صلالة – العُمانية |
تنتشر في ركن مخصص بمنطقة سهل ” أتين ” في ولاية صلالة بمحافظة ظفار محال بيع وصناعة الحلوى العُمانية التي تشهد إقبالًا كبيرًا من المواطنين والسياح خلال موسم الخريف.
ويجذب الإقبال الكبير على الحلوى العُمانية خلال الموسم العديد من صناع الحلوى المعروفين إلى محافظة ظفار من مختلف محافظات سلطنة عُمان لمواكبة زيادة الطلب وعرض إنتاجهم من الحلوى باختلاف أصنافها و مكونتها و مذاقاتها.
وصناعة الحلوى ليست عملاً تجاريًا وحسب، بل هي شغف وفن قائم بذاته كما يرى أحمد بن سالم الحبسي، صانع الحلوى المتمرس في هذه المهنة منذ أكثر من 30 عامًا.
يُقدم الحبسي لرواد الفرع الذي افتتحه في منطقة سهل”أتين” فرصة معايشة المراحل التي تَمرُّ بها صناعةُ الحلوى بالطريقة التقليدية، حيث يلتف الزبائن الذين يملؤهم الفضول حول “مصنع الحبسي للحلوى العُمانية”؛ لمتابعة مراحل صناعة هذا الطبق اللذيذ، ومراقبة عملية إضافة المكونات و التقليب المتواصل على النار وصولاً لتعبئة المنتج وتقديمه ساخنًا في قوالب خاصة معدة لهذا الغرض، فالمصنع يُعد من المصانع الصديقة للبيئة، وملتزم بعدم استخدام المواد البلاستيكية ويعمل على تعليب وتقديم الحلوى في قوالب “الميلامين”، إلى جانب استخدام مواد من البيئة العُمانية كأوراق الموز وأوعية وقوالب تقديم من الفخار وسعف النخيل.
وتُعد “الحلوى السوداء، والزعفران، والعسل” الأنواع الأكثر طلبًا من قبل المواطنين والمقيمين والسياح كما يقول أحمد، الذي لفت إلى أن تعدد المواسم السياحية التي تشهدها عموم محافظات سلطنة عُمان تشجع على زيادة الطلب على الحلوى العُمانية.
ويضيف: أنَّ الحفاظ على صحة المستهلكين والطعم والمذاق التقليدي للحلوى أولوية في هذه المهنة؛ مشددًا على أهمية مراعاة الاشتراطات الخاصة باستخدام المواد الغذائية الصحية وتجنب الإضافات الصناعية، مؤكدًا على أهمية الرقابة وتكثيفها من قبل الجهات المعنية للتأكد من سلامة المواد المستخدمة في صناعة الحلوى.
من جانبه، يصف خلفان بن سليمان الغضيب صاحب مصنع ” الغضيب ” للحلوى العُمانية تجربة المشاركة الأولى لمصنعه في موسم خريف ظفار بالناجحة حيث يشهد منفذ البيع إقبالاً واسعًا على شراء الحلوى العُمانية.
ووضّح أنَّ الموسم السياحي يمثل فرصةً سانحة لترويج المنتجات العُمانية بشكل عام والحلوى بشكل خاص، إذ يستقطب الموسم العديد من الزوار من داخل سلطنة عُمان وخارجها، وبالتالي يصبح الطلب أكبر على الحلوى العُمانية التي باتت تحظى بشهرة واسعة خارج سلطنة عُمان.
وأضاف، أنَّ مثل هذه المشروعات تعد تشجيعًا للحرف والصناعات التقليدية، إذ إن الحلوى إلى جانب كونها سلعة غذائية فهي موروث تقليدي يتوارثه العُمانيون وتُقدم وتُعرّف للسائح كمنتج يحمل هوية عُمانية أصيلة تتعد أشكاله ومذاقه.
وأشار إلى أنَّ المصنع يُقدم خمسة أنواع من الحلوى بنكهات مختلفة هي ” الخاصة بالجوز، والسلطانية، والخاصة بعسل السدر، والخاصة باللوز، والحلوى بالخبز العُماني “.
ووسط زبائنه وانشغاله بتلبية طلباتهم ، يقول خلفان الغضيب: مصانع الحلوى العُمانية من المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تفتح المجال واسعًا أمام الشباب للعمل، موضحًا أن جميع العاملين في المصنع هم من الشباب العُماني، وأن هناك تعاونا من قبل الجهات المعنية لتسهيل مثل هذه المشروعات سواءً في المواسم السياحية أم على مدار العام.
وحول تطور صناعة الحلوى وطرق تقديمها يقول حاتم بن محمد المحروقي صاحب مصنع “الشهرة للحلوى العُمانية وحلويات الجليلة”: إن المصنع أُسس قبل أكثر من 35 عامًا في ولاية سناو، وكان يعمل بالطريقة التقليدية في بداية تأسيسه إلى أن طُورت بعض الأفكار والمنتجات وطريقة التقديم وأصبح للمصنع 18 فرعًا موزعًا على مختلف محافظات سلطنة عُمان.
وأضاف: المصنع يقدم عددا من الأصناف الجديدة، تمثلت في ابتكار المعمول بالحلوى العُمانية، والحلوى الخاصة بحليب الإبل والحلوى بالخبز العُماني، والتي امتزجت بها الحداثة بالأصالة والحفاظ على المذاق التقليدي المميز لإنتاج المصنع.
ووضّح أن المواسم السياحية تشكل حافزًا كبيرًا للبدء في العمل التجاري الحر وفتح المشروعات والأعمال، إذ تستقطب المواسم السياحية المختلفة السياح من جنسيات عديدة، وبالتالي ينعكس ذلك على توسيع نطاق العمل وترويج المنتج داخليًا وخارجيًا، وزيادة الطلب خارج سلطنة عُمان للمنتجات التي يقدمها المصنع من خلال التسويق الإلكتروني.
إنَّ الترويج للصناعات التقليدية والحرف بصورة مبتكرة يشكل عاملاً مهمًا لإبرازها وانتشارها، وهذا ما أكده عارف بن محمد الخروصي مدير المحل والترويج في “الديوانية لصناعة الحلوى العُمانية”، الذي يقوم باستخدام الخط العربي في الترويج للمنتج، وذلك من خلال كتابة اسم الزبون أو أي عبارة خاصة يطلبها بخط عربي يمثل تمازجا مميزا يجمع جمال فن الخط والمذاق الأصيل للحلوى العُمانية حتى يتم تسجيل تجربة خاصة وذكرى تبقى مع الزبون عند شراء الحلوى.
وقال الخروصي: نقدم سبعة أنواع من الحلوى أشهرها “الماسية بالعسل والزعفران، والسلطانية بماء الورد الجبلي والسمن العربي”، لافتًا إلى أن الأسعار في المتناول حسب الحجم والنوع والصنف حتى يتمكن الجميع من شراء الحلوى وتذوق الطعم التقليدي الأصيل للحلوى العمانية.
وفيما يتعلق بتوظيف الشباب العُماني يقول: لدينا نحو 160 موظفا عُمانيا في أكثر من 46 فرعا حول ولايات ومحافظات سلطنة عُمان.
ولفت إلى أهمية بذل المزيد من الجهد والتحسين المستمر من قبل الجهات المعنية لتسهيل الوصول إلى مواقع ومنافذ بيع الحلوى العمانية والتعاون المستمر لضمان انسيابية حركة المرور.
وتمثل صناعة الحلوى العُمانية مجالاً لتوفير فرص العمل للشباب العُماني سواءً على مستوى امتلاك المحال والمصانع الخاصة ببيع الحلوى أم توظيف الشباب العُماني في هذه المصانع، وفي هذا السياق، يقول علي بن محمود الحديدي مدير محل “حلوى السيف”: حققنا في المصنع نسبة تعمين 100 بالمائة، إذ يشرف ويعمل في المصنع في أغلب مراحل التصنيع شباب وكادر عُماني مؤهل وشغوف بهذه المهنة.
وأضاف: يحرص المصنع على المشاركة في المناسبات والأنشطة المختلفة داخل وخارج سلطنة عُمان، ويشتهر بتقديم عدد من الأنواع من بينها (الحلوى الخاصة بالهيل والزعفران، والحلوى الملكية بقصب السكر العُماني).
ولشهرة الحلوى والطلب المتزايد عليها خارج سلطنة عُمان يقول علي: نشارك في العديد من المناسبات والمهرجانات في الخارج، ويذكر على سبيل المثال لا الحصر أَنَّ من بين هذه المشاركات، القرية العالمية في الإمارات، ومهرجان التمور في الإحساء بالمملكة العربية السعودية، فضلاً عن مشاركة المصنع حاليًا في مهرجان أبها.
وتعد المواسم السياحية بشكل عام وموسم خريف ظفار خاصة فرصة لأصحاب الأعمال لإبراز وتعريف السياح بالصناعات والحرف التقليدية والترويج لها داخليا وخارجيا، وفي هذا الصدد، يقول الخطاب بن خميس القصابي مدير فرع “السيفي للحلوى العُمانية بصلالة”: تشهد محال الحلوى رواجًا كبيرًا، بسبب توافد السياح من خارج سلطنة عُمان إلى جانب نشاط السياحة الداخلية، لافتًا إلى أن هناك إقبالاً على الحلوى العُمانية من جانب العُمانيين والسياح من مختلف الجنسيات الذين يستقطبهم الموسم حيث يتم تقديم شرح لهم عن مكونات الحلوى ومراحل إعدادها للتعرف على هذه الصناعة العُمانية العريقة.
وأضاف: أنَّ المصنع الذي أُسس في عام 1973، يقدم عددًا من أنواع الحلوى التقليدية أشهرها (الخاصة بالجوز، وبالتين، وبالعسل، وبالخبز العُماني بالدبس الخالص)، موضحا أن جميع فروع المصنع بلغت نسبة توظيف الشباب العُماني فيها 100 بالمائة ويعملون في مجال التصنيع والبيع.
إنَّ صناعة الحلوى العُمانية إلى جانب كونها حرفة ومهنة أبدع فيها العُماني وتوارثها جيلاً بعد جيل، أصبحت شغفًا لدى الكثير من صُنّاعها الذين أدخلوا عليها فنونًا في طريقة التقديم والجذب والترويج، ليزداد الطلب عليها داخل وخارج سلطنة عُمان، وتكاد لا تخلو مناسبة عند العُمانيين من وجود الحلوى وتقديمها، كما مثلت محالها الموزعة في مختلف المحافظات تجارةً رائدةً وعملاً حرًا يستقطب الشباب العُماني الذي يعمل للحفاظ على هذه الصناعة بكل فخر واعتزاز.