الفنانة التشكيلية عالية الفارسية في حوار مع “وجهات”.. رواق عالية الفارسية علامة فنية بارزة تعكس نضج التجربة الفنية في عُمان

يضم الرواق 120 لوحة فنية في صالة العرض ومكتبة عامة وركن للقھوة المختصة وركن للھدایا

 نخطط لإقامة ملتقى سنوي باستضافة فنانین وأدباء من دول العالم

كان حلم طفولتي أن یكون لي مكان أشبه بالصومعة أعرض فیھا أجمل أعمالي

أطمح لتقدیم جائزة فنیة سنویة باسم الرواق لتشجیع الفنانین الشباب

مسقط – حوار ” يعقوب بن يوسف البلوشي”|

يعد رواق عالية الفارسية مركزاً فنياً حديثاً في مسقط يأتي إليه كل متذوق للفن ومتعطش لرؤية تجربة مختلفة في الفن التشكيلي، وبجهود ذاتيه حلقت عالية في سماء الفن بتجلي الأفكار في لوحاتها التي تعكس العديد من تفاصيل المرأة والفن الصوفي المتعلق بالروح وصفاءها، فهي كفنانة تشكيلية تستحضر الفنّ كأداة للحفاظ على هويتها، والتعبير عن أفكارها ورؤها، والاحتفاء بثقافة وطبيعة سلطنة عُمان حسب ما ذكرت في أكثر من مشاركة رسمية دولية والتي تسعى من خلالها الى تسجيل حضور فارق لها كفنانة تشكيلية عمانية وسط المعارض الفنيه الدولية.

“وجهات” ألتقت بالفنانة عالية الفارسية من خلال الحوار الصحفي  التالي: 

– ھل لولادتك في مطرح وتفاصیلھا دور في تأثرك بالفن كونھا مركزا للحركة التجاریة وتنوع الانشطة والرموز التراثیة بھا آنذاك ؟.

 * بالتأكید، فترعرعي في ھذة المدینة التاریخیة فتح عیني على مفھوم التنوع الثقافي والعرقي في سن مبكرة، فكنا نتسابق لنحیي القادمین على ظھور السفن، وكنا نقضي جل وقتنا في الممرات الضیقة والمكتظة في سوق مطرح، حیث تمتزج ألوان بھارات الھند بألوان الفواكه الافریقیة، وطیب العود العربي برائحة اللبان القادمة من الجنوب. ھذه التفاصیل، وحكایات الناس التي عاشت على أعتاب أبواب مطرح وحیطانھا التي أكلھا الزمن، رسمت في مخیلتي عددا كبیرا من المشاھد المفعمة بالحیاة والألوان.

– ماھو الاستلھام الحقیقي الذي دفع بعالیة الفارسي لرسم أول لوحة فنیة ؟ . 

* أجد صعوبة في تذكر متى تحركت فرشاتي أول مرة، لكني وكحال معظم الفنانین، كنت أحاكي ما أرى حولي، فكانت بدایاتي في الفن الواقعي. ولكن المرأة العمانیة كانت وما زالت محور فني، والبلورة السحریة التي تلھمني باستمرار، خصوصا في عصرنا الذي اختلطت فیه الحقیقة بالوھم، وصورت المرأة في المجتمعات الشرقیة وكأنھا “كومبارس” في مسرحیة الحیاة. لذا أجتھد في أن أبین من خلال أعمالي، بأن المرأة في بلادنا العربیة عزیزة بثقافتھا، وقوتھا، ومجتمعھا الذي یحترمھا منذ الأزل.

– وسام لجنة التحكیم في المتحف النمساوي عام 2015 ماذا یعني لك ؟.

* كل وسام نلته خلال العقود الثلاثة التي مثلت فیھا بلدي كان إضافة مھمة لسیرتي الفنیة، ولكن عندما یأتي التقدیر من متاحف اوروبية فلذلك طعم آخر، حیث أن التكریم في بلد غني بالتاریخ الفني العریق، كونه دلیلا على إعجاب وتقدیر صادق بأعمالي.

– ھل كانت فترة الجائحة، فترة نقاھة فنیة لفنان..؟ ام كان لھا تأثیر كبیر في اعماله سلباً؟ .

* على عكس ذلك، فالجائحة كانت فرصة ذھبیة لما أسمیتھا “عزلة فنیة”، ففیھا قضیت معظم وقتي في الرسم، وتجربة أسالیب فنیة جدیدة، فرغم شح القصص والمواقف في تلك الفترة، إلا أنني وجدت إلھامي في العزلة، فكان معظم ما أرسم غنیا بالألوان، وملیئا بالمشاعر وبوجوه المتصوفین المعتكفین. وفي المقابل، فإن إقبال الناس على اقتناء الأعمال انخفض بشكل درامي منذ الجائحة، ویعوز لذلك لقلة المعارض التي أقیمت خلال العامین. ولكن الجائحة، وشعور الكبت الذي فرضته علینا جمیعا، انقلب إلى موجة مھولة من حب الاستكشاف فور انقضاءھا، لذا حین اسأل عنھا، فإني أحبذ أن أرى نصف الكأس المملوء.

– لربما في المنطقة العربیة یتنافس الفنانین التشكیلیين حول أھمیة عمل المعارض الفنیة المؤقتة، فكیف تمیزت عالیة الفارسي برواقھا الدائم؟ وكیف بدأت الفكرة؟.

* بطبیعة الحال، المعارض المؤقتة تفرض علیك قیودا كثیرة في تصمیم المكان، حیث إن ركنك وأعمالك ستنقل خلال عدة أیام، وأنا أردت أن یكون رواق عالیة عملا فنیا. رواق عالیة ھو عملي الفني الأكبر على الإطلاق، أغدقت في سبیل بنائه شلالا من الحب والعطاء وتكفلت بتصمیمه الداخلي شخصیا. یضم الرواق 120 لوحة فنیة في صالة العرض، بالإضافة إلى مكتبة عامة وركن للقھوة المختصة، وركن للھدایا، كان حلم طفولتي أن یكون لي مكان، أشبه بالصومعة، أعرض فیھا أجمل أعمالي تحت سقف واحد. في عام 2018 وجدت مستودعا على أعتاب منطقة الرسیل الصناعیة، وأعدت تصمیمه شبرا شبرا، لیتحقق ھذا الحلم في عام 2020.

– یعد ھذا الرواق أحد المزارات الرئیسة فعلیاً لزوار وسیاح مسقط، كونه عامل جذب حدیث وفني، فھل ھناك خطط لتسویقه عبر الشركات السیاحیة؟ وھل سيتم فرض رسوم للدخول مستقبلاً آسوة بالمزارات السیاحیة؟.

* ما یمیز الرواق أنه مزار للسیاح وللمواطنین والمقیمین أیضا، والجمیل أن الرواق یقع على الطریق المؤدي لولایة نزوى، لذا فإن عشرات الشركات السیاحیة تجلب لنا مجموعات سیاحیة عند الذھاب أو الإیاب من نزوى. أما بالنسبة للرسوم، فإن الرواق یفرض رسوما على المجموعات السیاحیة والطلابیة فقط.

– ھل ھناك خطة لاستضافة لوحات عالمیة بشكل مؤقت في رواق عالیة كنوع من التبادل الثقافي والفني الدولي؟ 

*  نعم ونحن في صدد التخطیط لإقامة ملتقى سنوي نستضیف من خلاله فنانین وأدباء من مختلف الدول.

– ما مدى تعلق عالیة الفارسیة بالصوفیة.. ولماذا؟ كونھا بارزة في كثیر من أعمالك الفنیة ؟ 

* أكثر ما یجذبني في مدرسة التصوف ھو الشعر، وكیف تفنن شعراؤھم في الذوبان في العشق الإلھي، والتسلیم المطلق لأمر الله. أعتقد أنه من المھم أن نتعلم من الفكر الصوفي مفھوم التفكر، والتمعن في الخلق، إنھا مدرسة زاخرة بالمشاعر وبالنسبة لعالیة، فإن الكانفاس لا یحمل سوى ما یعكس مشاعري.

– بماذا تطمح عالیة الفارسي فنیاً؟ 

* أطمح إلى أن یتوسع مشروع رواق عالیة لخارج حدود سلطنة عمان فتكون عندنا نسخ مصغرة لذات المشروع، كما أطمح لتقدیم جائزة فنیة سنویة باسم الرواق لتشجیع الفنانین الشباب في السلطنة.