بقلم:حمدان بن علي البادي | في الوقت الذي يشد فيه أهل المدينة رحالهم– أيام الويكند– بإتجاه أماكن الجذب السياحي بين الأودية والجبال والشواطئ والرمال في مختلف أنحاء السلطنة نشد نحن أصحاب “البلادين” كما يسمينا أهل المدن رحالنا صوب “البلاد” وخاصة نحن القادمين من القرى الجبلية لنجدد الروح ونكسر روتين الأسبوع وبما يمكننا من البدء بأسبوع قادم حافل بالنشاط والعمل .
سفرنا الأسبوعي صوب البلاد لا يمكن إدرك ما به من جمال إلا لمن يعيش التجربة في الإنتقال بين عالمين وحياتين مختلفتين وخاصة بعد أسبوع مزدحم بالعمل والحياة التي تعج بها المدينة – والحديث هنا عن مسقط – بإتجاه البلاد بحثا عن الهدوء والجمال وتفاصيل الحياة اليومية في القرية، حركه بين عالمين مختلفين من الواقع الاجتماعي الإفتراضي الذي يسيطر على أغلب أوقاتنا إلى الوقع الاجتماعي الحي بصحبة الأهل والأصدقاء، يومين أشبه بسفر الروح في رحلة من الخيال لنرسم تفاصيلها بالكثير من جماليات البلاد وعاداتها وتقاليدها.
في العاصمة نقضي الأسبوع –طوال العام تقريبا – ونحن نلطف أجواء العمل والسكن والنقل بمكيفات الهواء الباردة لنذهب إلى البلاد ونحن نحمل الملابس الشتوية في هذا الوقت من العام بحثا عن الدفء من أشعة الشمس والنسمات العليلة في الصباحات الباكرة على نار الحطب وبين هذين العالمين تدب الحياة في البلدان والطرق الواصلة إليها وتنشط الحياة في جميع جوانبها وتخف وطأة المدن ويهدأ ضجيجها لتتحول الحياة إلى البلدان وسط أجواء من البهجة وفرحة العائدين من أعمالهم بلقاء الأحباب أهل البلاد نحتفي ببعض بالقهوة والسلام والعلوم والأخبار.
ولأن البلاد في جميع مواسمها ساحرة وكل فصل به ما يميزه عن الآخر فإن للشتاء سحره وبرده ورائحته وقد ازدان هذا العام بما تركته الأمطار الأخيرة التي هطلت على البلاد من أثر على المكان ، نبدأ يومنا باكرا تاركين الغرف الاسمنتية لنتسمر عند موقد النار نستمد الدفء منه بعد أن تركناها مشتعلة بعد رمسة سمر ليليه قضيناها متسمرين عند النار وعلى طرف من موقد النار تثور دلال القهوة والشاي التي تختلط رائحتها برائحة خبز الرخال الطازج المحلا بالسمن والحليب البلدي أو بما تجود به البلاد من منتجات .
تفاصيل يومية كثيرة في رحلة أسبوعية نشكلها وفق ما نريد ونستشعر جمالها وفي أحيان كثيرة نحرص على أن ندعو الأصدقاء لزيارة البلاد وخاصة من الوافدين لنقدم لهم تجربة سياحية استثنائية بها الكثير من تفاصيل حياة الإنسان خارج إطار التمدن في رحلة من الجمال برفقة أهل البلاد والعارفين بدروبها وتفاصيل حياتها اليومية ، فكيف لا نكون في عالمين ورحلتين وكيف لا يحسدنا “الحضر” كما نسميهم نحن “رعات البلادين” على روحة البلاد الأسبوعية!!.