بقلم: د. رجب بن علي العويسي | يشكل وعي المواطن الحلقة الأقوى في صناعة التغيير في العادات السياحية ، وخلق ممارسات أكثر مهنية في التعامل مع المنجز السياحيوحشد الاعتراف به، متخذاً من سلوك إنسان هذا الوطن وقيمه وأخلاقه ومبادئه وانعكاسها على عاداته السياحية، طريقها نحو المهنية والرقي والذوق وقوة التأثير، وبالتالي ما يمكن أن يطبعه الرصيد القيمي الذي يؤمن به الفرد، والقناعات الشخصية التي يحملها حول السياحة الوطنية ودوره في المشاركة في اثرائها وتطويرها وتقوية حضورها، عبر تعميق مستويات الحرص والاهتمام لديه نحو الترويج للمنجز السياحي والتسويق الشخصي لهكقيمة مضافة في حياته، وتعهده بالرعاية والعناية والنظافة، بل ومنحه فرص التطوير والتجديد، والوقوف في وجه الممارسات السلبية الناتجة عن سوء فهم في استخدامه، وبالتالي امتلاكه الثقافة الواعية والأدوات الرصينة والمنهجيات العلمية الداعمة لمشروعه السياحي، بما يضمن تغيير العادات وترقية قيمة التأثير لها لصالح جودة البيئات السياحية، فترك المكان على غير ما ينبغي أن يكون عليه من نظافة وتنظيم وترتيب ، أثناء عمليات التخييم والتجمعات الشبابية في الأماكن السياحية العامة وأشكال التعبير غير المقبولة المصاحبة لها، والعبث بالأدوات وسوء الاستخدام لها وتعريضها للتلف والكسر والتخريب وغيرها، سلوكيات تستدعي مراجعة لطبيعة الممارسة الحاصلة، ومعالجة أسبابها ومسبباتها وحسن توجيهها، وتعزيز التشريعات والمنابر التوعية والتثقيفية والحوارية مع الشباب والأسر ، وتوظيف وسائل الضبط الاجتماعي ومنظومة القيم والاخلاقيات المتعارف عليها، والجمعيات التطوعية والأندية الشبابية في مختلف الولايات والمحافظات، في تغيير قناعات الأفراد وعاداتهم السائدة في التعامل مع البيئات السياحية، بالشكل الذي يخلق فيهم منهجيات التغيير وإعادة هندسة الممارسات، ويؤصل في ذات المواطن نموذج القدوة والمثال والمحاكاة في طريقة التعامل معها، مراعية في ذلك خصوصية المكان والزمان، وطبيعة العادات التي تعيشها تلك البيئات بما لا يفقدها هويتها الحضارية وذائقتها الجمالية.
على أن بناء ثقافة سياحية مساندة، وتوفير نماذج التقييم المستمر لها، عبر تأسيس الطلبة وهم في سن الدراسة، للقيام بأنشطة تضمن احترام البيئة السياحية والمحافظة عليها واستشعار قيمتها في النفس ، سوف يعطي السائح من الداخل والخارج صورة إيجابية ضامنة لتحقيق الهدف،وأنموذج عملي في احترام المواطن لمنجزه السياحي ورعايته، والوعي بالشروط والضوابط والمسؤوليات، التي يتعدى جانب التعامل فيها مع المنجز السياحي ذاته، إلى انعكاسها في الصورة الذهنية القادمة التي يحملها السائح أو تبقى في ذاكرته، أو احتفظ بها في كاميرا هاتفه عن السياحة العمانية ومقومات النجاح التي تحملها، لما لذلك من أثر في نقل صورة حضارية راقية لعمان وثقافة أبنائها وأخلاقياتهم وطباعهم وحرصهم على تعزيز قيم الأخوة والسلام والتواصل والتسامح واحترام خصوصية الآخر، بما يضمن مساحات أكبر من التناغم بين قناعات الفرد وطموحاته، وبين استراتيجيات عمله الذي يمارسه على أرض الواقع فتزداد صفة الحميمية له، والثقة فيه، ويسعى نحو صونه والمحافظة عليه، وحسن التعامل مع أدواته، فيقبل عليه بصدق مشاعره، ويستشعر قيمته في ذاته، ويقابله بالمزيد من الاحسان والبر والتقدير والاعتراف.
Rajab.2020@hotmail.com