تكتبها: آمنة بنت محمد البلوشية|
يعكس المسلسل فكرة اجتماعية مهمة أعدتها الكاتبة الإماراتية منى الظاهري، التي استلهمت فكرته الرئيسية من واقع المجتمع الإماراتي في السبعينيات، حيث فتحت الامارات المجال للنساء غير المتعلمات للالتحاق بالمدارس.
بدأ العمل الفني بتناول قصة النساء اللواتي يسعين لاستكمال دراستهن في مرحلة محو الأمية، مع رغبة شديدة في تغيير واقعهن وإدراك أهمية التعليم في تحسين وضعهن الاجتماعي. ورغم التحديات التي يواجهنها، خاصة من أزواجهن الذين يعارضون هذا التوجه، تبقى إرادة النساء القوية هي المحرك الرئيسي للعمل.
المسلسل يقدم صورة واقعية عن التغيرات المجتمعية في تلك الحقبة، حيث لم يكن هناك صراع داخلي في شخصيات النساء، بل كان الصراع في المحيط الخارجي ممثلا في آراء الأسرة والمجتمع حول تعليم المرأة.
من أبرز ملامح المسلسل هو التنوع الفني في المشاركين من دول خليجية وعربية، ما أضاف طابعا مميزا على العمل. تميزت سوسن بدر من مصر بأداء كوميدي مختلف عن أدوارها السابقة، حيث جسدت شخصية “أبلة مرفت” بأسلوب فكاهي مميز. كما ساهم جابر نغموش من الإمارات في تقديم كوميديا راقية تتناسب مع السياق الإماراتي، بينما أضافت فاطمة الحوسني حيوية خاصة بشخصيتها وأدائها العفوي. هذا التنوع أسهم في إثراء المسلسل وجذب المشاهدين، حيث قدم كل فنان أسلوبه الخاص في الكوميديا، مما جعل العمل أكثر تشويقا.
إلى جانب هؤلاء، برزت أسماء أخرى أظهرت إمكانيات كوميدية لطيفة، مثل ريم الفيصل، ميرا طالب، عذاري السويدي، إيمان السيد، سلامة المزروعي، حسن محمد، وشكران مرتجى، التي تُعد واحدة من أبرز الكوميديات السوريات، حيث أضافت لمسة فكاهية بديعة بشخصية طريفة ومرحة.
هبة الصباغ قدمت رؤية إخراجية جميلة جمعت بين الطابع الكوميدي الخفيف والرسالة الاجتماعية المؤثرة. جاء الإخراج بأسلوب سلس ومتناغم، ما جعل المشاهد تتدفق بشكل طبيعي دون تكلف، مما يعزز واقعية الشخصيات والمواقف الكوميدية.
كما أن استخدام الموسيقى والتفاعل البصري بين الشخصيات لعب دورا في إبراز روح المسلسل، خاصة مع التناغم بين الممثلين الذين قدموا أداءً طبيعيا. ورغم وجود بعض التكرار في المواقع والتصوير، إلا أنه لم يُضعف من جمالية العمل.
من المشاهد الرمزية التي عكست أهمية التراث، كان مشهد “أبلة مرفت” عندما أهدتها النساء البرقع الإماراتي، في إشارة إلى تقدير الموروث الثقافي المحلي. هذا المشهد يعكس تحولات المجتمع الإماراتي وإعادة اكتشاف أهمية التراث في العصر الحديث. كان يمكن التوسع في هذه النقطة من خلال إبراز الحرف اليدوية الإماراتية وإعطاء النساء فرصة لتسويق منتجاتهن التراثية داخل مدرسة محو الأمية، ما كان سيعزز من العمق الثقافي للمسلسل.
أما التصوير، فقد اتسم بالتكرار في بعض المشاهد مثل المسجد والمنازل، وكان من الأفضل استغلال هذه الفرصة للترويج للقرى الريفية، الأماكن التراثية، والمعالم السياحية في الإمارات، مما كان سيمنح المسلسل بعدا بصريا وتسويقيا أقوى.
أحد العناصر التي أضافت طابعا كوميديا خاصا في المسلسل كانت المواقف التي تحدث داخل الباص مع السائق، حيث برزت الكوميديا العفوية بأسلوب مرح. كذلك، ساهم فن الطهي في خلق لحظات إنسانية دافئة، حيث تعرفت النساء على ثقافات بعضهن من خلال تبادل الأطباق، ما جعل المشاهد أكثر قربا للواقع الاجتماعي.
بشكل عام، يُعد “الباء تحته نقطة” عملا فنيا متوازنا، يجمع بين المواقف الكوميدية الاجتماعية وقضايا التعليم والتمكين الثقافي بطريقة خفيفة ومؤثرة. تنوع الشخصيات والخلفيات الفنية ساعد في تعزيز جاذبية المسلسل، بينما سلط الضوء على أهمية التعليم في تغيير الواقع الاجتماعي بأسلوب كوميدي محبب. رغم بعض الملاحظات على التصوير، إلا أن المسلسل يبقى تجربة جميلة في الدراما الخليجية تستحق المشاهدة.ayaamq222@gmail.com