المتحف الوطني يحتفل بتسليم قطع أثرية سورية إلى موطنها من المملكة المتحدة

مسقط – وجهات – العُمانية|

 احتفل المتحف الوطني اليوم، بتسليم قطع أثرية سورية إلى موطنها من المتحف البريطاني بالمملكة المتحدة، وذلك من خلال التنسيق مع عدد من الجهات العسكرية المعنية بالشؤون الأثرية المحلية والدولية، وفي إطار جهود الوساطة التي يتبنّاها المتحف الوطني، ودعمه لجهود حفظ وصون التراث الثقافي السوري المتضرر خلال سنوات الأزمة.وأعربت الدكتورة لبانة مشوّح وزيرة الثقافة السورية عن شكرها وامتنانها لسلطنة عُمان التي استجابت لطلب إعادة القطع الأثرية من دون تردد وتكفلت باستلام ونقل القطعة إلى مسقط، موضحة أن لهذا الاسترداد رمزية خاصة؛ إذ تكلل بالنجاح بعد جهود بذلتها عدة أطراف لسنوات، دفعها إدراكها للقيمة الإنسانية الحضارية لهذه الآثار.

صون التراث السوري 

وبدوره، قال جمال بن حسن الموسوي الأمين العام للمتحف الوطني: إن مبادرة استرجاع القطع الأثرية السورية إلى موطنها، هي نتاج التعاون الثلاثي بين المتحف الوطني والمديرية العامة للآثار والمتاحف بالجمهورية العربية السورية، ومتحف الإرميتاج في روسيا الاتحادية، واستكمالاً لمسيرة التعاون في شأن حفظ وصون التراث السوري الذي تضرر خلال سنوات الأزمة.

وأكد أن الإسهام في إحياء التراث الثقافي السوري خلال الظروف الاستثنائية التي تمر بها هو واجب إنساني ومسؤولية مشتركة، وله دور كبير في تعزيز الشعور بالهوية الوطنية، وتحقيق مفهوم التصالح والتسامح، وبناء الثقة، ويسهم في عودة الاستقرار السياسي والاجتماعي، لإكمال الطريق في بناء سوريا وإعادة إعمارها.

قواسم مشتركة 

من جانبه، قال الدكتور إدريس أحمد ميا سفير الجمهورية العربية السورية المعتمد لدى سلطنة عُمان: القواسم والمشتركات الحضارية والثقافية بين الجمهورية العربية السورية وسلطنة عُمان ضاربة في القدم، فسلطنة عُمان وسوريا تشتركان بتاريخهما المتجذر العميق وبالمستويات الحضارية، حيث تحتوي أراضيها آثارا تعود إلى العصور الحجرية والبرونزية كما هو الحال في سوريا.

وأضاف: إن قيام الأشقاء في سلطنة عُمان باسترداد قطع أثرية سورية وإعادتها لموطنها الأصلي، دليل إضافي على حرص سلطنة عُمان قيادة وشعبًا على التراث الإنساني العالمي بشكل عام والسوري بشكل خاص.

قطع أثرية 

يشار إلى أن القطع الأثرية هي ساكف حجري وأجزاء من مبنى أثري مصنوعة من الحجر الصابوني تعود لمنتصف القرن الرابع الميلادي (الدولة البيزنطية)، ويعود أصل القطع الأثرية إلى موقع نوى الأثري، في مدينة حوران الواقعة في جنوب الجمهورية العربية السورية، حيث شوهدت في الموقع آخر مرة في العام 1988م، ولكن مع العام 1999م، نُهبت وصدّرت خارج الجمهورية العربية السورية بشكل غير قانوني، حيث وجدت سبيلها إلى مطار “هيثرو” بالمملكة المتحدة، وبقيت هناك حتى عام 2009م. وخلال تلك الأعوام، حاول الشخص الذي كان بحوزته القطع الأثرية بيعها، لكن جميع محاولاته فشلت، وتوفي في العام 2009م وانتقلت القطع إلى حيازة أحد تجار لندن، وشاءت الصدف أن يزور المتجر عدد من المراسلين السوريين المتخفيين عام 2016م ليتفاجؤوا بوجود القطع المنهوبة معروضة هناك، وأبلغت وحدة الفنون والآثار في مركز شرطة العاصمة عن هذه القطع الأثرية، فصادرتها في الرابع من فبراير من نفس العام، خرج التاجر عن صمته، ونفى مسؤوليته وصلته بالقطع الأثرية وأعرب عن رغبته في إرجاعها لموطنها الأم. جهود المتحف الوطني في حفظ وصون التراث الثقافي السوري تأتي هذه المبادرة إكمالاً لمسيرة التعاون الثنائي بين المتحف الوطني والمديرة العامة للآثار والمتاحف بالجمهورية العربية السورية في شأن حفظ وصون التراث السوري الذي تضرر خلال سنوات الأزمة، حيث قام الجانب السوري مطلع العام (2020م) بإعارة أصل مخطوطة الملاح العُماني أحمد بن ماجد السعدي، لتكون متاحة للعرض المتحفي بقاعة التاريخ البحري في المتحف الوطني، حيث خضع المخطوط للحفظ والصون بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وهو متاح اليوم للمشاهدة بالمتحف، وفي (نوفمبر 2021م) دشن المتحف الوطني معرض ومبادرة “يوم عُمان” بمقر المتحف الوطني في دمشق، حيث قام المتحف الوطني بتسليم (100) قطعة أثرية سورية تعود إلى الفترات الرومانية والبيزنطية مما تضرر خلال سنوات الأزمة، إلى الجانب السوري، وذلك بعد اكتمال عملية حفظها وصونها في المتحف، وفي (مايو 2022م) دشن المتحف الوطني بمقره معرض “سورية مهد الحضارات” والذي يقدم النتائج الأولى للمبادرة الإنسانية التي يتبناها ويرعاها المتحف الوطني في سلطنة عُمان في شأن حفظ وصون التراث الثقافي السوري الذي تضرر خلال السنوات الماضية، والمبادرة هي نتاج التعاون الثنائي بين المتحف الوطني والمديرية العامة للآثار والمتاحف بدمشق، والذي يعود بجذوره للعام (2018)، ففي خلال عامين تم تأهيل الدفعة الأولى والثانية من المقتنيات السورية -قُرابة (205 مقتنى)- أبرزها (9) تماثيل تدمرية نصفية من الحجر الجيري تعود للقرنين الثاني والثالث الميلاديين، وهي من موقع مدينة تدمر الأثرية المدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، إضافة إلى مقتنيات من العصر الحجري القديم – ما قبل الفخار أ، والعصر البرونزي، وفترة الخلافة الأموية، والفترة الأيوبية، والفترة المملوكية، والفترة العثمانية، حيث مرت القطع بعدد من المراحل في عملية الحفظ والصون بدءا من التعقيم والتوثيق والتصوير وانتهاءً بعمليات الترميم، وتكللت جهود الفريق بالنجاح.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*