يكتبه: د. رجب العويسي|
لعل أول سؤال يتبادر للذهن عند الحديث عن السياحة الداخلية هو: كيف تعرف بأن هذه المحافظة لها أجندة تنموية تستوعب التوجهات الوطنية، وتمتلك قدرات تنافسية تميزها على غيرها من المحافظات؟
إن أبسط إجابة على السؤال تتجه إلى المشهد السياحي في المحافظة، وإلى أي مدى استطاع أن يحقق تحولا نوعيا من حيث استقطاب أعدد السياح، ومستوى التجديد والتنوع والتطوير الحاصل الوجهات السياحية بما تضيفه من حضور متجدد وفرص اقتصادية.
ومعنى ذلك أن الحديث اليوم عن السياحة الداخلية في إطار الاستدامة والتنوع والابتكارية، باتت له أوصاف أخرى لا تقف عند حد معين، فمع جودة الخدمات وكفاءتها وكفايتها المقدمة للسائح في الوجهات السياحية الطبيعية أو الفعاليات الموسمية التي تتميز بها المحافظة، تأتي قيمة المبادرات السياحية وجهود المواطنين واستثماراتهم والحضور النوعي لمؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لتضيف بصمة نوعية في المشهد السياحي الداخلي بالمحافظة.
عليه، يتجه المسار إلى جملة الجهود التي باتت تعظم من شأن السياحة الداخلية باعتبارها بوابة استثمارية وواجهة حضارية تنموية للمحافظة تميزها عن غيرها وتقدمها على ما سواها، وتبرز مستوى الجهد المقدم من مكاتب المحافظين والولاة والمجالس البلدية ومؤسسات المجتمع المدني والفرق التطوعية والتنموية والتطويرية بالمحافظات، ثم الشركات والمواطنين وأصحاب الخبرات والتجارب، ومؤسسات التعليم وغيرها وعبر شراكات حقيقية تستهدف بناء مسار سياحي منتج في المحافظة.
من هنا، فإن بناء خريطة السياحة الداخلية بالمحافظات، وتعظيم حضورها في ثقافة عمل المحافظة واختصاصاتها ذات الأبعاد التطويرية والتنموية، يستدعي تكاتف جهود المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمبادرات الأهلية الشبابية ولجان العمل المحلية والخبرات المجتمعية وذوي الاختصاص، في رسم نماذج عملية لبيئات سياحية تستجيب لاحتياجات السائح وتتفاعل معها كما يلامسها المواطن في واقع ممارساته اليومية.
أخيراً، تبقى هذه الممكنات مرتكزات قوة للمحافظات، إن أحسنت استغلالها وعززت من حواراتها وأسست بنيانها على تخطيط سليم وتنظيم متقن وأداء منجز وأدوات محكمة وتقييم نزيه وشراكة حقيقية، الأمر الذي ينعكس على كفاءة المنجز السياحي في تنوع خياراته وتعدد أنشطته الاقتصادية واتساع بيئاته التفاعلية ومنصاته الحوارية التي تصنع الفارق وترفع سقف التوقعات.