مكتب حفظ البيئة يكمل 42 عاما على إنشائه
البيئة في السلطنة.. صون وحماية للحياة البرية
السلطنة من أوائل الدول التي استحدثت نظم المحميات من حيث القوانين والإدارة
مسقط- العمانية ادركت السلطنة منذ وقت مبكر أهمية الحفاظ على نقاء البيئة والحد من تلوثها لإيمانها بأهمية حفظ الموارد الطبيعية للأجيال الحالية والقادمة.
وفي الوقت الذي تنشد دول العالم البيئة النظيفة الصحية التي تتميز بنقاء الهواء من جميع ملوثاته ونظافة الأرض من أية مخلفات صناعية والحفاظ على جميع مصادر البيئة ومواردها من الاستنزاف والبحث عن حلول جذرية للتقليل من التلوث البيئي، اهتمت السلطنة منذ وقت مبكر بالحفاظ على نقاء البيئة والحد من تلوثها إيمانا منها بان التنمية الشاملة لا يمكن أن تحدث إلا في ظل وجود استدامة البيئة التي تحفظ الموارد الطبيعية للأجيال الحالية والقادمة معا.
توازن
وعملت الحكومة على إيجاد توازن بين المتطلبات والاعتبارات البيئية وترشيد استخدام الموارد المتاحة والتنمية والتطوير في مختلف المجالات الأمر الذي جعل السلطنة تعد من أوائل الدول الفاعلة في هذا المجال على مستوى العالم لما تتمتع به من موارد وموائل طبيعية بكر تعيش عليها العديد من الكائنات الحية.
وتمثل الحياة البرية في السلطنة واحدة من النظم البيئية التي تسعى الحكومة لصونها في تلك المحميات الطبيعية التي تسهم في بقاء الأنواع والتي في حقيقة الأمر لم تكن مفهوما جديدا على العمانيين فحماية الحياة البرية وضمان استدامتها كانت مبدأ عمل عليه أجدادنا منذ القدم فكانت محميات الحياة البرية منتشرة في المناطق أمكن من خلالها المحافظة على الحياة البرية في أقسى ظروف الجفاف وحمايتها في الوقت نفسه من الصيد.
وما زالت هذه المحميات قائمة اليوم في المناطق الجبلية ويمنع فيها رعي الحيوانات المنزلية ويتم جمع الأعلاف يدويا حتى لا تنضب موارد تلك المحميات الطبيعية
وكدور حكومي بارز يلتزم مكتب حفظ البيئة منذ تأسيسه عام 1973 بالتركيز على دراسة الأنواع النادرة والمهددة بخطر الانقراض في تلك المحميات حسب لائحة
الاتحاد الدولي لصون الطبيعة بهدف الحفاظ على الإرث الطبيعي الذي تزخر به السلطنة وإعطاء البيانات العلمية الدقيقة لوضع كل نوع من الأنواع المهددة بخطر الانقراض لتسهيل مهمة اتخاذ القرارات الكفيلة بالمحافظة عليها عبر تنسيق وثيق مع الجهات ذات الصلة والاختصاص.
جهود مضنية
وقام مكتب حفظ البيئة التابع لديوان البلاط السلطاني بجهود خلال العقود الماضية لمنع انقراض بعض الحيوانات التي تعيش في البيئة المحلية أشهرها على الإطلاق حيوانات المها العربية التي كانت يوما ما تعيش طليقة وفي مأمن في جدة الحراسيس بمحافظة الوسطى، وصون الأعداد المتبقية من النمر العربي من خلال مشروع مسح وصون النمر العربي في سلسلة جبال ظفار، وتوطين الغزال الرملي في محمية الكائنات الحية والفطرية بعدوان قلت أعداده بشكل كبير، ويقوم من خلال مناشطه التوعوية بتوعية الجمهور بأهمية الحفاظ على الحيوانات المهددة بالانقراض، وتشجيعهم على المشاركة في دعم جهود حماية الحياة البرية وضمان حق الحيوانات المهددة بالانقراض في العيش في مواطنها الأصلية في البرية.
وتعتبر السلطنة من أوائل الدول في المنطقة التي استحدثت نظم المحميات من حيث القوانين أو الإدارة وهي اليوم تتمتع بسمعة طيبة في الأوساط البيئية الدولية لهذا التقدم الكبير في فرض الحماية على المناطق التي تتميز بموارد حيوية مهمة قد يصنف بعضا بأنه فريد من نوعه أو أنه تعرض لمخاطر الاستغلال الجائر كما تعتبر الحياة البرية عنصراً مهما في تركيبة النظم البيئية والتي تُسير الحياة في السلطنة وانقراض نوع معين من مفرداتها يؤدي بشكلٍ أو بآخر إلى الإخلال بتلك الأنظمة، ومن المحتمل أن تؤدي إلى انقراض أنواع أخرى كانت تدور في نفس سلسلتها الغذائية، وبالتالي قد نواجه تحديات بيئية تعرض مواردنا الطبيعية للخطر.
ويضطلع مكتب حفظ البيئة منذ إنشائه سنة 1974 وحتى اليوم حيث يكمل هذا العام 42 عاماً على إنشائه بحماية وصون تلك الحياة بناء على أوامر سامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ من خلال إدارة خمس محميات طبيعية ومجموعة من المشاريع البيئية تساهم بشكل مباشر في حماية تلك الأنواع والأنظمة البيئية من خطر الانقراض المحدق بها.
وتؤمن محمية الوسطى العودة لابن سولع والريم بعد حكايات الانقراض والعودة للمها العربية ومنذ العثور على آخر حيوان مها وجد مقتولا ، وما حدث بعد ذلك من جهود
ناجحة لإعادتها إلى موطنها الحالي في جدة الحراسيس أرض المحمية في محافظة الوسطى ها هي ابن سولع الجميلة تعود لترتع في محمية الكائنات الحية والفطرية في صحة ومأمن من المخاطر التي قضت على الجيل الأول منها وهي في تزايد ملموس صحي بيئيا، بصحبة مجموعة من الحيوانات البرية كالوعل النوبي والغزال العربي والوشق العربي والذئب العربي والثعلب الصحراوي وأكثر من 20 نوعا من العطاءات والمخلوقات الصغيرة كالقوارض والحشرات في محيط حيوي تتنوع فيه النباتات لتشمل 250 نوعا محليا لها فوائد طبية وتجميلية ، بالإضافة إلى أنه يعيش على سماء وارض المحمية 30 نوعا مختلفا من الطيور على مدار السنة أبرزها طيور الحبارى والقطا المتوج.
كما أن المحمية وبفضل ما يبذله مكتب حفظ البيئة من جهود لصونها يعيش عليها العديد من الكائنات الحية التي يعود بعضها إلى ملايين السنين “كغرشوف الماء” الكائن القشري العجيب الذي يظل بيضه لسنوات تحت الرمل إلى أن تعيده الأمطار إلى الحياة.
رعاية غزلان الريم
ويقوم المكتب حاليا برعاية غزلان الريم التي تم توطينها مؤخرا في أرض المحمية لتعود قصة وجودها من جديد مستلهما من قصة نجاح توطين المها العربية مصدر
إلهام له لإكثار الريم بعد ان تناقصت أعدادها بشكل كبير في منطقة الوسطى موطنها الطبيعي وهي في وضع الحجز حاليا حتى يتم إكثارها بالشكل الطبيعي وتأمين
الحماية لها قبل إطلاقها في براري المحمية ؛ وتوجد خطة لدى المكتب لتنمية التنوع الأحيائي بالمحمية من خلال تنفيذ مشاريع بيئية لدراسة الأوضاع الحرجة لبعض
الكائنات الحية في المحمية بالإضافة إلى تطوير السياحة البيئية من خلال إنشاء منتجع سياحي وقرية للمشغولات الحرفية.
ورغم ما يواجهه مكتب حفظ البيئة من تحديات مقابل جهوده في حماية الوعل العربي بمحميتي السرين الطبيعية المحمية الواسعة الامتداد، والتي تمتد مساحاتها بثلاث ولايات وهي العامرات وقريات بمحافظة مسقط، وولاية دماء والطائيين بمحافظة شمال الشرقية، ومحمية رأس الشجر الطبيعية الواقعة في ولاية قريات
يستمر المكتب بعمليات الصون والحماية لهذا الحيوان الخجول والكائنات الحية الأخرى التي تسود في المحميتين من التهديدات التي تواجهها كتجزئة مواطن عيشها عبر شق الطرق خلالها والتوسع العمراني داخل المناطق الجبلية والمنافسة الشديدة على المرعى من قبل قطعان الماشية المحلية، من خلال نشر مراقبيه في تخوم المحميتين في دوريات لعدة أيام مع اتصالهم الدائم بمركز المحميتين لتسجيل مشاهدات الوعل والحيوانات البرية الأخرى والإبلاغ عن حوادث الصيد والاعتداءات على الحيوانات وإعطائهم الصلاحيات بعدم السماح بدخول المحميتين إلا بتصريح من المكتب كما قام المكتب ببناء عدة نقاط للمراقبة.
تزايد الوعل
ونتيجة لتلك الجهود لوحظ أن أعداد الوعل تزايدت بشكل ملحوظ في المحميتين بسبب إجراءات الحماية التي ينفذها المكتب بصرامة، كما سجلت الكاميرات الفخية
التي ينصبها المكتب في أماكن متفرقة في المحميتين العديد من الكائنات الحية الأخرى التي تعيش على أرضهما مكونة بذلك محيطا حيويا قادرا على احتضان تلك الكائنات وتوفير الغذاء اللازم لها بعيدا عن المخاطر التي قد تواجهها وتهدد بقاءها في مواطنها الطبيعية.
وتعتبر محميتا خور صلالة الطبيعية في مدينة صلالة بمحافظة ظفار، ومحمية الخوير الطبيعية الواقعة في قلب العاصمة مسقط ؛ من احدث المحميات التي ضمت
مؤخرا مهام الإشراف عليها ضمن اختصاصات مكتب حفظ البيئة. فمحمية خور صلالة الطبيعية تقع في مدينة صلالة بمحافظة ظفار جنوب شارع السلطان قابوس على ساحل بحر العرب وتبلغ مساحتها 57 هكتارا وقد تم اقتراحها ضمن المناطق المرشحة كمحميات طبيعية من قبل الاتحاد الدولي لصون الطبيعة وصنفت كمحمية طبيعية للمناطق الرطبة عام 1986 وهي واحدة من
الأراضي الرطبة الواعدة في السلطنة نظرا لكونها رئة للتنوع الحيوي في قلب مدينة صلالة ، ومحطة رئيسية للعديد من الطيور المهاجرة حيث تؤمن المحمية الغذاء
والموئل الطبيعي المثالي طوال فترة الشتاء لأسراب تلك الطيور قبل أن تكمل مشوار هجرتها.
وتشير الدراسات إلى وجود (9) أنواع من الأشجار والنباتات في المحمية من أهمها أشجار القرم والتي قد يصل ارتفاعها إلى 10 أمتار ونبات البوص ، كما سجلت
الدراسات ما يربو على (80) نوعٍا من الطيور المائية في المحمية إضافة إلى وجود أنواع مختلفة من الأسماك والقشريات واللافقاريات والحشرات المختلفة.
وقد واجهت المحمية سابقا تهديدات تمثلت في أشجار الغاف البحري الضارة وقام المكتب بجهود في اجتثاثها بالتعاون مع الجهات البلدية ذات الصلة ، ويظل الزحف
العمراني احد المهددات الرئيسية في ظل التوسع العمراني الذي تشهده محافظة ظفار.
أما محمية الخوير الطبيعية فتأسست بأوامر سامية من لدن جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في عام 2004م وأصبحت تابعة لمكتب حفظ البيئة لحماية أشجار
السمر المحلية التي تقوم بأدوار مهمة في توازن بيئة المحمية، ومزارا للطيور المتنوعة وتبلغ مساحتها 296062 مترا مربعا ؛ وبالرغم من كون المحمية الرئة التي تتنفس من خلالها العاصمة تواجه المحمية تحدي الزحف العمراني لموقعها الحساس في قلب العاصمة وقد قام المكتب بجهود لإزالة أشجار الغاف البحري الضار من المحمية بالتعاون مع إحدى المدارس القريبة من المحمية وشركات أهلية مجاورة للمحمية.
قبل مائة عام كان النمر العربي يعيش في كافة السلاسل الجبلية بمنطقة شبه الجزيرة العربية، أما اليوم فتمثل سلسلة جبال ظفار المعقل الأخير لعيش تلك النمور ، ففي عام 1997 بدأ مكتب حفظ البيئة مشروع مسح النمر العربي في جبال ظفار بعدها توسع نطاق العمل بالمشروع ليشمل أجزاء أخرى في محافظة ظفار.
النمر العربي
وبفضل جهود الحماية التي يوليها المكتب للحفاظ على هذا النوع من الحيوانات المهدد بالانقراض ، تم اكتشاف وجوده مؤخرا في منطقة النجد بمحافظة ظفار حيث
تؤكد البيانات الحيوية وجود وتكاثر النمر العربي في تلك المنطقة غير المأهولة بالسكان الأمر الذي يعزز فرص بقائه على قيد الحياة.
كما أشارت النتائج المسحية في المنطقة إلى وجود أنواع مختلفة من الحيوانات البرية التي تقوم بدور حيوي لوجود النمر العربي في تلك المنطقة كونها تعد من فرائسه
الأساسية مثل الغزال العربي والوعل النوبي والثعلب والوبر الصخري والحجل العربي والحجل الرملي والشيهم وغيرها، كما يشكل الغطاء النباتي الهش والفقير نسبيا عائلا أساسيا للحيوانات البرية العاشبة ويتكون غطاء النباتات بشكل عام من أشجار السمر وشجرة المر واللبان النادرة وبعض الشجيرات والأعشاب الحولية. وسعيا من المكتب لحماية النمر العربي وفرائسه الرئيسية مثل الغزال العربي والوعل النوبي في منطقة النجد شرع مكتب حفظ البيئة في توظيف عدد من أبناء تلك المنطقة منذ عام 2013 وفي ظل هذه النتائج يدرس المكتب زيادة عدد مراقبي الحياة
البرية في النجد ، كما يطمح وبالتعاون مع الجهات المختصة دراسة المقومات الطبيعية لهذه المنطقة تمهيداً لوضع مقترحات تساهم في حمايتها ويبقى الرعي
الجائر من قبل المواشي والجمال في محافظة ظفار عائقا أمام بقاء النمر العربي ، فتلك الحيوانات السائبة تتغذى على غذاء فرائسه من حشائش ونباتات.
ويلوح في سماء جهود المكتب مشروع بيئي رائد أسهمت نتائجه في توثيق رحلة طائر يصنف عالميا بأنه قريب التهديد بالانقراض. الصقر الأدهم أو طائر الغروب
كما يسمى حيث تبنى المكتب مشروع مسحه خلال فترة وضع البيض والتفقيس في مواقع ذات أهمية عالمية كمواقع تعشيش له، في محمية جزر الديمانيات وجزر
السوادي وجزيرة الفحل ومحافظة مسندم وذلك بواسطة إمساك وترقيم عدد من صقوره الصغيرة إضافة إلى أخذ المقاسات البيولوجية، وسحب عينات دم ؛ كما استطاع المسح أن يُكون قاعدة بيانات بيولوجية عن هذا الطائر تضاف إلى سلسلة المعارف العلمية عنه وأوضحت نتائج مسحه إن الإزعاج البشري في مناطق التكاثر في طريق الهجرة ، والملوثات الكيميائية من الزراعة في مناطق قضائه فترة الشتاء ابرز التهديدات التي تواجه بقاءه.
وتمتلك المحميات التي يشرف عليها مكتب حفظ البيئة المقومات الأساسية للسياحة البيئية حيث تتميز بتنوع حيوي كثيف. فيمكن للسياح الزائرين لمحميتي رأس
الشجر والسرين الطبيعيتين الاستمتاع بمراقبة الأحياء البرية والطيور والتعرف على العديد من النباتات الفريدة والنادرة، وممارسة العديد من الأنشطة السياحية الأخرى
كتسلق الجبال والتخييم ، وزيارة الأماكن السياحية الشهيرة حول محمية رأس الشجر تحديدا كهف الجن احد اكبر الكهوف في العالم ، ومنتزه هوية نجم المثير للاهتمام ، والاستمتاع بليلة هانئة تحت ضوء القمر على الشاطئ المجاور للمحمية أو في احد المنتجعات القريبة من المحميتين.
صخور التريليث
كما يمكن للزائر لمحمية الكائنات الحية والفطرية مشاهدة مواقع صخور التريليث وهي خطوط مشكلة من أحجار عمودية موضوعة في مجموعات ثلاثية ومحاطة
بمواقع إشعال النار والتي من المعتقد بأنها تعود إلى 4000 سنة ويعتقد أيضا بأنها ترتبط بطقوس ما قبل التاريخ، وقد أوضحت الحفريات بأنها ليست مواقع لدفن
الموتى حيث تعد هذه المواقع مرتعا مهما لمحبي التجوال في المواقع الأثرية ومشاهدتها. بالإضافة إلى الاستمتاع بالتخييم في عراء المحمية في فصل الشتاء
حيث يتوفر بالمحمية خدمات أخرى للزائر كمركز المعلومات الذي يزود الزائر بالمعلومات المختلفة عن المحمية ومشروع المها.
كما تتوفر بعض الأنشطة البيئية التي يمكن للزائر ممارستها داخل المحمية مثل مراقبة الطيور والزواحف والحشرات وكذلك المشاركة في الجولات الصحراوية ،
وتزخر المحمية بموارد مائية تجذب السياح تتمثل في آبار ووديان وعيون مائية حارة تنشط بعضها بعد فترات حدوث الأمطار أما بعضها مستمر طوال أيام السنة، كما
توجد موارد أخرى فيزيائية طبيعية كالصخور الحصوية من العصر الجليدي، والمعادن والبيئات المختلفة التي تمثل بيئة الصحراء الرملية المنبسطة إلى جانب السهول الحصوية المنخفضة والوديان والمنخفضات والكهوف ذات المناظر الطبيعية.
وتعد محمية خور صلالة الطبيعية من أجمل الخيران في محافظة ظفار وأحد أفضل المواقع لمشاهدة الطيور في السلطنة وتعتبر مزاراً جيدا للتأمل بعيداً عن صخب
الحياة اليومية. وموقعا مثاليا لإجراء البحوث والدراسات المتعلقة ببرامج استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة.
ويعي مكتب حفظ البيئة ان للمجتمعات القاطنة بجوار المحميات الطبيعية مكانة اجتماعية واقتصادية كبرى ، يعول عليهم كحراس وحماة لتلك المحميات ولا يمكن
أن تحدث أي تنميةً كانت في المحميات الطبيعية إلا بمشاركة سكان المنطقة ومشورتهم ، ففي محمية السرين الطبيعية تمت الاستفادة من خبرات الأهالي ونظمهم التقليدية في مجال الصون ،حيث تم إنشاء حمى جديدة في منطقة وادي قيد بالمحمية بالاتفاق معهم ، والحمى عبارة عن نظام حماية تقليدي لمناطق الرعي حيث يتفق الأهالي على عدم الرعي فيها في أوقات معينة من السنة أو لسنوات بهدف إتاحة الفرصة لنمو النباتات فيها.
ويسعى المكتب في إدارة المحميات الطبيعية إلى تمكين السكان في تلك المناطق من خلال توفير فرص عمل جديدة وإيجاد مصادر دخل لهم من أجل تحقيق الاستفادة
الاقتصادية من تلك المحميات ، حيث يقوم المكتب ببيع وترويج منتجاتهم الطبيعية في المهرجانات والمحافل التي يشارك فيها كواحدة من مشاريع التنمية الاقتصادية التي يقوم بها المكتب اتجاه المجتمع المحلي ، حيث تتميز منتجاتهم بأنها مصنوعة من موارد البيئة الطبيعية ، وذات جودة عالية جدا ومطلوبة جدا من السوق المحلي
والخليجي بشكلٍ خاص كالزعتر الجبلي ذي الرائحة الزكية والمذاق الحلو، وقناني العسل الجبلي الطبيعي .
وحصد مكتب حفظ البيئة عام 2010م جائزة مجلس التعاون لأفضل الأعمال البيئية من خلال إنتاجه الفيلم الوثائقي التسجيلي عن النمر العربي في سلطنة عمان ويدور سيناريو الفيلم الذي نسج بحرفية تامة من قبل فريق العمل المشارك من مكتب حفظ البيئة بالتعاون مع المخرج الشهير عالميا منتج الأفلام الوثائقية ديفيد ويليس حول المراحل التي مر بها مشروع مسح النمر العربي والدراسات والبحوث الميدانية التي أجريت على النمر العربي ووقف الفيلم على التهديدات التي تعرض لها النمر، مستغرقاً إنتاجه أربع سنوات متتالية عاش من خلالها فريق العمل تحديات في محاولة تقفي النمر العربي، وقد أشرك في أحداث الفيلم أفراد من السكان المحليينزلتتبعه ورصد تحركاته.
كتاب النمر
يعد ( كتاب النمر العربي ) أول توثيق يستند إلى الدراسات الميدانية المبنية على أسس علمية متواصلة نفذها وأشرف عليها مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني بالتعاون مع العديد من الجهات الحكومية وذلك ضمن خطة مشروع صون النمر العربي في بيئته الطبيعية في محافظة ظفار.
ويستعرض الكتاب أيضا صورًا عن الثدييات البرية الأخرى التي تعيش إلى جانب النمر العربي والمنتشرة في واحدة من أكثر المناطق العربية تنوعا من الناحية البيئية؛ ويتوقع المهتمون أن الكتاب بنسختيه العربية والإنجليزية سيصبح محط اهتمام العلماء والمهتمين بحفظ البيئة وعشاق الطبيعة والرحالة كونه توثيقا فريدا لواحدٍ من أكثر القطط الكبيرة غموضا وعرضة لخطر الانقراض.
ويبرز الكتاب جيدًا الجهودَ المبذولة من قبل مكتب حفظ البيئة إضافة إلى الدور الداعم والمهم للعديد من المؤسسات الأخرى ذات الصلة والتي ساهمت بشكل مؤثر في حماية النمر العربي في السلطنة ، حيث يعتبر الكتاب ثمرة للجهود المخلصة وتتويجا للعمل الوطني والذي يخدم ويساهم في إظهار الدور الريادي المتميز للسلطنة في مجال المحافظة على الحياة البرية على المستوى العالمي كما يصاحب هذا الكتاب كتيب للأطفال يحكي قصة حياة إحدى النمور (ذي الذيل القصير) المطوقة بأجهزة التتبع اللاسلكي حيث عاش ذو الذيل القصير في جبال محافظة ظفار ومن خلال تعقبه
بأجهزة التتبع تمكن المختصون من معرفة معلومات كثيرة عن حياته وأماكن تواجده.