يكتبه: د. رجب العويسي|
مع الحرص السامي لجلالة السلطان المعظم على استنهاض القطاعات التنموية الواعدة عامة وقطاع السياحة بشكل خاص، والطموح الحكومي في جعل السياحة أحد محطات التنويع الاقتصادي، الا ان واقع العمل السياحي لم يكن بالمستوى المطلوب تخطيطا وتنظيما وتسويقا، وما زال الموقف التنفيذي لم يلامس الأولويات أو يشخّص الحالة السياحية العمانية بكل تفاصيلها واضعا اليد على عمق المشكلة.
كما أن المرسوم السلطاني رقم (101/2020) بشان إصدار نظام المحافظات والشؤون البلدية الذي أعطى المحافظات مسؤولية الاستثمار في مواردها، يطرح على المنظومة السياحية إعادة النظر في مسار التطوير السياحي وترتيب أولوياتها الخدمية والتنموية والاستثمارية الموجهة نحو هذا القطاع بما يتناغم مع مستجدات التحول، بما يؤكد على أهمية الانطلاقة من الاولويات المشتركة، والاتجاه نحو المنظور السياحي المتوازن الذي يفكر عالميا ويطبق محليا، مراعيا في ذلك ظروف المجتمع العماني وهويته السياحية، والبدء بمعالجة النواقص والانحرافات والهدر الحاصل في هذا القطاع، وقياس حجم الموارد التي تصرفها الدولة مع طبيعة المنجز السياحي المتحقق.
وفي الوقت الذي يتوقع فيها المواطن التئاما لعقد هذه الحلقة المفقودة، ما زالت التصريحات السياحية والافكار المطروحة تعيد نفسها، وتدور في حلقة مفرغة، وما زال الجهد المقدم لا يلامس الواقع، ولا يعانق الطموح، ذلك أن اي تفكير في تطوير سياحي مستدام يجب ان يركز اولا على الاولويات السياحية، وإعادة تأهيل البيئات السياحية القائمة والتثمير فيها، ورسم معالم نجاحها بالشكل الذي ينعكس على شعور المواطن ويقينه بان هناك منجزا سياحيا يأخذ طريقه للتحقق وفرصته في النمو، ويحظى بقبول مجتمعي له، كما يتناغم مع ما يطرحه المواطن عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وأظهرت الفجوة الحاصلة بين السياسات والخطط والمبادرات وواقع العمل السياحي الحاجة إلى تقارب الافكار كما هو تقارب الشعور، والتحول الى الطرح السياحي المتوازن المعبّر عن معطيات الحالة العمانية، والمجسّد لفقه التغيير في العمل السياحي الكفء، وان تزول عقدة الفوقيات والظواهر الصوتية الوقتية، وتبدأ مرحلة حاسمة في العمل السياحي قائمة على الشفافية والصراحة والمسؤولية وصدق الارادة وخلق وإعادة انتاج روح السياحة في حياة المواطن وفكره وقناعاته.