مقال| السياحة وانتاج القيم العمانية


يكتبه: د. رجب العويسي|

لعل ما يجعل إيماننا بأن السياحة في سلطنة عُمان قادرة على المنافسة وتحقيق حضور لها في خريطة السياحة العالمية، رغم الإدارة غير الطموحة لهذا الملف وما تتسم به من بطء وترهل وتعقد في الإجراءات وضعف مؤشرات التعاطي بين الطموح والإنجاز الفعلي وتغييب المواطن من ميدان العمل السياحي ، هو نهج الأصالة والمعاصرة الذي اختطته السياحة العمانية منذ سبعينيات القرن العشرين في جعل السياحة تعبير عن ثقافة المجتمع العماني وقيمه وهويته ومحطة تسويقية تبرز ما يمتلكه الإنسان العماني من إرث حضاري زاخر بالكثير من التفاصيل التي باتت تشكل أهم معايير استدامة السياحة وقدرتها على التمازج من ثقافات الشعوب وقناعات السيّاح.
على أن ما تمتلكه سلطنة عُمان من ميزة تنافسية ثابته، عززتها القيم الحضارية العالمية للإنسان العماني والتي انعكست على تحقيق فرص التعايش والتسامح والسلام والوئام، وما عرف عن أبناء عُمان من سماحة وكرم واحترام للآخر المختلف يصنع من السياحة العمانية نموذجا حضاريا عالميا في المنافسة وإنتاج القيم وصناعة اقتصادها، ونسج خيوط اتصال مع مختلف حضارات العالم وثقافاته مع المحافظة على البناء الفكري المتزن للإنسان العماني في مواجهة التشدد والأيديولوجيات ومصادرة الفكر، لتؤسس قيم الحوار والتعايش مع الآخر، وحسن التعامل معه، والتفاعل الثقافي، والتواصل الحضاري مع كل القادمين لهذا الوطن، مساحات قوة، تضع عُمان محطة سياحة المستقبل تستوعب كل شعوب العالم المحبة للسلام والتنمية .
لذلك فإن حصول سلطنة عُمان على العديد من الجوائز الدولية واختيارها أفضل وجهات السياحة الثقافية والتراثية في العالم  في ظل رصيدها الثقافي المتنوع من قلاع وحصون وبيوت أثرية ومتاحف وموروث ثقافي، ومراكز إشعاع حضاري للفن الأصيل والموسيقى تجسده دار الأوبرا السلطانية، يصنع لها ميزة تنافسية قادمة، يبقى الرهان عليها بمستوى الجدية والتفاعل والاستشعار لدور الثقافة والتراث في صناعة اقتصاد المستقبل، وعبر التثمير في مجال التراث الحضاري والثقافي المادي وغير المادي وإعادة تطويره وتنميته وتشجيع حركة التفاعل العالمي معه لبناء اقتصاد الثقافة القادم، ليضيف إلى اقتصاد السياحة محطات متجددة تضع القائمين على هذه القطاعات أمام مسؤولية التفكير خارج الصندوق والعمل المخلص. 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*