يكتبه: د. رجب العويسي|
تشهد سلطنة عُمان نشاطا سياحيا استثنائيا، فمع انطلاقة رؤية عُمان 2040، والاهداف الاستراتيجية التي ارتبطت بالنشاط الترويحي والترفيهي والسياحي، اتجهت الجهود نحو تبني مبادرات تنفيذ الرؤية، والتعامل مع معطياتها عبر تعزيز البنية السياحية وتنشيط خياراتها وتفعيل الفرص الراكدة والمقومات السياحية الهامدة.
وبدوره أسهم نظام المحافظات بفتح مسار أوسع للتنافسية في إطار تنشيط دور المحافظات والمجالس البلدية في إبراز الميزة النسبية التنافسية التي وجه إليها جلالة السلطان، والاختصاصات ذات الصلة بالاستثمار في موارد المحافظة السياحية، وإقامة المهرجانات الثقافية والترفيهية والسياحية، الأمر الذي ضَمِن المزيد من العمل المشترك والتفكير الجمعي في الخروج من الدائرة المغلقة للسياحة.
على أن الصورة التراكمية التي بدت عليها السياحة العمانية، واقتصار النشاط السياحي على محافظة مسقط ومحافظة ظفار، ليتجه العمل اليوم نحو التوسع في النشاط السياحي بالمحافظات، نقطة انطلاقة تدخل فيها السياحة العمانية مرحلة جديدة، إن تم توظيف الفرص فيها ووجدت الإدارة المؤتمنة فيها.
وبالتالي ألا يكون هذا الحراك حالة وقتية واختيار فردي، بقدر ما هو خيار وطني استراتيجي، يعالج حالة النقص الحاصلة في المنتوج السياحي، ويعمل على تحقيق التوازن بين العرض ممثلا في الفرص السياحية ذات التنوع الثقافي والطبيعي والبيئي، وبين الطلب، ممثلا في حاجة المواطن إلى أن تتوفر له بيئات ترفيهية وسياحية ليصنع من هذا الرصيد قيمة منافسة تعزز جودة الحياة.
عليه يعوّل المواطن على نجاح هذه التجربة سواء في توسيع المهرجانات السياحية في المحافظات، واستغلال الميزة التنافسية والخصوصية الثقافية والتراثية لكل ولاية والتسويق لها، أو في التوسع في إقامة المتنزهات والبيئات السياحية المفتوحة والحدائق ذات الطابع البيئي التخصصي، والتي ما زالت تفتقدها أكثر محافظات سلطنة عمان.
أخيرا فإننا نقرأ في هذا الحراك السياحي مساحة لإعادة تقييم المسار، ومراجعة الأدوات، وسدّ الثغرات، واستمطار الأفكار، بحيث يستوعب طموحات المواطن واهتماماته ويخرج من نمط التكرارية والروتين، ويقترب من التفكير والحس الجمعي، من غير اصطدام بالهوية وتنازع للاختصاصات، لضمان تحقيق منتج سياحي عالي الجودة، متنوع الفرص، متعدد الخيارات، قادر على ترك بصمة حضور له في الخريطة السياحية.