يكتبه: د. رجب بن علي العويسي|
يشهد عالمنا المعاصر الكثير من المحطات السياحة التي بات الوقوف عندها مساحة أمان لالتقاط الأنفاس للتأمل في خطوات العمل القادمة على المستوى الوطني، واستقراء أعمق للتحولات التي صنعتها السياحة في حياة المجتمعات واقتصاد الدول، وبين دول العالم الأكثر تطورا في اقتصاد السياحة، تجد السياحة التخصصية لها حضورها الواسع وموقعها المتميز في تعزيز نهضة السياحة في بلدانها، في مجالاتها المتعددة (العلاجية، والتعليمية، والثقافية، والتسوق والمولات، والموسمية).
ولمّا كانت رؤية عُمان 2040 في قطاع السياحة منها، سعت إلى زيادة أعدد السياح الدوليين إلى السلطنة إلى أكثر من الضعف خلال العقدين القادمين، بالإضافة إلى مساهمة السياحة بنسبة قد تزيد عن 6% من الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة، لذلك تأتي أهمية وضع السياحة التخصصية في أولوية الاهتمام لتحقيق عائد سياحي مريح ومستدام، فمن جهة يوفر لقطاع السياحة فرصاً أكبر لاستقطاب السياحة الوافدة، كما يوفر فرص عمل أكبر للشباب العماني في الاسهام الفاعل فيه.
وبالتالي ما يعنيه ذلك من ضرورة التفكير بنقل السياحة الوطنية خارج الصندوق الاستهلاكي المعتاد، والاستفادة من الفرص القادمة على مستوى إعادة الهيكلة وتقييم المشروعات في تعزيز السياحة التخصصية، فإن أقل ما يمكن التفكير فيه وطنيا، يكمن في التوظيف الأمثل لما تتميز به السلطنة من تنوع في البيئات التراثية والثقافية والتاريخية في ظل اهتمام العالم بالسياحة الثقافية كأحد أعمدة السياحة القادمة التي تشهد رواجاً عاماً واهتماماً كبيراً من قبل السياح.
من هنا تأتي أولوية تعزيز السياحة الثقافية التخصصية في بنيتها المؤسسية والتشريعية، وتنشيط حركة المتاحف والبيوت الأثرية، والقلاع والحصون، والمكتبات والمراكز الثقافية والأسواق التقليدية والحارات التراثية القديمة، والافلاج، بالإضافة إلى العادات والتقاليد والتراث غير المادي بمختلف تعابيره وأشكاله ورموزه ليضيف إلى السياحة الثقافية ثراءً واسعاً، ومساحات تطويرية لضمان قدرتها على المنافسة.
أخيرا فإن الميزة التنافسية لعُمان محطة للتفكير في المسار السياحي التخصصي الذي يصنع لعُمان القوة الاقتصادية، ويوقد في شبابها الروح الوطنية والأخلاقية العالية، لضمان بناء سياحة تخصصية ثقافية مستدامة، الطريق للتحليق بالسياحة الوطنية فوق سماوات الإنتاجية والمنافسة والابهار.