الجزائر – العُمانية|
تضمُّ منطقة “الكاف”، الواقعة بولاية تلمسان (غرب الجزائر)، الكثير من المعالم الأثرية، التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وأخرى تعود إلى حضارات مختلفة تعاقبت على هذه المنطقة.
وتشيرُ الشواهد التاريخيّة إلى أنّ منطقة “الكاف”، عرفت استقرارًا بشريًّا، يعود إلى آلاف السنين، وهذا ما يتجلّى من المنازل الكهفية الموجودة في هذه المنطقة، والتي كانت من أهمّ مراكز عيش الإنسان في العصور القديمة.
كما تدلُّ الآثار المنتشرة بهذه المنطقة، أنّ “الكاف”، كانت هدفًا لحضارات مختلفة، أهمُّها الحضارة الرومانية، وذلك بفضل وجود آثار قلاع يُرجّحُ المؤرّخون أن تكون قد بُنيت من قبل سكان المنطقة لحماية أنفسهم من الغزاة. أمّا في العصور الوسطى من الفترة الإسلامية، فقد عرفت المنطقة التواجد المرابطي والموحدي، وكانت كذلك مركزًا للصراع بين الدولة الزيانية والدولة المرينية.
أمّا بالنسبة لقبيلة “بني الكاف”، في فترة الحكم العثماني، فلم يخضع أهلُ المنطقة لراية الدولة العثمانية، حتّى بالقوة، وكانوا دائمًا يقاومون الجنود العثمانيين المكلّفين بتحصيل الضرائب. وقد كانوا يلتزمون بالبقاء في أوكارهم، ويعرفون كيف يبقون متماسكين، وهذا ما دفع بالعثمانيين إلى تعيين قائد في القرية.
ومن أهمّ المعالم الأثريّة التي تضمُّها هذه القرية -التي كانت معروفة بالنسيج المحلي- القصرُ الأثريّ الذي ترجع ملكيته لعائلة ابن ناصر، ويُرجّحُ -بحسب طريقة بنائه- أن يعود تاريخ إنشائه إلى فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر (1830/1962)، ويُعتبر تحفة معمارية بُنيت على موقع أثري.
ويؤكّد أمين بودفلة مدير الثقافة بولاية تلمسان، في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية، أنّ قرية “الكاف”، تعدُّ من بين المناطق السياحيّة والأثرية النادرة، لما تتميّز به من مناظر طبيعيّة خلابة، وآثار يعود تاريخُها إلى الإنسان البدائي، وهو ما تُبرزه المغارات التي هي عبارة عن كهوف نحتها السُّكان الأوائل، والأصليُّون بمنطقة “الكاف” على شكل بيوت تقع أسفل الدشرة الحاليّة، وتطلُّ على وادي تافنة، على مقربة من بركة تُسمّى بالأمازيغية، “تالة وغم”، أي “بركة الجمل”.
ويُضيف أمين بودفلة، أنّ منطقة “الكاف”، ما زالت تنامُ على كنوز أثرية تنتظر أن يتمّ التركيز عليها، أبرزُها المقابر القديمة، التي تُشير إلى حضارة كبيرة مرّت على المنطقة، فضلًا عن المسجد العتيق الذي تخرّج منه عشرات الأئمة، بينهم أئمّة من المغرب، ناهيك عن وجود غرف ترابيّة داخل الجبل تحتوي على نوازل وصواعد في شكل مُميّز، ونفق بطول 100 متر.
ومن أهمّ المعالم التي تزخر بها منطقة “الكاف” أيضًا، قصر “القايد” الجميل الذي يقف شامخًا رغم انهيار العديد من أجزائه، إذ يقفُ هذا المعلمُ الأثريُّ شاهدًا على مرور فترة تاريخيّة مُهمّة بهذه المنطقة. وقد أكّدت إحدى الباحثات الفرنسيّات، بعد زيارتها لهذا القصر واكتشافه، أنّ هذا الأخير مصنوعٌ من نفس تراب قلعة “منصورة” التاريخيّة بتلمسان.
وبحسب عبد القادر عربي نائب رئيس جمعية “بصائر الكاف” الثقافيّة، فإنّ قرية “الكاف” تشهد إقبالا كبيرا من قبل الزوّار، من مختلف أنحاء الجزائر، وحتى من الدول المجاورة، كالمغرب، ومصر، خاصّة بمناسبة “يناير” رأس السنة الأمازيغية، بحكم أنّ القرية أمازيغيّة الأصل، إذ تُقام بهذه المناسبة فعالياتٌ كبيرة جدًّا داخل القرية، يحضرُها آلاف الأشخاص سنويًّا.