المنامة – مدريد – وجهات |
يعقد المجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية اجتماع الدورة 113 في العاصمة الإسبانية مدريد 18 و19 يناير الجاري، وتستعد الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار مرشحة مملكة البحرين لمنصب الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية لخوض الانتخابات على ترشيح المجلس التنفيذي، حيث يتعين على المجلس التوصية إلى الجمعية العامة بمرشح لمنصب الأمين العام للفترة 2022-2025.
ورغم الظروف التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد19» إلا أن الشيخة قامت بجولتين خارجيتين إلى المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية الشقيقتين للحصول على دعمهما للترشح لهذا المنصب الدولي، كما حصلت على دعم وزراء السياحة العرب لترشحها خلال اجتماعهم الأخير بالمنامة.
وقالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إن منظمة السياحة العالمية بأمس الحاجة لرؤية جديدة واستراتيجية خاصة تواجه الوضع الاستثنائي الذي يعيشه العالم أجمع، لافتة إلى أن الجائحة فرضت قيودا كبيرة على السفر والطيران، وقد تأثر القطاع السياحي بشدة جراء ذلك، لذا فإنه لا بد من إيجاد الحلول المبتكرة وإيجاد البدائل وتشجيع التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة لتحقيق نتائج أفضل للعاملين في هذا القطاع الحيوي.
وأضافت أن هذا التحدي هو الذي يسهم في تشجيع الابتكار وبذل المزيد من الجهود لإحداث نقلة نوعية للوصول إلى فرص النجاح، مشيرة إلى أنه بعد أي كبوة في قطاع ما، تأتي انطلاقة جديدة مع فريق جديد وكثير من الأفكار، والأصدقاء الداعمين للترشح لهذه المهمة التي تستهدف إحياء هذا القطاع الحيوي الذي يلعب دورا اقتصاديا كبيرا.
وأكدت الشيخة مي أن السياحة هي الثروة التي لا تنضب، مشددة على أن الترشح لمنصب الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية جاء لحرصها وشغفها على العمل بهذا القطاع وتحسين الأداء وتأسيس بنية تحتية سياحية تحقق الاستدامة التي تنشدها الأمم المتحدة في هذه المرحلة وفي كثير من المشاريع المستقبلية لها.
ولفتت إلى أن هناك مجالات سياحية يمكن التركيز عليها بما يتوازى مع أهداف التنمية المستدامة التي قامت على تخفيف الأعباء عن كوكب الأرض الذي يواجه تحديا مناخيا، لذا فإن السياحة البيئية يمكن أن يكون لها دور فاعل في تعزيز حماية هذا الكوكب، وكذلك هناك السياحة الثقافية وكذا السياحة البينية والسياحة المحلية وغيرها من المجالات التي يمكن أن تساعدنا في إعادة الأمور إلى طبيعتها.
وأشارت إلى أن العالم كان يستمتع بسهولة السفر من منطقة إلى أخرى لاكتشاف البلدان والهويات ما قبل كورونا، ونتطلع إلى أن يعود هذا القطاع الحيوي إلى ثرائه، ولكن في هذه الفترة لا بد من وضع استراتيجية محددة للنهوض بالقطاع، واستقطاب وجوه وبلدان جديدة للانضمام إلى هذه المنظمة الدولية، خاصة أن هناك دولا مهمة لم تشارك بعد في عضوية منظمة السياحة العالمية، ونحن بحاجة إلى عدد أكبر من الأصدقاء وهو ما بدأت بالعمل عليه بالفعل من خلال التواصل مع البلدان الصديقة لكي يكون لها حضور ومساهمة في هذه المنظمة المهمة.
وتطرقت إلى تجربتها المميزة في التعاون مع القطاع الخاص سواء الشركات أو المؤسسات المصرفية من أجل المساهمة في تأسيس بنية تحتية للسياحة وهو ما نتطلع إلى استثماره في تحقيق هذا الحلم المستقبلي.
وأكدت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة أن منطقة الخليج لديها الكثير من المؤهلات التي تساعدها في استثمار القطاع السياحي، لافتة إلى أن المملكة العربية السعودية الشقيقة بما تملك من تراث وطبيعة متفردة تستطيع أن تجلب سياحة نوعية، كما أن دبي لديها تجربة رائدة، لافتة إلى أن إكسبو دبي 2021 سوف يستقطب العالم أجمع، ويعد فرصة استثنائية للمنطقة كي نروج لبلداننا ومواقعنا.
وقالت إن البحرين لديها تجربة مميزة من خلال توظيف المناطق والمدن القديمة والمواقع الطبيعية من أجل خلق سياحة نوعية تثري وترتقي بالأحياء وتعزز دور المجتمع المحلي للمساهمة في هذا القطاع الحيوي، مشيرة إلى أن المملكة لديها مشروع يحتذى به في مناطق أخرى وهو «مسار اللؤلؤ»، ذلك الموقع الذي أدرج على قائمة التراث الإنساني العالمي، ومن المعروف أن كل موقع يدرج في هذه القائمة يحقق للسياحة 25% من عوائدها لو تم توظيفه بالشكل الصحيح.
وتابعت الشيخة مي قائلة: إن مسار اللؤلؤ الذي يمتد على مسافة 3.5 كيلو مترات يرتقي بالأحياء التي يمر بها ويخلق مساحات للأهالي ويوفر الفرصة لعودة من هجروها من السكان وتعود للمنطقة حيويتها، وهو ما تحقق بالفعل من خلال التجارب المصغرة التي قامت بالمنطقة أنها باتت تستقطب زائرين ربما أكثر من المجمعات التجارية وناطحات السحاب أو المباني الحديثة، وذلك بفضل الحنين إلى الهوية والحرف اليدوية التي تعد من المجالات التي تشجع على السياحة.
وكشفت عن السعي إلى توسيع دائرة التراث غير المادي والتراث الطبيعي، منوهة إلى أن الدول العربية نجحت في وضع مناطق ثقافية في قائمة التراث الإنساني العالمي ولكن نحتاج إلى المزيد من المواقع في مناطق التراث البيئي والتراث غير المادي وكل ما يميز تلك الهوية الغنية التي لا بد أن تستقطب سياحة نوعية.
وأعلنت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة عن رؤيتها للنهوض بالقطاع السياحي على المستوى العالمي، حيث تتكون هذه الرؤية من سبعة محاور متكاملة تهدف إلى تعزيز عمل المنظمة، أثناء وما بعد تجاوز أزمة تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19)، منها محور إدارة الأزمات والتخطيط للمستقبل، ومحور السياحة وأهداف التنمية المستدامة.
وقالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إن المحور الأول من رؤيتها الاستراتيجية لمنظمة السياحة العالمية يلقي الضوء على أهمية إدارة الأزمات والتخطيط للمستقبل، موضحة أن آثار أزمة فيروس كورونا كشفت هشاشة القطاع السياحي الذي عانى خلال الأزمة من انهيار الطلب على حركة السفر السياحي، هذا إلى جانب إغلاقات متكررة في مختلف بلدان العالم وضعت العاملين في هذا القطاع أمام خطر فقدان الوظائف وانعدام آفاق المستقبل المهني.
واستدركت قائلة: إنه وفي هذه الأوقات العصيبة، يأتي دور منظمة السياحة العالمية في توفير المساعدة اللازمة للعاملين في القطاع السياحي من خلال بناء قنوات اتصال فعّالة مع الجهات التي تتحكم في الموارد من أجل التوعية بالظروف الخاصة التي يواجهها هؤلاء الأفراد، إضافة إلى تقديم النصح والمشورة بشأن استراتيجيات الإغاثة المناسبة وتعميم أفضل الممارسات الحكومية لدعم القطاع السياحي حول العالم ومفاوضة المؤسسات المالية الرئيسية في القطاعين العام والخاص للمشاركة في النهوض بهذا القطاع الحيوي.
وأوضحت كذلك أن منظمة السياحة العالمية في حاجة إلى التعاون مع منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الأخرى ذات الخبرة في المجال الصحي لضمان الوصول إلى توافق دولي بشأن إجراءات السفر الآمن، مضيفة أنه يجب على منظمة السياحة العالمية أن تسعى إلى الإبقاء على الحد الأدنى من القيود على السفر وأن تحرص على وجود نظام دعم لمساعدة قطاع الضيافة الذي يواجه متطلبات صحية جديدة تتجاوز مجالات خبراته وقدراته.
وحول مستقبل قطاع السياحة بعد تجاوز أزمة فيروس كورونا، قالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إنه توجد فرصة غير مسبوقة لإعادة تصميم قطاع السياحة بشكل شامل يتّسق مع أهداف التنمية المستدامة، ويشمل ذلك دعم أشكال السياحة المحلية التي باتت مزدهرة أكثر من أي وقت مضى، كذلك يمكن لمنظمة السياحة العالمية أن تعمل على مساعدة الدول الأعضاء على دمج السياحة في الخطط الوطنية لإدارة الأزمات وتخفيف المخاطر، واقترحت أيضًا أن تسترشد المنظمة بمبادرات أخرى داخل منظومة الأمم المتحدة في إنشاء صندوق مساعدات تابع لمنظمة السياحة العالمية لدعم كل الدول الأعضاء كاملي العضوية لتلبية الاحتياجات الطارئة لقطاع السياحة.
ويركز ثاني محاور هذه الرؤية الاستراتيجية لمنظمة السياحة العالمية على العلاقة الوثيقة بين نمو وتطوّر القطاع السياحي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs).
وقالت بهذا الخصوص: «إن تبنّي أهدف التنمية المستدامة يعد الخطوة الأولى نحو تحقيقها، إلا أن المرحلة القادمة تستلزم ترجمة الالتزامات الطوعية للدول الأعضاء ومنظمة السياحة العالمية إلى أطر تنظيمية ووطنية»، وأضافت: «على الرغم من أن السياحة مذكورة في عدد قليل من أهداف التنمية المستدامة، إلا أنها جزء لا يتجزأ من كل واحد منها ولها دور أساسي في تحقيقها، ويمكن لمنظمة السياحة العالمية أن تلعب دورًا مهمًّا في رصد مدى امتثال القطاع السياحي والأطر التنظيمية الحكومية بهذه الأهداف».
وأشارت إلى أنها ستعمل بشكل خاص على التركيز على المزيد من القضايا الاستراتيجية المتعلقة بقطاع السياحة، مع العمل على دمج أهداف التنمية المستدامة والميثاق العالمي لأخلاق السياحة في الأطر التنظيمية الوطنية، ليكون بمثابة مؤشر أداء أساسي خلال الفترة المقبلة من عمل منظمة السياحة العالمية.
وأوضحت أن السياحة المستدامة جزء أساسي من الأهداف الرامية إلى «القضاء على الفقر» و«ضمان المساواة بين الجنسين» و«توفير العمل اللائق والنمو الاقتصادي»، مشيرة إلى أن قوة هذا القطاع تكمن في كونه متداخلاً مع كافة القطاعات الأخرى في الدول ولديه القدرة على إلقاء الضوء على ما يمكن للشعوب أن تحققه ضمن سياقات أوسع.
وأضافت أنه لا يمكن الاستهانة بدور السياحية في التغير المناخي، فحركة السفر ووسائل النقل الجوي الحالية لها أثر واضح على البيئة، وعلى منظمة السياحة العالمية أن تقود مبادرات عالمية من أجل تخفيف الأثر البيئي للحراك السياحي، فعلى سبيل المثال يمكن أن تتم صياغة استراتيجيات طويلة الأجل لتحفيز السفر بالسكك الحديدية، خاصة داخل المناطق التي تتوافر فيها البنية التحتية لمثل هذ النوع من السفر، هذا إضافة إلى توجيه اهتمام العالم نحو البحث وتطوير وسائل نقل جديدة تقلل الانبعاثات، واستخدام الطاقة البديلة وتقليل وتدوير النفايات.
الجدير بالذكر أن المجلس التنفيذي الذين يحق لهم اختيار المرشح لمنصب الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية هم الأعضاء الـ 35 المصوتون حاليًا وهم: الجزائر، أذربيجان، البحرين، البرازيل، كابو فيردي، تشيلي، الصين، الكونغو، كوت ديفوار، مصر، فرنسا، اليونان، غواتيمالا، هندوراس، الهند، إيران، إيطاليا، اليابان، كينيا، ليتوانيا، ناميبيا، بيرو، البرتغال، جمهورية كوريا، رومانيا، الاتحاد الروسي، المملكة العربية السعودية، السنغال، سيشيل، إسبانيا، السودان، تايلاند، تونس، تركيا وزيمبابوي.
المصدر | أخبار الخليج