من أوروبا عبر القطار.. “الوعي البيئي” يفتح أبوابا جديدة للسفر إلى المغرب

الرباط – وجهات| 

يبدو أن “الوعي البيئي” صار يفتح أبوابا جديدة للسفر من أوروبا نحو المغرب، إذ إن هناك اتجاها متناميا لزيارة البلد الشمال إفريقي عبر الوسائل الأقل ضررا بالبيئة؛ وذلك جراء ما يشهده العالم من “مذبحة مناخية”، صارت تنذر بالعديد من الكوارث على مستوى العالم، وأصبحت رغبات بعض الأوروبيين تفضل العودة إلى “الوسائل التقليدية المتطورة” في السفر: القطارات تفاديا للطيران الجوي.

صحيفة “الغارديان” البريطانية نشرت، يوم السبت، حسب صحيفة هسبريس المغربية، تجربة مواطن أوروبي، بدأ رحلته بالقطار في مدينة يورك البريطانية مرورا بلندن، ثم باريس فليون الفرنسية وبعدها نحو برشلونة. قضى ليلة في برشلونة، ثم استقل القطار مجددا نحو مدريد وحينها صوب الجزيرة الخضراء على الساحل الجنوبي؛ ليلة أخرى في فندق، ثم النقل المبكر بالحافلة إلى طريفة الإسبانية للعبور عبر الباخرة إلى طنجة المغربية.

هذا السائح، قال إن الثلاثة أيام، بكلفتها المادية والزمنية المرتفعة والبيئية المنخفضة، فهي تمثل “سفرا إيكولوجيا” للتوجه للمغرب؛ وهو خيار أفضل من رحلة طيران مدتها أربع ساعات وأكثر ضررا بالبيئة، حسبه، إذ قال: إذا كان بإمكانك الاستغناء عن الطيران، فيجب عليك ذلك. وأضاف: من حيث ثاني أكسيد الكربون، تقل الانبعاثات الناجمة عن السفر بالسكك الحديدية لكل راكب بحوالي 13 مرة عن الانبعاثات الناجمة عن السفر الجوي.

خيار يجب دعمه

مصطفى بنرامل، رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية للتنمية والمناخ، أكد أن “العديد من السياح الإيكولوجيين صاروا يعتمدون النقل المستدام للوصول إلى المغرب، تفاديا للطيران الجوي باعتباره الأكثر ضررا بالبيئة. مشيرا إلى أن توصيات الخبراء الأمميين في مجال البيئة ينصحون بضرورة التقليل من السفر جوا لحماية الكوكب والدفع بتنزيل مخلصات اتفاقية باريس لسنة 2015، التي تهدف إلى احتواء الاحترار العالمي في 1.5 درجات.

وأفاد بنرامل بأن هذا السفر فيه أيضا نوع من المغامرة، والرغبة في الاكتشاف؛ ولكن يبقى عنصر الحفاظ على البيئة هو الأصلي فيه. مؤكدا أن السياحة البيئية في المغرب ما زالت نامية وناهضة ولم تصل بعد إلى درجة السياحات الأخرى التقليدية بالبلاد؛ لكن العرض الإيكولوجي سرعان ما انتبه إلى هذا العنصر الصاعد، وصار يقدم خيارا جديدا ضمن العرض السياحي المغربي. وقال: تنامي الوعي البيئي سيزيد من وتيرة هذا النوع من السياحة.

وأضاف شارحا: حتى العديد من المنتجعات وخدمات الإيواء صارت تأخذ هذا النوع من السياحة بعين الاعتبار. مبرزا أن “العديد من الحركات البيئية في العالم تنظم أنشطة متميزة لدعم هذا التوجه، لكون المعركة المناخية اليوم مشتركة، يدخل فيها النشاط الإنساني للمواطنين. وأفاد: العديد من السياح الإيكولوجيين يزورون المغرب سنويا، وينسقون مع الفعاليات البيئية المغربية، لكون الفعل الصناعي يعاند، والبشر يجب أن يروضوا خياراتهم.

سياحة الحاضر

من جانبه، قال حميد بن طاهر، رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة بالمغرب، إن الأرقام الإحصائية الرسمية حول السياح الذين يزورون المغرب اعتمادا للسكك الحديدية غير متوفرة؛ لكن هذا لا يعني بأن هذه السياحة ما زالت محتشمة، لكونها صارت بالفعل سياحة للحاضر بعد أن كانت رهانا مستقبليا في العقود السابقة”، مبرزا أن “المغرب له وعي بهذه السياحة وحضر لها، والمؤسسات الفندقية صارت تأخذ هؤلاء السياح بعين الاعتبار.

وأضاف بن طاهر، في تصريحه لجريدة هسبريس، بأن العالم يتجه نحو البدائل المتجددة في كل الخدمات السياحية. ولذلك، صارت حتى الطائرات تراهن على تقديم نموذج لا يضر بالبيئة مستقبلا، مشيرا إلى أن البلدان السياحية حول العالم مثل المغرب تعي هذه التحولات جيدا. ولذلك، كان هذا البعد الإيكولوجي حاضرا في خارطة الطريق الاستراتيجية لقطاع السياحة 2023-2026”. وأفاد: “هذا الوعي الرسمي بالبيئة سيمكن المغرب من التموقع ضمن كبريات الوجهات السياحية العالمية.

وأكد الباحث أن السياح صاروا يدركون أهمية العرض الإيكولوجي، وبات منعكسا في أنماط التنقل والإضاءة والمغامرات الصديقة للبيئة. موضحا أن المغرب لا يزال وجهة سياحية بالنسبة لكل أصناف السياح، ولا يزال يقدم عرضا يتلاءم مع مجمل الحاجيات، لكونه بلدا غنيا ومتنوعا.

وزاد: السائح الذي سيأتي للمغرب، سيفكر في الوسائل المتاحة، وطبعا الذين لهم وعي بيئي مرتفع، فهم يأتون سنويا عبر القطار ثم عبر البحر من إسبانيا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*