مقال| “البدوي” على طريق الحريم

يكتبه: حمدان البادي| 

 كانت السماء تمطر مطراً خفيفا وقد ترك أهل وادي الحريم بولاية ينقل وقت قيلولتهم وخرجوا يقتفون أثر المطر الذي بدأ ينسكب على الجبال والسهول، لكن مفاجأة لم تكن في الحسبان أضفت لذلك الوقت لحظات استثنائية ستظل في الذاكرة لسنوات حينما فوجىء الجميع بسيل من السيارات الكلاسيكية تفضي إلى الوادي قادمة من وادي الفتح بولاية ضنك مرور بوادي العقيبة ومن ثم وادي الحريم بولاية ينقل. سيارات صغيرة وغريبة اختارت مسارا غير معبد حتى خرائط جوجل تجد صعوبة في الاهتداء إليه.  

ولأن كاميرات الهواتف كانت توثق أجواء المطر كانت جاهزة لتسجل لتلك اللحظة النادرة لمجموعة من السيارات الكلاسيكية الصغيرة لم يدركها الكبار في حياتهم وهم الذين اعتادوا على سيارات الفورويل والبيكب الكبيرة القادرة على تحمّل تضاريس المكان، أما بالنسبة للصغار هي تشبه سيارات الألعاب الصغيرة أو تلك التي يرونها في فيديوهات اليوتيوب.  سيارات لم يكن في الحسبان أنها ستمر من هذه البقعة من العالم قادمة من بلدان أوروبا وقد أنطلق مسارها من العقبة بالأردن مرورا بمدن المملكة العربية السعودية ومن ثم دولة الإمارات العربية المتحدة لينطلق مسارها لسلطنة عُمان باتجاه الجبل الأخضر . وهذا ما توصل إليه الناس في استكشافهم للأمر وقد سهل مهمتهم رؤية سيارات تحمل دلالة لوزارة التراث والسياحة ووزارة الثقافة والرياضة والشباب، وأخرى للجمعية العمانية للسيارات فكانت منصاتهم الرقمية هي من فسر سر هذه السيارات الغريبة. 

وأشاد المتسابقون بجماليات المكان وفقا لما نشر في موقع Hero-ERA حيث اختلفت عليهم الطبيعية بشكل كلي عن الأيام السابقة والعاصفة المطرية التي تصادف وجودهم بعد 12 يوما من السير في طقس حار وطرق صحراوية، أما بالنسبة للناس التي خرجت صدفة لاقتفاء أثر المطر والسيارات التي مرت بالصدفة عبر هذا المسار كانت تلك اللحظة من أجمل الصدف، حتى “الهوش والبوش” التي تحرص على أن تقضي جل وقتها في الشوارع الترابية وهي تجتر الطعام كانت في تلك اللحظات قد هيأت الشارع واحتمت بالأشجار هربا من المطر وقد وقفت ساكنة لمشهد السيارات العابرة. 

 شخصيا استبعدت أن يمر المسار بطريق وعرة خاصة أن الخارطة – التي نشرتها الجمعية العمانية للسيارات – لم تحدد مسار القرى التي سيمر بها المسير وكنت استبعد أن مثل هذه السيارات التي صممت في ايامها لتخوض سباقات الرالي وتعود إلى حقبة ما قبل عام 1975 تحتمل السير في طريق وادي الحريم بتعرجاته وطلعاته وأن ترتقي قمة الجبل الأخضر وهي التي قطعت ما يقارب 7 الآلف كم لتمنح المشاركين مغامرة استثنائية ولسكان المناطق التي مر بها “مسار البدوي” الذي يقام لأول مرة في سلطنة عُمان بمشاركة 45 سيارة من سيارات الرالي الكلاسيكية قطعت أكثر من 1400 كم في سلطنة عُمان في مسير مر بعدد من محافظات السلطنة منها الجبل الأخضر ومسقط حيث أقامت الجمعية العمانية للسيارات حفل استقبال لهم قبل التوجه إلى بدية وصور ومن ثم غادرت إلى دبي عن طريق محافظتي الباطنة شمال وجنوب في رحلة هدفت للتسويق السياحي وإظهار جماليات سلطنة عُمان والتنوع البيئي بين السهل والجبل والرمال والشواطئ. 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*