بدء معرض عن السلطنة في متحف الارميتاج بروسيا

سانت بطرسبرغ – العمانية|

دشن المتحف الوطني وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في قاعة أبولو بمتحف الإرميتاج بمدينة سانت بطرسبرغ الروسية أول معرض دولي مشترك يستمر حتى نهاية شهر سبتمبر القادم.

وجاء المعرض ضمن الفعاليات الثقافية التي استضافها متحف الإرميتاج يوم الاثنين الماضي تحت مسمى “يوم عُمان” في إطار مذكرة التفاهم المبرمة بينه والمتحف الوطني في السلطنة واحتفاءً بيوم النهضة العُمانية المباركة.

ويضم المعرض قطعة نادرة جدا عبارة عن مخزن بارود “تلاحيق” من شمال عمان صنع من نحاس أصفر مع آثار من الفضة صمم لتعبئة فوهة بندقية «أبوفتيلة» بالبارود، وقد صنع من النحاس الأصفر وعليه آثار من الفضة ،وتنتمي هذه القطعة إلى فترة الإمام سعيد بن أحمد البوسعيدي (حكم 1783-1810) وهو الحاكم الثاني من اسرة البوسعيد في عمان . كما يضم مصحفا شريفا يعد مثالا مبكرا للقرآن المطبوع، حيث طبعت كل صفحة من صفحاته باستخدام تقنية الطباعة الحجرية الملونة، وهي طريقة غير شائعة لطباعة المصاحف الشريفة كونها تتطلب مهارة فائقة من الخطاط والنقاش.

ويضم المعرض أيضا “حامل رسالة” من الفضة 1942م، وعرضت النسخ الأصلية من الوثائق المعروضة من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية والمتمثلة في: رسالة من كوبايتيش قبطان المركب الروسي كرنيلوف إلى السلطان فيصل بن تركي – سلطان عمان- حول رغبة القبطان في مقابلة السلطان وطلب تحديد موعد لزيارته 4/‏‏‏10/‏‏‏1884م، ورسالة من اووسينيكو القنصل الروسي المقيم في الخليج الفارسي إلى السلطان فيصل بن تركي – سلطان عمان – يوصيه على بوغاباولنسكي عالم طبيعة وفيلسوف روسي متوجه إلى الخليج لاستكشاف حيوانات مجهولة 23/‏‏‏3/‏‏‏1320هـ- 29/‏‏‏6/‏‏‏1902م، ورسالة من اووسينيكو القنصل الروسي المقيم في الخليج الفارسي إلى السلطان فيصل بن تركي -سلطان عمان- يشكره على مساعدته للعالم الروسي بوغاباولنسكي لإنجاز مهمته في الخليج كما يشكره على كرمه وحسن استقباله له 10/‏‏‏5/‏‏‏1320 هـ – 5/‏‏‏8/‏‏‏1902م، ورسالة من اووسينيكو القنصل الروسي المقيم في الخليج الفارسي إلى السلطان فيصل بن تركي – سلطان عمان- ينقل له شكر وامتنان الشركة التي يعمل فيها العالم الروسي بوغاباولنسكي على مساعدته للعالم 16/‏‏‏5/‏‏‏1902م، ورسالة من القنصل الروسي المقيم في الخليج إلى السلطان فيصل بن تركي -سلطان عمان- يودعه فيها لذهابه إلى روسيا في إجازة (يوليو/‏‏‏1903م)، بالإضافة إلى رسالة ودية من باسك قنصل الدولة الروسية المقيم في الخليج إلى السلطان فيصل بن تركي -سلطان عمان- يهنئه فيها بالعيد، ويشكره على دعوته للمركب التجاري الروسي إلى مسقط 18/‏‏‏2/‏‏‏1905م.

وترأس الوفد العُماني في تلك الفعاليات الثقافية الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية وعضو مجلس أمناء المتحف الوطني، وبمشاركة كلًا من السفير يوسف بن عيسى الزدجالي سفير السلطنة لدى روسيا الاتحادية وجمال بن حسن الموسوي مدير عام المتحف الوطني ورحمة بنت قاسم الفارسية مدير عام المتاحف بوزارة التراث والثقافة. كما شاركت عدة جهات من السلطنة كالمتحف الوطني، ووزارة التراث والثقافة، ووزارة السياحة وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، والأوركسترا السيمفونية السلطانية العُمانية، وسفارة السلطنة في روسيا الاتحادية. وتضمن برنامج الفعاليات عرضا مسرحيا على المسرح القيصري التاريخي بالإرميتاج وكلمة ترحيبية القاها البروفيسور الدكتور ميخائيل بوريسوفيتش بيوتروفسكي مدير عام متحف الإرميتاج، وكلمة شكر وتقدير من الجانب العُماني القاها الدكتور حمد بن محمد الضوياني تناول خلالها عمق العلاقات العُمانية الروسية التاريخية وما وصلت إليه اليوم من تطور ملحوظ في الجوانب الدبلوماسية، والثقافية، والسياحية، والاقتصادية.

كما تم تنظيم ندوة اكاديمية عن عُمان قدم خلالها مدير عام المتحف الوطني عرضًا تعريفيًا باللغة الروسية بعنوان “المتحف الوطني في السلطنة متحف القرن 21م” بمشاركة الدكتور ألكسندر سيدوف مدير متحف الاستشراق الذي قدم ورقة عمل بعنوان” “سمهرم: ميناء تاريخي على ضفاف محافظة ظفار”. وقدمت البروفيسورة أليساندرا أفيزيني أستاذة الفلسفة السامية في جامعة بيزا ورقة عمل بعنوان “موقع سلوت الأثري قلب عمان، كما قدم البروفيسور يفيم أناتوليفيتش ريزفان نائب مدير متحف الانثروبولوجيا والاثنوغرافيا في سان بطرسبرغ التابع لأكاديمية العلوم الروسية ورقة عمل بعنوان” “البعثات الأثرية في عُمان”، وادى فريق من الأوركسترا السيمفونية السلطانية العُمانية مقطوعات موسيقية الرباعية الوترية.

وقال جمال بن حسن الموسوي مدير عام المتحف الوطني لوكالة الانباء العمانية، ان هذه الفعالية اتاحت لنا اظهار الأوجه الحضارية والمقومات الثقافية الفريدة التي تتمتع بها السلطنة ومما تحقق فيها من منجزات ثقافية باهرة خلال الـ 48 عاما من عمر النهضة المباركة. واكد ان أهمية هذه التظاهرة الثقافية والمتحفية انها تقام في اهم الرموز الثقافية المتحفية في العالم يزوره كل عام حوالي ثلاثة ملايين ونصف المليون من الزوار من مختلف دول العالم وهو يقع في مدينة سان بطرس بورج العاصمة الثقافية لروسيا . وقال انها فرصة للتواصل مع ابرز المستشرقين والاكاديميين والمؤرخين وصناع القرار الروس . مشيرا الى ان المعرض المشترك يأتي في ذروة الموسم السياحي في سان بطرسبيرج ويوضح رسالة عمان الحضارية ومن خلاله ستصل الى مئات الالاف من زورا المتحف في هذا الموسم .

وأضاف الموسوي ان الندوة الاكاديمية عن عُمان شارك فيها اكبر واشهر الاكاديميين الروس والمستشرقين تناولوا فيها جوانب من تاريخ عمان وتحدثوا عن موقع سلوت في تكوين الديمومة العمانية وعن ارض اللبان وموقع سمهرم وما تم فيه من اكتشافات في العقود الماضية وعما تزخر به محافظة ظفار من اثار واكتشافات. وأضاف ان مدير عام متحف الارميتاج يعد اشهر المستشرقين الروس على مستوى العالم حيث تحدث عن البنى الثقافية المتقدمة في السلطنة عمان وعرض لأول مرة فيلم فني وثائقي فائق الدقة بعنوان” “عُمان الدرة الشرق في أرض الأمل” مدته 15 دقيقة يتناول ابرز المحطات الثقافية في عمان وهو مبدبلج بالغة الروسية ، وقال ان هذه اول فعالية يستضيفها الارميتاج من دولة في الشرق الأوسط وهنا تكمن رمزية واهمية عمان التي استطاعت ان توفق في التنسيق مع الارميتاج دلالة على العلاقة الخاصة التي تربط المتحف الوطني والارميتاج بناء على مذكرة التفاهم الموقعة بينهما ومن خلال دور مدير عام متحف الارميتاج الذي هو احد أمناء المتحف الوطني.

واكد مدير عام المتحف الوطني ان التفاعل في فعاليات “يوم عمان” كان إيجابيا وكانت قاعة المسرح القيصري مكتظة بالحضور عن بكرة ابيها وكان الحضور رفيع المستوى من مؤرخين وصناع قرار ومستشرقين ومهتمين بالشأن الثقافي والمحبين للثقافة العربية والإسلامية والمعرض متاح لعموم الزوار حيث يزور المتحف اكثر من أربعين الف زائر يوميا وتم تخصيص قاعة ابولو لعمان وهذه مبادرة متميزة ومقدرة.

وحول مذكرة التفاهم الموقعة مع متحف الارميتاج قال الموسوي ان المذكرة تركز أيضا على التدريب والتأهيل المهني للكوادر الشابة العمانية وتم تنظيم دورتين تدريبيتين متخصصتين حتى الان شملت 7 من موظفي المتحف الوطني خلال الفترة الماضية وخلال الفترة المتبقية من العام الحالي والعام القادم ستشهد الانتقال الى المرحلة القادمة من التأهيل والتدريب المهني لتكون اكثر تخصصية وستكون متاحة لمشاركين من وزارة التراث والثقافة وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية للاستفادة من خبرة متحف الارميتاج ونقل المعارف. واشار الى انه يجري حاليا التحضير لاستضافة يوم الارميتاج في المتحف الوطني العماني في مارس 2019 ليتاح للعمانيين والمقيمين في السلطنة التعرف عن الثقافة والحضارة الروسية .

ومن جانبه قال البروفيسور الدكتور ميخائيل بوريسوفيتش بيوتروفسكي مدير عام متحف الإرميتاج “علاقاتنا مع المتحف الوطني والمؤسسات الثقافية المعنية بالتراث والمتاحف في السلطنة مهمة بالنسبة لنا وبالنسبة لعمان وهذا جزء من سياسة الارميتاج الخارجية وتوسيع علاقاته مع الدول والمؤسسات المتحفية”.

وتحدث اربي ابوبكر نائب رئيس لجنة العلاقات الدولية في سان بطرسبيرج قائلا ” ان هذا الحدث الثقافي خطوة مهمة في سبيل تطوير علاقاتنا الثقافية وهذه مناسبة سعيدة ليست فقط لسلطنة عمان وانما لسكان مدينتنا المتشوقين لمعرفة المزيد عن عمان وتاريخها وثقافتها”.

جدير بالذكر أن المتحف الوطني يعد الصرح الثقافي الأبرز في سلطنة عُمان، والمخصص لإبراز مكنونات التراث الثقافي لعُمان، منذ ظهور الأثر البشري في شبه الجزيرة العُمانية قبل نحو المليوني عام، وإلى يومنا الحاضر؛ والذي نستشرف من خلاله مستقبلنا الواعد. وقد أنشأ المتحف الوطني بموجب المرسوم السلطاني رقم (2013/62)، الصادر بتاريخ (16 من محرم سنة 1435هـ)، الموافق (20 من نوفمبر سنة 2013م)؛ وبذلك أصبحت له الشخصية الاعتبارية؛ بما يتوافق، والتجارب، والمعايير العالمية المتعارف عليها في تصنيف المتاحف العريقة.

ويهدف المتحف إلى تحقيق رسالته التعليمية، والثقافية، والإنسانية، من خلال ترسيخ القيم العُمانية النبيلة، وتفعيل الانتماء، والارتقاء بالوعي العام لدى المواطن، والمقيم، والزائر، من أجل عُمان، وتاريخها، وتراثها، وثقافتها، ومن خلال تنمية قدراتهم الإبداعية، والفكرية، ولاسيما في مجالات الحفاظ على الشواهد، والمقتنيات، وإبراز الأبعاد الحضارية لعُمان؛ وذلك بتوظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتبعة في مجالات العلوم المتحفية، وبتقديم الرؤية، والقيادة للصناعة المتحفية بالسلطنة.

يذكر أن متحف الإرميتاج في مدينة سان بطرسبرغ واحداً من أكبر المتاحف على مستوى العالم، ويحوي 3 ملايين تحفة فنية، إضافة إلى كونه واحدًا من أقدم المتاحف في العالم. ويمتلك المتحف فروعًا دولية له في مدن امستردام، ولندن، ولاس فيغاس، وفيرارا (إيطاليا). ويتميز بضخامة مبانيه الخمسة وتصميم قاعاته وعدد المعروضات الكثيرة والهامة فيه والتي تعود إلى مشاهير الفن العالمي في روسيا وخارجها، ويعد من أهم المعالم السياحية في روسيا

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*