بقلم:خصيب بن عبدالله القريني | أذكر إنني قبل أكثر من خمس سنوات كتبت مقالا بعنوان (أسواق خردة) تمحورت فكرته حول سوء البضائع المعروضة في أسواقنا والتي تركز على عرض البضائع ذات التقليد الرخيص فقط، ويبدو أن هذه الأسواق مازالت تئن تحت وطأة الخردة التي تعيشها البضائع لدرجة إننا وصلنا بمستوى الأسواق لدرجة الإهمال وعدم القدرة على مجاراة بقية الأسواق في الدول المجاورة.
إن الحديث عن سوء الإدارة والتخطيط دائما ما يجرنا لكوارث اقتصادية ومايتبعها من نتائج على مختلف الأصعدة، ودائما أيضا تأتي الإشكاليات من الأمور الصغيرة التي تهمل وتصبح إشكاليات كبيرة يصعب حلها، فالحديث عن الأسواق هو في الواقع حديث عن الاقتصاد فمتى مانشطت حركة البيع والشراء نشط الاقتصاد وتنوعت الموارد ، وكل ذلك يحتاج لبيئة مهيأة لنجاح هذه المنظومة، ولكن الغريب في الأمر عندما تتوفر البنية الأساسية المهيأة وان كانت بمستوى مقبول ولايمكن للمنظومة السوقية ان تعمل، وكل ماهنالك قرار إداري استثماري يطلق العنان لها ويخرجها من حالة التعطيل التي تعانيها، عندها ماذا يمكننا ان نقول إلا أن هنالك فجوة في المنظومة الإدارية إذا استمرت على هذا الحال فلن نتمكن من العبور إلى مصاف الدول المتقدمة رغم إننا نملك الإمكانيات المادية والبشرية لذلك العبور.
كل ماسبق ينطبق على أسواق ولاية صحم وسوق صحار التاريخي وسوق الحرفيين والقائمة تطول وستطول سواء كان النطاق زمانيا أم مكانيا ، فهذه المباني صرفت عليها المبالغ الطائلة لانشاءها، وصدرت التصريحات الرنانة لتوضيح أهميتها في دفع عجلة الاقتصاد المحلي وأهميتها كجانب تنظيمي وحضاري وتراثي نحتاج له لكي يدعم السياحة وإعادة الاستيراد والتصدير وغيرها من الجوانب التي لا يغفل عنها أي شخص مهما كان مستواه الفكري ، ولكن تبخرت كل هذه التصريحات.
وقس الأمر على سوق صحار التاريخي الذي عندما تزوره تجد المحلات تتناقص فيه مع أن المفترض العكس ، وهنا تكمن الإدارة الذكية التي تعرف كيف تجذب الشركات والتجار، أم أن هنالك أماكن أخرى أكثر جذبا حيث العوائد تذهب إلى جيوب أخرى، لا أدري ولعلي أكون مخطئا ولكن ما أعرفه إننا يجب أن نستغل الإمكانيات المادية التي صرفت على هذه الأسواق بحيث تسهم في تحريك الاقتصاد ووجود عوائد لميزانية الدولة ، وتجربة سوق الحرفيين أيضا ليست ببعيدة عن المثال السابق.
إننا أمام مرحلة تتطلب إدارة حازمة ، إدارة قادرة على اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب بعيدا عن مساوىء البيروقراطية المدمرة والتي لا يمكن أن تحرك اقتصاد وأن تسهم في تقدم بلد، ولنا في بعض الدول الشقيقية اسوءة حسنة لمن أراد أن يكون في ركب الدول المتقدمة.