مسقط – العمانية |
تحتفل السلطنة غدا الإثنين بالذكرى الثامنة والأربعين لانطلاق مسيرة النهضة العمانية الحديثة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، حفظه الله ورعاه.
وبينما شكل الثالث والعشرون من يوليو 1970بداية عهد مجيد لبناء حياة أفضل للمواطن العماني على امتداد أرض عُمان الطيبة فإن الإنسان العماني ومن خلال ما أتاحت له مقومات النهضة تمكن من الإسهام في تحقيق أهداف وطنه التنموية وسار نحو تحقيق طموحاته بالتفاعل مع التطورات من حوله.
وقد أشرق على يد جلالة السلطان المعظم – أعزه الله – في هذا التاريخ المجيد فجر عُماني جديد أذِن ببدء مرحلة من التطور والتقدم والنماء في كل المجالات أخذ من خلالها بيد المواطن لبناء دولة عصرية قادرة على استعادة مجد عُمان ودورها الحضاري في المنطقة والعالم، تقوم على قاعدة المواطنة والمساواة وحكم القانون والأخذ بروح العصر.
وقد حرص جلالة القائد المفدى -أبقاه الله – منذ اليوم الأول على أن يكون المواطن العماني هو صانع التنمية وأساسها وحارسها والمستفيد الأول منها فبذل من أجل ذلك قصارى جهده – أيده الله – لبناء المواطن وتنمية قدراته وفي المقدمة الشباب العماني ليقوم بمهمته الوطنية الجليلة انطلاقا من ثقة جلالته العميقة به وتقديره العميق للوطن والمواطن الذي يمثل أغلى ثروات هذا الوطن المعطاء.
ومن هذا المنطلق لم يكن مصادفة أبدًا أن يكون المواطن العماني هو بؤرة الاهتمام ومحور التركيز وقطب الرحى في كافة جهود وخطط وبرامج التنمية الوطنية على امتداد السنوات الثماني والأربعين الماضية فبالمواطن ومن خلاله وبمشاركته تم حشد طاقات وإمكانيات الوطن بشرية ومادية وفي جميع المجالات التعليمية والصحية والرعاية الاجتماعية والتدريب والثقافة.
وعلى امتداد الأعوام الثمانية والأربعين الماضية وبرغم الظروف التي انطلقت فيها مسيرة النهضة العمانية المباركة إلا أن عزم وإرادة جلالة القائد المفدى الفذة والتفافأبناء الوطن الأوفياء حول جلالته منذ بداية المسيرة المباركة وما أحاطوا به جلالته من حب ووفاء وولاء، وما بذلوه من جهد في كل المواقع على امتداد أرض عمان الطيبة أينع وأتى ثماره في كل شبر من أرض عُمان الطيبة.
وفي إطار مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها البلاد أبدى جلالة السلطان المعظم، حفظه الله ورعاه. لدى ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء في فبراير الماضي ارتياحه وتقديره لما تبذله الحكومة من جهود متواصلة أدت إلى تحقيق معدلات نمو جيدة في هذه المسيرة التي راعت البعدين الاقتصادي والاجتماعي وحافظت على مستوى الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين وركزت استثماراتها في المشاريع الداعمة لسياسات التنويع الاقتصادي مشيدًا جلالته بتعاون المواطنين في إنجاح برامج وخطط التنمية.
ومنذ بدايات فجر النهضة المباركة كانت مشاركة المواطن العماني في التنمية وصنع القرار في مقدمة اهتمامات وأولويات جلالة السلطان المعظم- أبقاه الله- حيث حرص جلالته على أن تكون لعُمان تجربتها الخاصة في ميدان الشورى والعمل الديمقراطي ومشاركة المواطنين في صنع القرارات الوطنية وهي ممارسة حققت الكثير من النتائج الطيبة طوال السنوات الماضية مما عزز مسيرة التنمية وتطورها وساهم في إقامة دولة المؤسسات والقانون وعزز قيم الشراكة وتعدد الآراء في إطار الحرص على تحقيق المصلحة الوطنية.
وفي هذا الاتجاه عُقد في مايو الماضي اللقاء المشترك بين مجلس الوزراء ومجلسي الدولة والشورى إيمانًا بأهمية الحوار البنَّاء بين مؤسسات الدولة التنفيذية والبرلمانية وصولًا إلى رؤى تساعد على تنفيذ الخطط والبرامج التنموية بأعلى معدلات الأداء. كما عقد مجلسا الدولة والشورى خلال شهري يونيو ويوليو جلسات مشتركة تم خلالها مناقشة المواد محل التباين بين المجلسين حول مشروعي قانون الثروة المعدنية والثروة المائية الحية بهدف تعزيز التعاون بين مجلسي الدولة والشورى وتحقيقًا للمصلحة العامة.
لقد أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم -متعه الله بالصحة والعافية- دومًا أن المنجزات التي تحققت طوال مسيرة النهضة المباركة “لم تكن لتظهر على أرض الواقع لولا الجهد المبذول والعطاء المتواصل والإرادة الطامحة التي تستشرف المستقبل وتعمل من أجل غدٍ أفضل وأجمل فطوبى لكل يد عاملة تشارك في بناء نهضة عُمان في كل ميدان ودعوة صادقة لبناة الحاضر ورواد المستقبل للانطلاق نحو آفاق أبعد وساحات أرحب ومقاصد أسمى وأعلى”.
ومن منطلق الحرص الدائم لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة- حفظه الله ورعاه- على الارتقاء بالقدرات الوطنية لكل مؤسسات الدولة تم في مارس الماضي تنفيذ فعاليات تمرين مراكز القيادة (الجهد المشترك/ 10) بمشاركة مختلف قطاعات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية. وقد شمل التدريب المستويات الاستراتيجية والعملياتية والتعبوية وتفعيل كافة الخطوط الدبلوماسية والاقتصادية والمعلوماتية والعسكرية استعدادًا لتنفيذ التمرين الوطني الشموخ 2 في شهر أكتوبر القادم بمشاركة المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية ويليه التمرين العسكري العماني البريطاني المشترك السيف السريع 3.
وتم مع بداية هذا العام وضمن الرعاية الاجتماعية للمواطنين وتخفيف أعباء المعيشة تطبيق نظام دعم الوقود لدعم شرائح المواطنين المستفيدين منه الذين لا تتجاوز دخولهم 600 ريال عماني وفق الضوابط التي حددها مجلس الوزراء أواخر عام 2017م. وفي يونيو الماضي قرر مجلس الوزراء زيادة قاعدة الفئات المستحقة من المواطنين برفع إجمالي الدخل إلى 950 ريالًا عمانيًا على أن تبدأ استفادة الشرائح الجديدة وفق الضوابط المعمول بها لنظام دعم الوقود اعتبارا من أول أغسطس القادم.
من جانب آخر نجحت وزارة القوى العاملة بالتعاون مع القطاع الخاص والمواطنين الباحثين عن عمل في استيعاب 33 ألفًا و230 باحثًا وباحثة عن عمل في مؤسسات وشركات القطاع الخاص خلال الفترة من 3 ديسمبر 2017م وحتى 11 يوليو الماضي بزيادة قدرها 32% عن العدد المستهدف وهو 25 ألفًا مما سيعود بالخير على الوطن والمواطن.
وتولي خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016 ـ 2020م) أهمية وأولوية كبيرة للقطاعات المساعدة في تحقيق تنويع مصادر الدخل بما في ذلك تعزيز دور القطاع الخاص ومواصلة تحسين بيئة الأعمال والإسراع في تنفيذ برنامج التخصيص وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حيث تم اختيار قطاعات (الصناعة التحويلية والنقل والخدمات اللوجستية والسياحة والثروة السمكية والتعدين) لتكون قطاعات اقتصادية واعدة سيتم التركيز عليها خلال الخطة التي ستساهم في عملية التنويع الاقتصادي إلى جانب القطاعات الأخرى الداعمة لهذه القطاعات.
ويعتبر البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي (وحدة دعم التنفيذ والمتابعة) واحداً من البرامج الوطنية التي تقوم عليها خطة التنمية الخمسية التاسعة وهو يهدف إلى المساهمة في تحقيق رؤية السلطنة في التنويع الاقتصادي ومشاركة قطاعات المجتمع في أختياراته وتنفيذ المشروعات المقترحة فيها وهو ما يتم بشكل فعال ومتواصل.
وقد أصدرت وحدة دعم التنفيذ والمتابعة تقريرها السنوي لعام 2017م لتحديد ما تم من إنجاز في مشروعات القطاعات المختلفة.
من جهة أخرى بدأت في 20 مارس الماضي عمليات التشغيل التجاري لمطار مسقط الدولي الجديد الذي يعد إضافة مهمة لمنجزات النهضة الحديثة وهو يشكل إحدى لبنات التنمية في السلطنة لتحقيق الأهداف والاستراتيجيات الوطنية لمنظومة البناء وإعطاء دفعة كبيرة لقطاع السياحة وتعزيز وتنشيط الاقتصاد الوطني بشكل عام والقطاع اللوجستي بشكل خاص.. وتبلغ القدرة الاستيعابية للمطار الجديد 12 مليون مسافر سنويًا.
وبينما تدخل مسيرة التنمية العُمانية الشاملة عامها التاسع والأربعين بثقة واعتزاز وتتطلع إلى مستقبل مشرق وأفضل بإذن الله فإن عُمان بأسرها ترفع أجل وأسمى عبارات العرفان والامتنان والولاء لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، أعزه الله وأطال في عمره، وتبتهل إلى الله العلي القدير أن يحفظ جلالته ويمتعه بنعمة الصحة والعافية والسعادة والعمر المديد.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية للسلطنة فقد اتسمت رؤية جلالة القائد المفدى، أعزه الله، لهذه السياسة بالحكمة وبُعد النظر والصراحة والمصداقية جعلت من عُمان واحة أمن وأمان واستقرار يشير اليها الجميع بتقدير واحترام خاصة أن السلطنة لم تتوان عن القيام بكل ما يمكنها من جهد ومساع حميدة للعمل على إنهاء الحروب والمواجهات والتهيئة لاستعادة مناخ السلام والأمن والاستقرار في ربوع المنطقة خليجيًا وعربيًا وإقليميًا باعتبار ذلك أمرًا بالغ الأهمية للأخذ به بين شعوب المنطقة ودولها وتمكينها من بناء حياة أفضل لأبنائها في الحاضر والمستقبل.
ومنذ توليه مقاليد الحكم في البلاد عام 1970م رسخ حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم، أعزه الله، سياسة خارجية واضحة المعالم قائمة على مبادئ الحق والسلام والتعاون ونشر ثقافة التسامح والسلام ومد يد الصداقة والتعاون والتفاهم لكافة الدول والشعوب والالتزام بمبادئ الحوار لتجاوز وحل أية خلافات بالطرق السلمية وبما يحقق المصالح المشتركة والمتبادلة ويتفق مع القانون والشرعية الدولية ويعزز حسن الجوار والتعاون البناء.
وتواصل السلطنة مساعيها الحميدة لدعم الجهود المبذولة لتعزيز التفاهم والحوار بين الدول في حل كافة القضايا خليجيًا وإقليميًا بما يكفل للشعوب الاستمرار في مساراتها التنموية وسط أجواء أكثر أمنًا واستقرارا وكان لتلك السياسة أثرها الإيجابي الملموس في التعامل مع العديد من القضايا وهو ما حفظ للسلطنة مكانتها ودورها الإيجابي ومد جسور التواصل بينها ومختلف دول العالم وجعل منها شريكًا ومساهمًا فاعلًا في كل جهد خير لصالح شعوب هذه المنطقة والعالم من حولها. ومما له دلالة عميقة أن جلالة السلطان المعظم، أعزه الله، وفخامة الرئيس الصيني شي جين بينج قررا في 25 مايو الماضي إقامه شراكة استراتيجية بين السلطنة وجمهورية الصين الشعبية لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة للدولتين. وبفضل تلك السياسة الحكيمة يحصد العمانيون نجاحات على المستويين الداخلي والخارجي فهم يحظون بالتقدير والاحترام أينما يمموا وجوههم فأمست السلطنة طرفًا يتمتع بثقة كل الأطراف المتنازعة ويمكنه أن يجمعها على مائدة الحوار لحل الخلافات بالطرق السلمية.
وعلى الصعيد الداخلي كان بناء وتطوير قوات السلطان المسلحة من أولويات مراحل مسيرة النهضة المباركة حيث أيقن جلالته- أبقاه الله- بفكره الاستراتيجي وخبرته العسكرية العميقة أن تحقيق الأمن والأمان والاستقرار يمثل شرطًا وأولوية ضرورية للبناء والتنمية وصنع الرخاء.