإيجاد اقتصاد تعاوني بالسلطنة.
مقترحات 
من جانبهم، قدم مجموعة من الخبراء الاقتصاديين ورجال الأعمال والمهتمين بهذا القطاع عدة أوراق عمل استعرضت المقترحات المتعلقة بتطوير التشريعات والإجراءات اللازمة للتعاونيات الاستهلاكية بهدف إيجاد اقتصاد تعاوني منظم ومتكامل بسلطنة عُمان.
فقال الدكتور يوسف بن حمد البلوشي مؤسس البوابة الذكية للاستثمار، إن النموذج الاقتصادي المنشود يتطلب تعدد قاطرات النمو المبنية على الشراكة في قيادة الأنشطة الاقتصادية، وتعزيز الإنتاجية والتطوير والابتكار والمكون التكنولوجي والقيمة المضافة وتعزيز الإيرادات غير النفطية وسياسات عامة استباقية مبنيه على دراسة وفهم عميق واستشراف للمستقبل.
شركات مجتمعية 
وبين أن الشركات المجتمعية في المحافظات من شأنها إيجاد الأرضية المناسبة التي تعمل على حشد مدخرات وخبرات وتجارب أبناء المجتمع في محافظة معينه وتوجيهها في تمويل المشروعات الإنتاجية والمساهمة في تعزيز ريادة المحافظة في مختلف المجالات والقطاعات، بما ينعكس على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والفرص المتاحة في المحافظة، وتوفير فرص العمل لأبنائها والالتزام بالمسؤولية الاجتماعية تجاه تنمية وتطوير المحافظة.
وتطرق إلى فوائد الشركات المجتمعية والتي منها أنها تكون أحد مراكز التصنيع الوطني وبناء جسر مع الحكومة والشركات المحلية والشركات المتعددة الجنسيات وإحداث نقلة نوعية في الاقتصاد العماني وتغيير موازين القوى بين القطاعين العام والخاص ومعالجة الاختلالات في الميزان التجاري وميزان المدفوعات من خلال زيادة الإنتاج المحلي والتصدير والحد من الاستيراد
كما قال، إن من ضمن الفوائد أيضا تعبئة المدخرات المحلية وتوجيهها لخدمة العملية الإنتاجية بدلاً من توجيهها للاستهلاك والواردات و التركيز على الأسرة والمجتمع وليس الفرد، الأمر الذى يمنحه قوة دفع أكبر للنهوض وتخفيف العبء المالي والتنظيمي الملقى على عاتق الحكومة. مؤكدا أن شرط النجاح مرتبط بشكل أساسي بإدارة هذة الشركات وحوكمتها وارادة المجتمع.
كما أوضح أن دور الحكومة يجب ان يقتصر على توفير الاطر والتشريعات واللوائح المنظمه لعمل الشركات المجتمعية والتعاونيات الاستهلاكية بحيث تعمل على تهيئة البيئة الملائمة لنهوضها معتبرا أن تقديم دعومات مادية مباشرة لتعاونيات من شأنه خلق تشوه ويناهض مبادئ التنافس العادل في السوق.

تأمين الأمن الغذائي من ناحيته، استعرض أنور جاسم بورحمه خبير تأسيس التعاونيات الاستهلاكيةالتجربة الكويتية التي بدأت في عام 1941 من خلال طلبة في المدرسة المباركیة ثم تلاھا انشاء جمعیة استھلاكیة خاصة لموظفي دائرة الشؤون الاجتماعیة عام 1955 وجمعیة ثانیة خاصة بموظفي دائرة المعارف لتتطور التجربة وصولا إلى تشكیل اتحاد الجمعیات التعاونیة الاستهلاكیة في عام 1971 متطرقا إلى اللائحة التنظيمية والفروع المستثمرة والهيكل التوظيفي في التعاونيات ونظام العمل التعاوني.وقال، إن أساس انشاء التعاونیات كان الأمن الغذائي لدولة الكویت  والمحافظة علو توازن الاسعار للسلع الغذائیة الاساسیة حيث أن كل المواد الغذائیة بالجمعیة یضع علیھا ھامش ربح 10% فقط، مبينا أن الجمعیات التعاونیة تمثل ركنا أساسيا بكل منطقة سكنیة بحیث تكون من ضمن البنیة الأساسية لكل منطقة.
تحديات كما استعرض جمال بن عبدالله الملا نائب رئيس مجلس إدارة تعاونية عمان التجربة التي بدأت بمبادرة في عام 2015 بولاية شناص بمحافظة شمال الباطنة عبر شركة مساهمة مقفلة واجهت عددا من التحديات منها الثقافة والمعرفة بالتعاونيات لدى الناس وأيضا تحد يتمثل في أنه لا يمكن منافسة شركات ضخمة من خلال فرع واحد خاصة وأن ضبط سعر المنتج يعتمد على ما يتم سحبه من المورد وبالتالي كان لابد من لاتوسع في الفروع لتواجه تحدي التمركز السكاني في المدن الكبرى والاحتياج لرأس مال أكبر.وبين أن تعاونية عمان تمكنت من افتتاح فرعين بالسويق وفرع في بركاء وهناك فرع يجري العمل على انشائه في ولاية البريمي ورغم ذلك هناك منافسة قوية ما دفع تعاونية عمان إلى التوجه إلى شريك استراتيجي ذو خبرة الأمر الذي يعمل على ادخل قطاع التجزئة في مرحلة جديدة.
وقال إن هناك حاجة لتجاوز التحديات الموجودة والتي تتمثل في التوريد حيث أن السحب العالي من المورد يتطلب فتح فروع جديدة والدخول في نموذج جديد لتخفيض تكلفة الإنتاج وهو نموذج المنتجات الخاصة بالتعاونيات لتقديم أسعار تنافسية مع توطين الصناعات المحلية.وبين أن التحد الثاني يتمثل في تكلفة الكهرباء التي كانت تعرفتها مدعومة في السنوات السابقة والقطاع يحتاج إلى تشغيل أجهزة تكييف ومبردات ليضاف إلى التحديات أيضا رسوم الجمارك كما أن التعاونيات تحتاج إلى تخصيص قطع أراض للحصول على مواقع حيث لا يمكن تجميد مبلغ كبير لشراء قطعة أرض أو الاستئجار بمبلغ كبير كما أن الشركة تحتاج إلى أصول تضمن مستقبلها.وقال إن النموذج الأفضل هو تأسيس شركة وإدراجها في البورصة تكون لكل العمانيين والحكومة شريكة فيها.
تجربة الهند
من ناحيته، يرى الخبير الاقتصادي مرتضى بن حسن بن علي أن فكرة التعاونيات هي فكرة قديمة قدم البشر ولكن بمفهومها الحديث جاءت بعد الثورة الصناعية في اوروبا وبدأت من بريطانيا حسب احتياجات معينة منها تدريب العمال على استخدام الآلة وتشغيل النساء والدفاع عن حقوقهن وتطورت مع زيادة الاحتياجات لتشمل مجالات زراعية وصناعية وانتشرت من بريطانيا في أوروبا ومن ثم إلى بقية دول العالم.
واستشهد مرتضى بن حسن بن علي بالتجربة الهندية حيث تضاءلت الحاجة فيها إلى التعاونيات الاستهلاكية بعد أن كانت تجد دعما حكوميا وكان في دلهي وحدها في عام 1990 نحو 100 جمعية استهلاكية لم يتبق منها سوى 5 أو 6 جمعيات وكان العصر الذهبي للجمعيات في الثمانينيات قبل أن تبدأ المتاجر الكبرى في التوسع في التسعينيات، مشيرا إلى تغير رغبات المستهلكين في التسوق.
كما قال إن هناك جمعيات كثيرة أفلست ولم تستطع تحقيق أهدافها حيث أن الفساد يهدد تجارب التعاونيات ونجاحها مرتبطا ارتباطا وثيقا بالدعم الحكومي، مختتما حديثه بالقول إذا أردنا أن نفكر في جمعيات فلابد ان تكون في مناطق محددة ولخدمات معينة وعلينا أن نتجه إلى أفكار مثل دعم الفلاحين وتحسين المنتج.
حوكمة 
كذلك قال المهندس صالح بن محمد الشنفري الرئيس التنفيذي للشركة العمانية للاستثمار الغذائي القابضة إنه لا بد من التركيز على الحوكمة وإيجاد أطر للحفاظ على الكيان من الانهيار وأهمية أن يكون هناك مبادرة وفهم لاحتياجات التوسع من أدوات وآليات وإمكانيات والتعاطي مع الواقع بشكل تجاري ومهني قائم على الأسس التجارية الصرفة.
وقال إن هناك عددا من المسائل ينبغي وضعها في الاعتبار أولها ان الأسواق مفتوحة وتزداد انفتاحا وتتجه للتوسع ولا يوجد لاعب واحد في السوق فهناك البقالات والباعة الجائلين والتجارة الإلكترونية.واضاف إنه مع وجود قصص نجاح جاءت نتيجة حاجة فعلية أو قصص فشل ومع البعد عن النظرة الشخصية المنغلقة نتساءل هل التوسع في فتح المحلات الكبرى ومن ثم التعاونياتكضغط آخر ماذا سيكون مصير المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. ومن هنا ينبغي وضع آلية للتعاون معهم والوضع في الاعتبار تنظيم المسافات بين التعاونيات والمتاجر والبقالات.كذلك قال إنه من المهم طرح الأسهم في الاكتتاب العام فذلك سيكون أجدى وأسرع في جمع المجتمع العماني نحو المشروع وأيضا تعميم الملكية للجميع ووجود قوة تفاوضية اعلى مع الجهات المختصة مختتما حديثه بالقول إذا أوجدنا هذا المناخ فإن ذلك سيعمل على إنجاح التعاونيات الاستهلاكية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*