بهلا مركزا لصناعة الفخار في السلطنة

بهلاء – العمانية|

تعد ولاية بهلاء بمحافظة الداخلية من الولايات العمانية العريقة التي تشتهر بالعديد من الصناعات والحرف التقليدية التي لايزال أهالي الولاية يتمسكون بها كجزء من موروثهم الحضاري.

ومن أبرز هذه الصناعات التقليدية التي تشتهر بها الولاية صناعة ” الفخار” (الخزف)، حيث كانت الولاية ولا تزال مركزًا لهذه الصناعة، ويعود تاريخ صناعة أول فخاريات وجدت في السلطنة إلى بداية الألف الثالث قبل الميلاد.

وشهدت صناعة “الفخار” في بهلاء رواجًا كبيرًا في الأزمنة القديمة، وتعتبر “واحة بهلاء” من المراكز الأساسية لهذه الصناعة، ولاقى فخار بهلاء انتشارًا واسع النطاق حيث إن الأثريين حددوا له تقنية خاصة عرفت باسم “تقنية فخار بهلاء” تمييزًا له عن باقي أنواع الفخار المنتشر في السلطنة سواءً المحلي أو المستورد.

وللمحافظة على هذه الحرفة والاهتمام بها قامت الحكومة بـإنشاء مركز خاص لتدريب وإنتاج الفخار والخزف ببهلاء.

يقول ناصر بن حميد اليحيائي مدير المركز: “تم إنشاء مركز التدريب وإنتاج الفخار والخزف في ولاية بهلاء عام 1976م وافتتح رسميًا في عام 1986م، وتم اختيار ولاية بهلاء مقرًا له كونها تحتضن هذه الصناعة منذ العصور القديمة، إلى جانب وجود أمهر صناع الفخار والخزف بها، إضافة إلى وجود عدد من المصانع الأهلية التي تصنع الكثير من المنتجات الفخارية المختلفة، ويهدف المركز إلى المحافظة على هذه الصناعة وتطويرها “.

ويضيف لوكالة الأنباء العمانية: بإن منتجات المركز تختلف عن منتجات الأهالي، وتعتبر الأكثر تطورًا في الصناعة العصرية بسبب توفر الآلات المتطورة والأفران الكبيرة التي تستخدم في عملية التصنيع.

وفي عام 2004م انتقلت تبعية المركز إلى الهيئة العامة للصناعات الحرفية مما أسهم في تطوير المركز بشكل عام، حيث تم تزويده بأفران كهربائية متطورة، وآلات حديثة رفعت من الإنتاج الكمي والنوعي مع مراعاة جودة المنتج الخزفي العماني، وشملت المنتجات النفعية ذات الطلب الكبير في الأسواق المحلية، والمنتجات الجمالية المزخرفة والمنقوشة والمفرغة المضاف إليها اللون الذهبي الاكثر تطورًا في هذا المجال.

وأوضح مدير مركز تدريب وإنتاج الفخار والخزف ببهلاء أن المركز ينقسم إلى قسمين، قسم “التدريب” ويهتم بالتدريب العملي والنظري للكوادر العمانية الشابة ذكورًا واناثًا، ويستمر لمدة سنتين متتاليتين حيث يتم يتم تدريب 20 متدرب ومتدربه وبعد ذلك من الممكن أن يفتتحوا مشروعًا صغيرًا ويبدوا العمل فيه ويدخل بمنتجات جديده تواكب متطلبات المواطن والسائح على حد سواء.

والهدف من التدريب هو فتح مشاريع صغيرة ومتوسطة خاصة بصناعة الفخاريات وتطويرها، وقد قامت الهيئة العامة للصناعات الحرفية بتوثيق جميع الصناعات في السلطنة ومنها صناعة “الفخار والخزف”.

أما القسم الثاني في المركز فهو قسم “الإنتاج”، حيث تمر صناعة ” الفخار” بمراحل عديدة تبدأ بجلب التربة الخاصة لصناعة الفخار وتنقسم هذه التربة إلى ثلاثة أنواع (الخضراء والحمراء والبيضاء) ، ويتم خلط التربة بالماء من خلال الآلة الخاصة بهذه المهمة والمعدة للمزج والخلط السريع ، ثم توصل هذه الخلطة بواسطة الأنابيب إلى أحواض خاصة تحت الأرض لتجفيف الطين (فصل الطين عن الماء)، وبعد جفاف الماء وجاهزية العجينة يتم إخراج الطين من الأحواض ثم عجنه بواسطة آلات خاصة للعجن، وبعدها تكون العجينة طرية وجاهزة لمرحلة التصنيع، حيث تؤخذ الكمية المناسبة من الطين للقطعة المراد تصنيعها وتوضع على دواليب الصناعة الحديثة ويتم تشكيل الآنية المراد صنعها وتزخرف حسب الحجم المطلوب، ومن ثم يتم تجفيف الأواني وتجميعها قبل القيام بمرحلة الحرق.

وبعد جفافها وجاهزيتها توضع الأواني في فرن خاص بعملية الحرق لمدة تتعدى ثلاثة أيام، حيث تصل درجة الحرارة داخل الفرن إلى أكثر من ألف درجة مئوية، وبعد التأكد من انخفاض درجة حرارة الفرن لأقل من 50 درجة مئوية يتم إخراج الأواني وتكون جاهزة لعرضها للبيع، بينما تخضع أوانٍ أخرى لعملية التلوين بالأصباغ وإدخالها مرة أخرى في فرن مخصص لهذا الغرض.

وأشار اليحيائي بأن المركز ينتج يوميا 100 مله (آنية فخارية) بغطاء مختلفة الاحجام و150 صحن و30 قطعة بيضاء و40 قطعة من الطينة السائلة وكذلك يتم طلاء 200 قطعة يوميًا بمختلف الاشكال والانواع، وهذا يعتبر قيمة مضافة من الإنتاج اليومي للمركز بجانب التدريب المستمر، حيث يساهم كثيرًا في القدرة الإنتاجية المستمرة بمختلف الاشكال والأنواع من القطع الخزفية والفخارية.

وساهمت الآلات الحديثة في تطوير الصناعة وسرعة إنجازها مع المحافظة على الآلات القديمة، حيث لا يزال يحتفظ بها في إحدى غرف المصنع وذلك لتعريف السياح والزائرين بالماضي العريق لهذه الحرفة.

ومن أهم المنتجات التي يتم صنعها في المركز وتجد رواجًا (الجحال) وهي آنية لتبريد الماء و(الخروس) وهي أوانٍ فخارية كبيرة تستخدم للتخزين و(المجامر) أو (المباخر) وتستخدم لحرق البخور، و(المزهريات) وتستخدم لزراعة الشتلات وللزينة، كما يتم في المركز صناعة عدد من المجسمات كالقلاع والحصون وغيرها.

وأضاف اليحيائي أن السياح من مختلف الجنسيات يأتون إلى ولاية بهلاء بهدف التعرف على الحرف التقليدية في الولاية، خاصة صناعة “الفخار”، من حيث كيفية تشكيله والمراحل التي يمر بها والمنتجات التي تصنع منه.

جدير بالذكر أنه تدخل في صناعة “الفخار” أربعة أنواع من التربة وهي تربة “المدر” من ولاية بهلاء وتربة “الصربوخ” من ولاية الحمراء والتربة “الحجرية” من محافظة مسقط وولاية الحمراء، والتربة ” البيضاء” من ولاية محوت وجزيرة مصيرة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*