الدوحة – قنا|
نجحت دولة قطر في ترسيخ مكانتها كوجهة سياحية رائدة بفضل سجلها الحافل في الأمن والأمان وتوفيرها شبكة مواصلات تتميز بالكفاءة والسلاسة وامتلاكها مجموعة من الشواطئ البكر والمعالم السياحية والثقافية، بالإضافة إلى المواقع التراثية. وبالتزامن مع احتفاء دولة قطر بالدوحة عاصمة السياحة العربية نسلط الضوء في السطور التالية على السياحة الثقافية في قطر باعتبارها واحدة من أهم روافد السياحة في الدولة، ما يؤهلها لتكون قاطرة للإبداع والتنمية.
وفي هذا الصدد، قال عمر الجابر، مدير إدارة الخدمات المشتركة في “قطر للسياحة”: إن قطر للسياحة تولي اهتماما بالغا للثقافة، باعتبارها إحدى الركائز الرئيسية التي أسست عليها الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2030 والتي تم إطلاقها منذ 14 عاما، وذلك انسجاما مع رؤيتها في قيادة تنمية السياحة في قطر بشكل مستدام لتصبح وجهة سياحية عالمية تفخر بجذورها الثقافية. مذكرا بأنه حينها تم اختيار أربعة مبادئ توجيهية لتكون إطار عمل من شأنه أن يدعم الاستراتيجية السياحية وينسجم مع الأولويات الوطنية، وأولها التقاليد والقيم المحلية من خلال المحافظة على الهوية العربية الإسلامية والقواعد الأخلاقية للقطريين، وتشجيع القيم الأسرية والتماسك الاجتماعي.
وأوضح الجابر أن الاستراتيجية الوطنية للسياحة حددت عددا من البرامج التوجيهية، منها تشجيع المهرجانات والفعاليات الثقافية، وتشجيع تطوير المواهب الفنية المحلية، إذ ترجمت هذه البرامج إلى سلسلة من المشاريع لتطوير الأسواق التراثية والفعاليات الثقافية التي من شأنها أن تساهم في تسريع عملية تطوير قطاع السياحة في قطر وزيادة عدد الزوار، مؤكدا أن “قطر للسياحة” تعمل على تطوير هذه الاستراتيجية وتشرف على تنفيذها، وذلك في إطار دورها ككيان مسؤول عن تخطيط وتنظيم وتطوير سياحة مستدامة في قطر.
كما تتعاون قطر للسياحة مع كافة شركائها في القطاعين العام والخاص لضمان نجاح الاستراتيجية وتقديم التوصيات الخاصة بالإجراءات التصحيحية عند الحاجة والتأكد من أن جميع البرامج والمشاريع مصممة لتحقيق أهدافها المحددة. وبالتالي فإن دور قطر للسياحة هو دور استشاري وإشرافي وتنسيقي، فيما يظل تنفيذ جميع البرامج والمشاريع مهمة الجهات الحكومية المعنية بالشراكة مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
إلى ذلك، نوه بأن المهرجانات والفعاليات التي تنظمها قطر للسياحة سنويا بالتعاون مع شركائها، يتم فيها إشراك المواهب المحلية لدعم أعمالهم ومنتجاتهم والتسويق لها.
ومن أبرز تلك الفعاليات، ذكر الجابر: مهرجان قطر للتسوق، ومهرجان قطر الدولي للأغذية، قطر لايف، ومهرجان صيف قطر، ومهرجان قطر للمناطيد، واحتفالات العيد في قطر، ومعرض الدوحة للمجوهرات والساعات، وسباق موتو جي بي للدراجات النارية، وغيرها الكثير.
وأضاف: كما أننا نقوم بإصدار الدليل الإرشادي “قطر الآن”، الذي يعد الدليل الأمثل لقضاء إجازة في قطر لما يتناوله من قصص ملهمة، ومعلومات عملية، وبرامج رحلات، وخرائط، ونصائح خبراء، والمرافق السياحية التي لا بد من زيارتها والتي تعكس ثقافة قطر. حيث قامت قطر للسياحة بإصدار النسخة الثالثة من هذا الدليل يوليو الماضي، ويأتي القسم الأول منه تحت عنوان “تقاليد نابضة بالحياة” ويأخذ القراء في رحلة آسرة يتعرفون من خلالها على تراث قطر العريق، ويستكشفون عادات وتقاليد أهلها. ويتوفر الدليل نصف السنوي للزوار في كل مرحلة من مراحل زيارتهم إلى قطر، حيث يوزع مجانا في الفنادق والمتاحف والسفارات ومطار حمد الدولي وفي الوجهات التي يرتادها الزوار.
وبخصوص أبرز الفعاليات الثقافية التي تضعها “قطر للسياحة” على رزنامة الأحداث السياحية في قطر، قال السيد عمر الجابر، إن “قطر للسياحة” تعمل بشكل متواصل على إثراء رزنامة الفعاليات والمهرجانات في دولة قطر لاستهداف جميع فئات الزوار الدوليين وغيرهم، وتتضمن رزنامة الفعاليات كافة الأنشطة التي تقام على أرض قطر. كما تم تنظيم العديد من الفعاليات والمهرجانات الدولية الكبرى بالتعاون مع الجهات المعنية في قطاع السياحة، وبالتنسيق مع الكفاءات والوكالات المتميزة من جميع أنحاء العالم. بالإضافة إلى ذلك، تقدم قطر للسياحة نموذجا جديدا للمهرجانات والفعاليات السياحية لإلقاء الضوء على الخدمات السياحية في دولة قطر، مع التركيز بصورة خاصة على الجوانب المتعلقة بالاستدامة.
وفي لمحة سريعة على الفعاليات الثقافية الجذابة التي تم تقديمها للمقيمين والزوار خلال شهر أغسطس من هذا العام، ذكر الجابر: ورشة النقش النباتي على الفخار، وورشة عمل الزخرفة الإسلامية. كما شاركت قطر للسياحة في العديد من المبادرات التي تراعي الجانب الثقافي، منها التعاون المشترك مع هيئة الأشغال العامة “أشغال” ممثلة في لجنة الإشراف على تجميل الطرق والأماكن العامة بالدولة والخطوط الجوية القطرية و”أريد”، وذلك لتنظيم فعالية خاصة احتفالا بليلة القرنقعوه، وقد جرت أحداثها في ساحة كورنيش الدوحة التي شهدت إضاءة خاصة تعكس أجواء شهر رمضان المبارك، وتضمنت سلسلة من الأنشطة التي تحتفي بالثقافة والتقاليد القطرية، منها ورش عمل مصممة خصيصا للأطفال للتعلم والإبداع، وعرض أزياء خاصة بملابس القرنقعوه التقليدية، وورش عمل حول تزيين /(البطولة) التقليدية خاصة بالفتيات/(البطولة هي غطاء ساتر للوجه يصل طوله إلى الذقن أو يزيد بقليل)، والرسم مع عزام، وصناعة سوار السدو.
وفي ذات السياق، أكد مدير إدارة الخدمات المشتركة في “قطر للسياحة”، أن ثقافة دولة قطر تلعب دورا محوريا في دعم القطاع السياحي، إذ تمثل هوية الوجهة وتعطي الزوار تجربة فريدة ومميزة تشمل العادات والتقاليد والطعام والفنون والمعالم التاريخية التي تميزها عن باقي البلدان الأخرى. كما “تعد الثقافة القطرية العريقة من أبرز عوامل الجذب السياحي، وأعتقد أن قطر نجحت في المزج بين أصالة التراث الثقافي والحداثة في كافة المشاريع العمرانية، حيث أصبحت أبرز معالم الجذب السياحي في قطر ملتقى يمزج بين جمال الماضي بإشراقة المستقبل.
وأضاف: تمتلك قطر مجموعة واسعة من المتاحف التي تعكس أصالة تراثها وثقافتها الغنية، مثل متحف قطر الوطني الذي يعد انعكاسا لتاريخ دولة قطر وحاضرها ومستقبلها. ونذكر أيضا متحف الفن الإسلامي الذي يضم إحدى أفضل مجموعات الفن الإسلامي في العالم، وروائع حقيقية تم استقدامها من ثلاث قارات، وتمثل التنوع الموجود في التراث الإسلامي. كما تمتلك قطر كافة مقومات الجذب السياحي التي تناسب مختلف الثقافات، من محميات طبيعية وقلاع أثرية نذكر منها قلعة الزبارة الرائعة وهي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، وسلسلة منتجعات وفنادق عالمية وحدائق عامة ومتنزهات ومطاعم شهيرة وأسواق تقليدية ومجمعات تجارية كبرى. إلى جانب ذلك، تساهم العروض والأنشطة الثقافية في إثراء رزنامة الفعاليات الأمر الذي يعزز تجربة الزوار خلال تواجدهم في قطر ويتيح الفرصة لهم للمشاركة في ورش العمل الفنية التقليدية، وحضور العروض الموسيقية والفعاليات الثقافية والتعرف أكثر على قطر وعلى حسن ضيافة أهلها.
كما تساهم الثقافة القطرية العريقة في جذب المزيد من الزوار من الذين يفضلون الوجهات الثقافية، الأمر الذي يساهم في زيادة عدد الزوار وبالتالي زيادة في الإنفاق الداخلي. وفي ارتباط بالموضوع، لفت الجابر إلى أن “قطر للسياحة” تعمل على التنسيق بشكل متواصل مع كافة الشركاء المعنيين من أجل تنفيذ إستراتيجية قطر الوطنية للسياحة 2030.
ولتعزيز دور الثقافة، تعمل قطر للسياحة بشكل دائم مع المؤسسات والمبادرات الثقافية في قطر لتنسيق التعاون، فعلى سبيل المثال وبالتعاون مع متاحف قطر تنظم قطر للسياحة جولات تعريفية لصحافيين من مختلف أنحاء العالم لاستكشاف الوجه الثقافي لقطر وما تقدمه من تجارب تتسم جميعها بجودة الخدمة، ولزيارة هذه المتاحف التي تعكس ذلك. كما تسعى قطر للسياحة أيضا إلى المحافظة على تراث الفن القطري، من خلال تنظيم حفلات غنائية وموسيقية لفنانين قطريين ضمن فعاليات “قطر لايف”.
وتهدف إستراتيجية قطر الوطنية للسياحة 2030 إلى زيادة عدد الزوار، وزيادة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 12%، وزيادة الإنفاق السياحي الداخلي في الوجهة بمقدار ثلاثة إلى أربعة أضعاف، وزيادة حجم التوظيف في قطاع السياحة، وجعل قطر الوجهة الأسرع نموا في الشرق الأوسط. وأثناء حديثه عن الصناعات الإبداعية وعلاقتها بتعزيز السياحة وكيفية تطويرها بما يخدم خريطة السياحة في قطر، قال الجابر: وفق موقع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) “تعتبر الصناعات الثقافية والإبداعية من أسرع الصناعات نموا في العالم وقد ثبت أنها خيار إنمائي مستدام يعتمد على مورد فريد ومتجدد هو الإبداع البشري. ويقصد بمصطلح الإبداع قدرة الإنسان على وضع حلول وأفكار جديدة ومبتكرة نابعة من الخيال أو من مهارة الابتكار”.
ويعد التنوع في المعالم الثقافية في قطر، إلى جانب التنوع الجغرافي ما بين حياة بحرية وبيئة صحراوية مصدرا رئيسيا لتكون الدوحة ومختلف المدن القطرية التي تحظى بكرم أهل قطر واحدة من أهم المدن السياحية، مما يجعل من تجربة السائح في قطر تجربة مميزة ترسخ في الذاكرة وتصبح مصدرا للاعتداد بخبرة السفر والتعرف على تجارب جديدة وعوالم مختلفة في مجتمع ينتصر للتنوع الثقافي وينفتح على العالم.
وتمثل المؤسسة العامة للحي الثقافي “كتارا”، نموذجا للتكامل بين الثقافة والسياحة والاستدامة، حيث تقدم لزوار قطر فرصة الاستمتاع بالفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية والتراثية والرياضية المتنوعة التي تحتضنها على مدار العام، ما يعزز مفهوم السياحة الثقافية المستدامة التي تساهم في تعزيز الفرص المتاحة في ازدهار السياحة في دولة قطر. وتعمل كتارا على إثراء المشهد الثقافي الإقليمي والدولي، بالتركيز على دعم الثقافة والفنون الإنسانية، وترسيخ الهوية الوطنية وإحياء التراث مما يحقق التنمية الثقافية المنشودة ورسم صورة حضارية مشرقة لدولة قطر، إضافة إلى استغلال مباني ومرافق الحي الثقافي، لخلق بيئة مناسبة لرعاية وتفعيل النشاط الثقافي والإبداعي الفكري والفني.
وتعد جزيرة اللؤلؤة بمعالمها الساحرة ومراكزها الثقافية والترفيهية وكذلك درب لوسيل من أهم المقاصد السياحية لزوار دولة قطر الراغبين في التعرف على جوانب مختلفة من الثقافة والفنون في قطر.
أضحى عدد من المعالم الثقافية والتراثية في قطر، وجهة مفضلة للسياح الأجانب، نظرا لما اكتسبته من شهرة وزخم كبيرين أثناء نهائيات كأس العالم FIFA قطر 2022. ومن هذه الأماكن التي أصبحت معالم أشهر من نار على علم على الصعيد العالمي: سوق واقف، وسوق الوكرة القديم، وميناء الدوحة القديم. وتجمع بين هذه الأماكن، أصالة المعمار القطري التقليدي العريق، واللمسة القطرية التراثية التي لا تخطئها العين، سواء ما يتعلق برصف الطرقات أو طريقة البناء والشكل الخارجي للبنايات واختيار الأبواب والنوافذ بعناية فائقة شاهدة على هذا التميز والتفرد، فضلا عن كون سوق واقف هو الحاضن الأول للمهن والحرف التقليدية وقبلة الباحثين عن الهدايا التذكارية والأكلات الشعبية القطرية.
يسهم التراث القطري بثراء عناصره في تعزيز السياحة في البلاد، ولا يقتصر ذلك على أماكن بعينها، حيث أولت دولة قطر اهتماما كبيرا لنشر التراث القطري الغني في كل مكان بدءا من مجالس العائلات اعتزازا بالهوية الوطنية وصولا إلى مختلف الأماكن وحتى الأسواق والمجمعات التجارية.
تحتضن الدوحة على مدار العام مئات المهرجانات والفعاليات الثقافية والترفيهية والتراثية التي تجتذب السياح من مختلف دول العالم. وباتت الدوحة مقصدا للسياح عبر فعالياتها للتعرف على ثقافة دولة قطر الثرية والتي تجمع بين روعة الحاضر وجماله المتمثل في بيئة ثقافية تضارع الكثير من العواصم العالمية، وبين أصالة الماضي المتمثلة في التاريخ والتراث القطري الغني بشقيه البري والبحري.