الدقم – العُمانية|
يعد ميناء الدقم ميناء بحريا متعدد الأغراض وبغاطس عميق، ويتمتع بموقع استراتيجي على طريق الشحن الدولي بين الشرق والغرب وقريب من الأسواق الناشئة الكبيرة في إفريقيا والهند ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ويعد ميناء الدقم الميناء الوحيد في سلطنة عُمان الذي يقع في منطقة حرة ويتكامل مع المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم مما يتيح للمستثمرين جني فوائد الحوافز التشغيلية والمالية التي تقدمها الحكومة حيث من المأمول أن يصبح مركزا جديدا للنمو الاقتصادي في السلطنة.
وتتم إدارة وتشغيل الميناء عبر شركة ميناء الدقم، وهي شركة مشتركة مناصفة بين الحكومة العُمانية ممثلة في مجموعة “أسياد” بنسبة 50 بالمائة والتحالف البلجيكي بين ميناء “أنتويرب” الدولي ومجموعة “ديمي” تحت مسمى “كونسورتيوم ميناء أنتويرب” بنسبة 50 بالمائة، ليستفيد الميناء من الخبرات الواسعة لميناء “أنتويرب” الدولي باعتباره ثاني أكبر ميناء في أوروبا، واهتمامات مجموعة “ديمي” المتنوعة في مجالات الحفر والتعميق البحري والهندسة البحرية وتطوير الموانئ بالإضافة إلى الطاقة المتجددة.
امتياز
ومُنحت شركة ميناء الدقم امتيازا لمدة 28 عاما للتعاون في استثمار ميناء الدقم وتشغيله وإدارته والترويج له بموجب المرسوم السلطاني رقم (28 / 2015) وتضطلع الشركة بثلاثة أدوار رئيسة تتمثل في سلطة الميناء، ومشغل المحطات ومالك أراضي الاستثمار، نظرا لكونه ميناءً متعدد الأغراض، فإن أنشطته تشمل العديد من محطات الشحن المخصصة لمناولة جميع أنواع السفن والبضائع بما فيها الحاويات والبضائع السائبة والبضائع ذات الأبعاد الكبيرة والضخمة والبضائع الجافة والمواد السائلة بالإضافة إلى سفن الدحرجة والسفن البحرية.
وتطور شركة ميناء الدقم والشركات التابعة لها وتروج للأراضي القابلة للتأجير لمختلف الأنشطة الصناعية واللوجستية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وفقا لعقد الامتياز، على مساحة تبلغ 5000 هكتار منها أراضٍ صناعية بمساحة ألفي هكتار، وأراضٍ لوجستية تقدّر بألف هكتار.
وقد صُمّم الميناء ليكون بالقرب من مناطق امتياز مشروعات النفط والغاز والتعدين في سلطنة عُمان ووجوده بمنطقة تمتاز بثروات هائلة من الموارد السمكية ليتكامل مع ميناء الصيد بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم لجذب الصناعات السمكية ومشروعات الاستزراع السمكي.
مرافق متكاملة
وتشتمل مباني الميناء على مكاتب إدارية وقاعة للمراقبة البحرية عن طريق برج للمراقبة يمكن من خلاله مراقبة حركة السفن في حوض الميناء الذي يصل ارتفاعه إلى حوالي 55 مترا ومرافق متكاملة للموردين والمصدرين تشمل المحطة الواحدة التي يتم من خلالها إنجاز وتخليص المعاملات المتعلقة بالمستوردين والمصدرين عبر الميناء ومكاتب تصاريح المرور ومباني التفتيش المخصصة للجمارك ووزارتي الصحة والثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ومباني الخدمات الكهربائية وخزان مياه ومكافحة الحرائق إضافة إلى أعمال البنية الأساسية الأخرى وطرق داخلية بطول 8 كيلو مترات ومواقف للسيارات.
وأكد ريجي فيرميولن الرئيس التنفيذي لشركة ميناء الدقم أن ميناء الدقم هو جزء من مشروع المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم الذي تروج له حكومة سلطنة عُمان، ومن المقرر أن تكون أكبر منطقة اقتصادية خاصة متكاملة في الشرق الأوسط وتصنف من بين الأكبر في العالم حيث تبلغ مساحتها 2000 كيلومتر مربع، وتمتد على مسافة 90 كيلومترًا من الشريط الساحلي المطل على بحر العرب، وهي مقسمة إلى مناطق مختلفة لاستيعاب المشروعات الصناعية، وأنشطة التخزين والخدمات اللوجستية، والمناطق السكنية والسياحية، مدعومة بشبكة طرق ذات مستوى عالمي، ومطار دولي، وميناء بحري متعدد الأغراض (ميناء الدقم)، ومرفأ صيد كامل التجهيز، فضلًا عن أكبر حوض جاف في المنطقة.
وأوضح أنه من المشروعات الرئيسة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، مشروع مصفاة الدقم حيث تبلغ طاقتها الإنتاجية 230 ألف برميل يوميا وهو قيد الإنشاء حاليًا على مساحة 900 هكتار.
طموح
وأشار إلى أن ميناء الدقم وكذلك الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة تركز على تحقيق طموح السلطنة في تنويع الاقتصاد بعيدا عن الوقود الأحفوري، وتتوخى النمو المستقبلي القادم من المشروعات الخضراء والمستدامة والمتعادلة من حيث الأثر الكربوني. علاوة على ذلك، تقدم المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم لمستثمريها بعضًا من أفضل الحوافز والمزايا على مستوى العالم، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية للشركات، وحركة البضائع المعفاة من الرسوم الجمركية، وحرية حركة رأس المال. وتضيف اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية وسنغافورة المزيد من الجاذبية لسلطنة عُمان بوصفها وجهة استثمارية للمستثمرين العالميين.
وأضاف لوكالة الأنباء العُمانية، أن الشركة تسعى إلى تطوير ميناء الدقم ليصبح مركزًا لوجستيًّا متكاملا ومتعدد الوسائط، يشتمل على روابط بحرية وشبكة طرق ترتبط على نحو جيد ومطار يعمل بكامل طاقته مما يجعله مركزا استراتيجيًّا جاذبا. ويطور ميناء الدقم أيضا من عملياته نحو تدفقات البضائع الأكثر هيكلية بطبيعتها. ويتطلب هذا الارتقاء بمستوى مشاركة القطاع الخاص، سواء بالنسبة لعمليات المحطات بالميناء أو لتطوير الخدمات اللوجستية داخل الميناء وحوله.
وأشار إلى أنه نتيجة لذاك يتخذ ميناء الدقم خطوات ملموسة في إشراك القطاع الخاص، ويتجلى ذلك على وجه الخصوص في المناقصة الجارية لتعيين مشغل محطة دولية لمحطة الحاويات الجديدة.
وعلى الرغم من أن الميناء كان في مرحلة العمليات المبكرة، وبينما كانت البنية الأساسية للميناء قيد الإنجاز، فقد حقق ميناء الدقم بالفعل بعض الإنجازات التجارية الأولى في مجموعة واسعة من المشاريع، أبرزها التعامل بنجاح مع استيراد بضائع لمشروع إنشاء مصفاة الدقم (خاصة البضائع ذات الأبعاد الكبيرة) وكذلك إنشاء مشروعات بارزة أخرى قادمة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
نجاح
كما حقق نجاحا في مناولة عمليات أنابيب الحفر وملحقاتها واكتسبمكانة بارزة في دعم قطاع الثروة السمكية، ففي أكتوبر 2020، شحنت أول صادرات من المنتجات السمكية عبر ميناء الدقم بشحن زيت السمك إيذانًا ببدء ناجح لمشروعات الثروة السمكية في ميناء الدقم.
واوضح أنه قبل مرحلة التصدير الأولى، وقعت شركة ميناء الدقم في أغسطس 2020 مذكرة تفاهم مع وزارة الثروة الزراعية و السمكية وموارد المياه لضمان توافر مرافق الفحص الصحي ومراقبة الجودة في ميناء الدقم لإصدار شهادات التصدير – الاستيراد اللازمة تتيح الشهادة تصدير البضائع الغذائية المختلفة واستيرادها عبر ميناء الدقم، لا سيما الأسماك المجمدة، ومسحوق السمك الجاف، واللحوم المجمدة ومنتجاتها، والخضروات (المبردة أو الجافة)، والدواجن والماشية، والمواد الغذائية المجمدة أو الجافة. وفي يناير 2021، حُقق إنجاز كبير مع بدء أولى الصادرات على الإطلاق من الأسماك المجمدة في حاويات.
وقد دشنت شركة الوسطى للصناعات السمكية المملوكة للدولة عمليات الصيد السطحي بثلاث سفن بها مرافق لتجميد الأسماك، وفُرغت الأسماك المصنعة بجانب الرصيف التجاري للتصدير في حاويات مبردة.
وتزامنا مع انطلاق عمليات الصيد البحري بالميناء، بدأت شركة “ميرسك لاين”، التي تعد أكبر الخطوط الملاحية على مستوى العالم، في استخدام ميناء الدقم اعتبارًا من يناير 2021، حيث شرعت في شحن الدفعة الأولى من الصادرات المبردة.
نمو مستدام
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة ميناء الدقم أن طموح ميناء الدقم يتمثل في تحقيق نمو مستدام طويل الأجل، مع التركيز على تطوير المشروعات الاستراتيجية، بما يتماشى مع رؤية عمان 2040، وبما ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة للموانئ للأمم المتحدة.
ومن أهم هذه المشروعات مشروع هايبورت الدقم الذي يأتي على رأس المبادرات الخضراء ويستهدف إنتاج كميات كبيرة من الهيدروجين الأخضر (من الطاقة المتجددة) كوقود للمستقبل ومشتقاته وتصدير هذه المنتجات عبر ميناء الدقم.
يذكر أن هايبورت الدقم هو شراكة بين أوكيو للطاقة البديلة في سلطنة عُمان ومجموعة ديمي البلجيكية حيث وقع المشروع اتفاقية تعاون مع شركة الطاقة العملاقة “يونيبر”، تقدم بموجبها “يونيبر” خدمات هندسية وتتفاوض بشأن شراء حصري للأمونيا الخضراء.
ويقع المشروع على مقربة من الميناء (بالقرب من رصيف السوائل لتسهيل تصدير المنتجات السائبة) وسينتج الهيدروجين الأخضر من خلال عملية “التحليل الكهربائي” من الطاقة المولدة من مصادر متجددة (طاقة الرياح).
ومن المتوقع أن يحول المشروع ميناء الدقم إلى مركز لتجارة الهيدروجين الأخضر وتوزيعه، ويضع ميناء الدقم على خريطة الهيدروجين العالمية في اقتصاد الهيدروجين الناشئ وترسيخ مكانته بمرور الوقت مع ظهور طرق شحن جديدة للهيدروجين.
كما سيتيح للميناء الاستفادة من البنية الأساسية الحالية له ومساحة الأرض الشاسعة المتوفرة في محيطه لاستيعاب إنتاج الهيدروجين ومعالجته وتخزينه واشتقاق المنتجات بما في ذلك الأمونيا والميثانول، مما يمكنه من تحقيق مكانة ريادية في تجارة الهيدروجين بالمنطقة.
موقع مثالي
وأكد المهندس هاشم بن طاهر آل إبراهيم مدير عام الدعم التجاري لميناء الدقم على أن الميناء يتمتع بموقع مثالي لخدمة الخط الرئيس للممرات التجارية الشرقية والغربية، حيث يقع قبالة بحر العرب وخارج مضيق هرمز. وموقعه يجعله جذابا للغاية لخطوط الشحن العالمية لتوصيل الخدمات وخدمة الأسواق الكبيرة والمتطورة لشبه القارة الهندية والأسواق الأفريقية ودول مجلس التعاون الخليجي، ويمكن الوصول إليها مباشرة من الدقم.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العمانية، أن ميناء الدقم يوفر رصيفا طوليا بطول 2.2 كيلومتر، يسمى الرصيف التجاري، وغاطسًا عميقًا يبلغ 18 مترا و19 مترا على طول قناة الدخول.
ويضم العديد من محطات الشحن بما في ذلك محطات البضائع السائبة والسائبة الجافة والبضائع ذات الأبعاد الزائدة ومحطات الحاويات. ويتيح رصيف ميناء الدقم للمواد السائلة تصدير السوائب السائبة ويتكامل مع مصفاة الدقم عبر خطوط أنابيب لتصدير المنتجات، مما يجعل الميناء ميناء متعدد الأغراض مع بنية أساسية ذات مستوى عالمي، ومرافق متعددة الوسائط مع طرق داخلية مؤهلة.
وأشار إلى أن شركة ميناء الدقم بدأت في ديسمبر 2020 تشغيل البوابات ومباني الخدمات المصاحبة واكتملت أعمال بناء الرصيف التجاري والبنية الأساسية وتشغيل مبنى مقرها الجديد في يناير 2021.
ازدياد الحركة
وأوضح أن الحركة بالميناء سوف تزداد بشكل ملحوظ مع استلام المزيد من الرافعات المتخصصة في عمليات التحميل، ما سيعمل على رفع وتيرة العمل في الميناء مشيرا إلى أن ميناء الدقم تمكن من التعامل مع مشروعات الشحن الكبرى والشحنات الصلبة الضخمة وسهّل حركة الحاويات الداخلة إلى الميناء والخارجة منه كما قدم الدعم لعملية بناء مرافق ومشروعات منطقة الدقم الاقتصادية.
وأشار إلى أن الميناء يقدّم حزما متنوعة من الخدمات، كمنشآت منع التلوث (ماربول) وإمداد المياه العذبة وتزويد السفن بالوقود وعمليات النقل من سفينة إلى أخرى في أي من مناطق الرسو التابعة لها، بالإضافة إلى خدمات جمع نفايات السفن ومعالجتها.
وقال إن منشآت الميناء توفر بيئة عمل مشجعة تعكس مدى تطور سلطنة عُمان في قطاع الموانئ من حيث تزويد الموظفين بأدوات تواصل حديثة وخصائص المكاتب المشتركة وتحسين التفاعل والتواصل بين فرق العمل والشركاء في المنطقة، الأمر الذي ينتج عنه تحسين مدة الاستجابة للعمليات المرتبطة بأعمال الميناء، واتخاذ القرارات في وقت أسرع، وتحقيق مستوى أعلى من التميز للعملاء.