أنقرة – وجهات|
قال سعادةُ سيف بن راشد الجهوري سفيرُ سلطنة عُمان المعتمد لدى جمهورية تركيا إن زيارة “دولة” يقوم بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم، حفظهُ اللهُ ورعاهُ، لجمهورية تركيا، تأتي في سياق الزيارات التاريخيّة بكل المقاييس، فهي أول زيارة رسميّة بهذا المستوى من جانب سلطنة عُمان في التاريخ الحديث للعلاقات بين سلطنة عُمان وجمهورية تركيا.
وأضاف سعادتُه في تصريح خاص لوكالة الأنباء العُمانية أن هذه الزيارة تتزامن مع احتفاء البلدين بالذكرى الـ 50 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، كما تتزامن مع احتفال تركيا بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية وإعلان فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن رؤية “قرن تركيا”، المئوية الثانية، مئوية مستقبل تركيا، وتحمل رمزية استثنائية كونها تعكس رغبة مشتركة في استمرار التعاون والعلاقات التاريخية المتجذّرة بين سلطنة عُمان والدولة التركية التي تمتدّ إلى أكثر من ثلاثة قرون.
وأشار سعادتُه إلى أن هذه الزيارة تمثل مستقبل العلاقات بين البلدين، حيث ستشكّل جلسة المباحثات الثنائية التي ستجمع بين جلالتِه /أبقاهُ اللهُ/ وفخامة الرئيس التركي بداية لمرحلة جديدة ومميزة للعلاقات الثنائية، وستضع الأسس القوية لبناء علاقات استراتيجية بين البلدين، بما يخدم مصالحهما المشتركة ويعود بالنفع على الشعبين العُماني والتركي، ويعزز دور البلدين في الساحتين الإقليمية والدولية.
وبيّن سعادتُه أنه سيتم خلال الزيارة التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لتعزيز التعاون بين سلطنة عُمان وجمهورية تركيا الصديقة في العديد من مجالات التعاون الثنائية بما فيها المجالات السياسية والدبلوماسية، والتعاون الاقتصادي والتجاري والمالي والاستثماري، والتعاون العسكري والتصنيع الدفاعي، والنقل والاتصالات والطاقة وإدارة الطوارئ، والثقافة والتعليم العالي والبحث العلمي، ومجالات الإعلام ووكالات الأنباء، إضافة إلى مجالات الصحة والعلوم الطبية، والعمل وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وكان للجنة العُمانية التركية المشتركة العديد من الاجتماعات آخرها الاجتماع الحادي عشر الذي عُقد في 3 نوفمبر 2022 في أنقرة وتم خلاله التوقيع على بروتوكول تعاون بين البلدين الصديقين، وسعت سلطنة عُمان إلى جلب الاستثمارات التركيّة وإيجاد شراكات متنوعة لرفد الاقتصاد الوطني وإتاحة المجال للاستفادة من خبرات وإمكانات الشركات من مختلف دول العالم ضمن رؤية عُمان 2040 الاستراتيجية لتنويع الاقتصاد وفتح أبوابه للاستثمارات.
وفي هذا السياق أشار سعادتُه إلى أن اللجنة المشتركة هي المحرك الرئيس للعلاقات الاقتصادية والتجارية والفنية بين البلدين، ومن المقرر أن تعقد اجتماعها القادم في مسقط خلال شهر ديسمبر القادم، حيث ستقوم بمتابعة تعزيز جوانب العلاقات الاقتصادية والتجارية والفنية والاستثمارية بين البلدين بما يعود بالنفع على الشعبين العُماني والتركي.
ووضّح سعادتُه أن هناك العديد من القطاعات التجارية والاقتصادية التي تتوافر فيها فرص للتعاون المشترك بين شركات القطاعين العام والخاص في سلطنة عُمان وجمهورية تركيا ومنها على سبيل المثال القطاع اللوجستي؛ نظرًا لموقع سلطنة عُمان الاستراتيجي بصفتها بوابة إلى الخليج العربي والأسواق الآسيوية والأفريقية.
وأضاف سعادتُه أن هناك إمكانات كبيرة لتطوير قطاع السياحة بين البلدين، فيمكن للقطاع الخاص التعاون في إنشاء وتشغيل الفنادق والمنتجعات السياحية والمرافق السياحية، أما في قطاع الصناعة، فيمكن تعزيز التعاون الثنائي في مجالات التصنيع، خاصة الصناعات التحويلية مثل تصنيع المنتجات الغذائية، والمنتجات البلاستيكية، وغيرها من الصناعات. وفي قطاع الطاقة توجد إمكانات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، ويمكن للشركات التركية المتخصصة فيها البدء في تطوير مشروعات طاقة نظيفة في سلطنة عُمان.
وفي قطاع البناء والتشييد، تعد الشركات التركية من بين الشركات الرائدة في هذا المجال، وهناك فرص للتعاون في المشروعات العقارية الكبرى، والخاصة بالموانئ والمطارات والمستشفيات، وفرص نمو في قطاع الزراعة وصناعة الأغذية، حيث يمكن للشركات التركية الاستفادة من الإمكانات الزراعية في سلطنة عُمان وتوسيع نطاق التعاون في إنتاج وتوزيع المنتجات الزراعية والغذائية.
وحول الاستثمارات العُمانية في جمهورية تركيا، قال سعادتُه إن جهاز الاستثمار العُماني يملك حصة أساسية في ميناء كمبورت ذي الموقع الإستراتيجي على الجانب الأوروبي من إسطنبول منذ عام 2011م، ويمثل الميناء البوابة الرئيسة للبضائع الاستهلاكية لمدينة إسطنبول، كما يقدم مجموعة من الخدمات مثل مناولة الحاويات والبضائع العامة، وخدمات الدحرجة، بالإضافة إلى خدمات التخزين والتفريغ.
وأشار سعادتُه إلى أن الاتفاقية التي وقّعت عليها الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال وشركة بوتاش التركية، تعد ذات أهمية خاصة للبلدين الصديقين، فهي أول اتفاقية لتصدير الغاز العُماني إلى سوق جديد وهو السوق التركي ذو الأهمية الخاصة بالنسبة لسوق الطاقة العالمي سواء لتلبية حاجة السوق الداخلي التركي أو التصدير للأسواق الأوروبية.
وأشار سعادتُه إلى أن العديد من المسؤولين الأتراك أكدوا على أن هذه الاتفاقية ذات أهمية كبيرة بالنسبة لبلادهم كونها تأتي في فترة زمنية تعمل فيها جمهورية تركيا على تجديد العديد من تعاقداتها في مجال الطاقة، وسيسهم الغاز العُماني المسال في زيادة تنويع مصادر الطاقة التركية خلال العقد القادم مما يسمح بإقامة مزيد من التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة بمختلف جوانبها التقليدية والمتجددة.
وبيّن سعادتُه أن البلدين يعتزمان التوقيع خلال هذه الزيارة على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة تشمل العديد من الجوانب بما فيها النفط والغاز والهيدروجين والكهرباء والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.
وفي المجال السياحي قال سعادتُه إن جمهورية تركيا تشتهر بأنها وجهة سياحية عالمية بفضل المقومات السياحية التي تمتلكها من طبيعة وتراث وشواطئ وبنية أساسية وخدمات متنوعة للسائحين وقد بلغ عدد الزائرين العُمانيين إلى تركيا خلال عام 2023م حوالي 95 ألفًا مقارنة بـ 130 ألفًا في عام 2022م.
وينشط التعاون بين الجامعات في البلدين وإقامة البرامج الأكاديمية المشتركة وتبادل الوفود الطلابية، ويعد برنامج التعاون المشترك بين جامعة السُّلطان قابوس وجامعة مرمرة نموذجًا لهذا التعاون الذي يمتد لأكثر من عشر سنوات، وشمل مشاركة عشرات الأكاديميين والطلبة في برامج أكاديمية وبحثية في الجامعتين.
واختتم سعادتُه حديثه بأن معالي الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار قامت بزيارة رسمية إلى جمهورية تركيا في شهر أكتوبر الماضي، وشهدت التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والتدريب المهني بين الجانبين، كما وقّعت بعض الجامعات العُمانية والتركية على اتفاقيات تعاون فيما بينها.