بقلم / حمود بن سالم السيابي
بعد مخاض طويل في رحم الأمنيات تطل ( وجهات ) لتقول لقصر العلم العامر وبيت البركة وقصر الحصن والشموخ ، هناك من يعشق راياتك على السواري كما يعشقون رايات عابدين والبيت الأبيض وبكنجهام وفرساي .
وتطل هذه الصحيفة بعد تطواف كبير لمؤسسها في مجاهل الجغرافيا لتقول لدارس والسمدي وكبه والخطمين هناك من يعشق سلسبيل مياهك كعشق الناس لزلال النيل والتايمز والراين والدانوب . وتولد هذه الصحيفة من شوق رئيس تحريرها لحبر الطباعة وصرير الاقلام على القرطاس لتقول للجلالي والحزم والشهباء وجبرين هناك من يعشق رائحة اليحمد والنباهنة واليعاربة وآل سعيد بن سلطان ، وهناك من يتمنى السجود على محراب الجلندى والوارث بن كعب وناصر بن مرشد وقيد الأرض ، وأحمد بن سعيد و الإمام عزان . وتشرق شمس هذه الصحيفة من وجع مهني وإحساس جارف بضرورة أن تتكامل المنظومة الإعلامية بصحيفة تعنى بعشق الصروح وتتحرك بإدمان الذوبان في المكان . وتتجه ( جهات ) نحو التوأمة بين ضفاف البلطيق وبحر عمان ، وبين غضب الأطلسي وتكسر الأمواج تحت أقدام سمحان . وبين وداعة بحيرات دربات ورومانسية هامبورج وزرقة زيوروخ . ومنذ العدد الاول سيسهر القاريء مع ( جهات ) تحت قمر الشرقية على رغاء مصيحة و يتلذذ يتمر المدلوكي و يعب من لبن بنت عبيان ، ويغني على موقد قهوة بدوية الهمبل والتغرود واليامال .ويتقاسم لحم ضب مع خميس وخلفان . ويشرب من سعن اخت الرجال كأس ماء مبخرة بالشوع والهيل واللبان . ومنذ العدد الاول ستنقل ( جهات ) على الهواء مباشرة جلبة خور بمبة وصخب شبرد بوش ، وعراقة سوق نزوى واقواس محلات سالزبروج على ضفاف نهر سالزاك. وستأخذ ( جهات ) قارئها إلى الكسفة والثوارة ، وينابيع بوشر واللاجال ، في مقاربة مع ينابيع التشيك وكوالالمبور وبلاد العم سام . ومنذ العدد الاول ستتبنى ( جهات ) مهمة تتبع خط الأجداد الذين نشروا أشرعة سفائنهم يوما باتجاه إفريقيا وسواحل آسيا يعلون المآذن ويطرزون زنجبار وجواذر عمائم وخيولا وقرنفلا ونخيلا، ولأن عمان تمتلك كل المقومات السياحية من بحر ازرق كزيلامسي ، إلى جبال شماء ككابرون ، ومن صحراء حالمة كسحر نيفادا وشطآن لازوردية كالريفيرا مما يؤهلها لتكون وجهة سياحية عالمية اذا تكاملت الجهود وتوحدت الإرادات لجعل السياحة صناعة واستثمار .ويبقى الاهم من كل ذلك هو الانسان الذي ستعكس ( جهات ) شمائله وخصاله كونه الثروة الأبقى والأكثر صمودا في وجه طغيان جنون المدنية فلم تلوثه بمسوحاتها ولم تلبسه أقنعتها فحافظ على شخصيته الإستثنائية ، بينما تستميت الدول في استعادة ملامح الناس في ماضيها وذلك بالتقليب في الكتب القديمة التي تتحدث عن الازياء وأشكال الناس لتقدمهم في الأعمال الدرامية نجد العماني منذ الأزل بذفس الملامح والازياء ، ونراه يذهب الى حقله متأبطا كتابه ومعتمرا خنجره ومتوشحا سيفه وبندقيته ، وهو نفس اللباس في مسجده وسبلته وجلوسه في دكانه ، وكأنه عاد لتوه من مأرب بعد تهدم سدها ، او قدم لتوه من الحجاز بوجهه الوضيء المغسول بزمرم ، او القى للتو مرساة سفينته البصرية وفي فمه طعم رطب البصرة وبريق عيني جابر بن زيد والحسن البصري . فالعماني هو الدراما الحية التي لا تحتاج لخيال المخرج ليرسمها إذ يضرب بجذوره في الأنس البعيد فيتنفس كبرياء الفد الآتي . وستعمل ( جهات ) جاهدة على التكامل مع رسالة وزارة السياحة في تسويق عمان الثقافة والمكان ، لجعل عمان الخيار الاول للسياحة النظيفة صيفا وشتاء . فلتكن جهات الصحيفة عنوان وجهتنا إلى عمان الإنسان والمكان .