مسقط – وجهات|
أصدرت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية كتاب “إصدارات الطوابع البريدية في سلطنة عٌمان” يحوي الكتاب 326 صفحة ليكون دليلا على تاريخ الطوابع العمانية، منذ بداية الإصدارات عام 1944م وهي طوابع هندية وشحت بـ (آل بوسعيد 1363) بمناسبة مرور 200 عام على حكم أسرة آل بو سعيد للسلطنة، مرورا بالطوابع البريطانية الموشحة بالعملة المحلية، من 1948-1966م، ثم مرحلة الاستقلال البريدي منذ عام 1966م، ويتضمن كل إصدار معلومات عن مناسبة إصدار الطوابع وتاريخ إصدارها، وأرقامها في الكتالوجات العالمية الأكثر شهرة. حيث تعد الطوابع البريدية سجلا لأهم الأحداث التي عاشتها السلطنة سواء التاريخية أو الثقافية أو الاجتماعية أو الاقتصادية عبر مختلف الحقب الزمنية، كما أنها تخلد ذكرى شخصيات لها دور عظيم في تاريخ البلد.
وحول الإصدار، قال الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية: تمضي الهيئة قدماً في استغلال كل الوثائق والصور والمواد التي توثق مراحل العطاء والبناء والعمل على اتاحتها للباحثين والدراسين بجانب ما تقوم به من الدراسات وانطلاقاً من المخزون الذي يتوافر لدى الهيئة أو لدى أولئك الذين سجلوا وثائقهم لدى الهيئة فأن التطرق إلى موضوع جدير بالاهتمام وهو الطوابع البريدية حيث تُعد سلطنة عُمان من أقدم الدول فالمنطقة في استعمالها للخدمة البريدية التي شهدتها أرض عمان منذ 1856م من خلال المكتب الذي تم افتتاحه في مسقط في مقر إقامة المقيم السياسي في التاريخ المذكور كما تواجد مكتب آخر في جواذر في عام 1868م حيث كانت جزءا من التراب الوطني العماني وأدار العمانيون وتحت اشرافهم أعمال البريد منذ عام 1966م.
وأضاف الضوياني، تقدم الهيئة اصدارها في مجال الطوابع لتعريف المهتمين بها وخلق الوعي بأهميتها ونتطلع إلى إصدارات أخرى حول الأظرف والمراسلات البريدية في إصدار آخر ضمن سلسلة إصدارات الهيئة. وبهذه المناسبة نود التأكيد على قيام الهيئة بجانب جهود الجهات الأخرى في الدولة واسهامها في نشر الجوانب الحضارية والتاريخية والثقافية والإنجازات التي حققها الانسان العماني على مر العصور والدهور.
الخدمات البريدية في السلطنة
وفي السطور التالية نلقى الضوء على المصادر التاريخية التي تشير إلى أن بداية الخدمات البريدية في السلطنة كانت في عام 1856م، حيث تم افتتاح أول مكتب بريد في مسقط عام 1864م كما تشير إحدى الوثائق في متحف البريد بالهند، وكانت الطوابع الهندية تستخدم في ذلك الحين على الأظرف المختومة بختم مسقط بمختلف الأشكال حتى 19 ديسمبر 1947م، كما استخدمت الطوابع الباكستانية من 20 ديسمبر 1947م حتى 31 مارس 1948م، ثم الطوابع الإنجليزية الموشحة بالعملة المحلية من 1 أبريل 1948م حتى 29 أبريل 1966م.
وفي 30 أبريل 1966م ظهرت أول مجموعة طوابع عمانية عادية باسم (مسقط وعمان)، وكانت المجموعة الأولى تتكون من 12 طابعا، تضمنت صور الشعار الوطني ومجموعة من القلاع في السلطنة، وكانت العملة المستخدمة الروبية والبيسة، وفي مطلع عام 1969م صدرت أول مجموعة طوابع تذكارية للاحتفال بتصدير أول شحنة من النفط ، وفي عام 1970م بدأ استخدام الريال السعيدي في السلطنة فصدرت المجموعة الثانية بفئات الريال والبيسة، وفي نفس السنة تولى المغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- مقاليد الحكم في البلاد، وأعلن تغيير المسمى الرسمي إلى سلطنة عُمان فصدرت المجموعة العادية الثالثة في بداية عام 1971م، وقي نفس العام وبتاريخ 23 يوليو صدرت مجموعة تذكارية للاحتفال بالعيد القومي (الوطني).
وقد تنوعت الإصدارات العادية والتذكارية في السلطنة لتشمل العديد من المناسبات المحلية والدولية، وكانت الهوية الوطنية السمة الواضحة في ملامح الطوابع البريدية العمانية، فقد كانت الخنجر والقلاع العمانية والتراث العماني والموسيقى التقليدية والحرف الوطنية والأزياء العمانية حاضرة في طوابع السلطنة، أما الإصدارات التذكارية، فقد تصدرت المناسبات الوطنية موضوع هذه الإصدارات وأهمها مناسبة العيد الوطني في 18 نوفمبر من كل عام، وتضمنت طوابع هذه المناسبة صور المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-، وإبراز منجزات النهضة المباركة مثل افتتاح مطار السيب الدولي (مطار مسقط الدولي حاليا) وميناء قابوس في مطلع السبعينيات وغيرها من المنجزات الوطنية على مدى خمسين عاما، بالإضافة إلى التطرق للجوانب التعليمية والصحية والزراعية والحياة الاجتماعية، كما كانت هناك إصدارات بريدية في مناسبات دينية كمناسبات الحج وافتتاح الجوامع، وكذلك إصدارات للمناسبات العسكرية مثل يوم الشرطة ويوم القوات المسلحة وغيرها، كما صدرت طوابع بريدية لإبراز الجوانب السياحية بالسلطنة في عدة مناسبات، وكان هناك نصيب للمناسبات الرياضية خاصة كأس الخليج وكأس العالم وغيرها.أما في مجال البيئة والحياة الفطرية فتجلى التنوع البيئي والفطري في السلطنة بوضوح على طوابعها البريدية، حيث صدرت مجموعة عادية عام 1982م شملت الزهور والأصداف البحرية والطيور والحيوانات، أعقبها طوابع عن النخيل ونحل العسل، ثم طوابع عن الأسماك واللبان والحيتان والدلافين والفراشات والكائنات البحرية والكائنات البرية والسلاحف والطيور والأزهار البرية والخيول والشعاب المرجانية، كما صدرت طوابع تذكارية عن يوم البيئة في سنوات مختلفة.
وبرزت علاقة عٌمان بالبحر على الطوابع البريدية، فمنذ بداية السبعينات ظهرت مجموعة الموانئ، وبها صور لموانئ مطرح وشناص ومسقط عام 1809م، لتعكس مدى ارتباط عمان بالبحر على مدى الزمان، وكان تأثير البحر واضحا كذلك على تصميم طوابع المناسبات الوطنية كالعيد الوطني ويوم الشرطة ويوم القوات المسلحة، وكان لا بد من اظهار الوسيلة التي ربطت حب أهل عمان للبحر فصدرت مجموعة أسماء السفن العمانية عام 1996م، وظلت الغنجة وأخواتها تنقل الرسائل البريدية من السلطنة إلى العالم الخارجي كما كانت تنقل البحارة في الماضي لسنوات طويلة، ولعل أبرز الإصدارات التذكارية التي أبرزت علاقة السلطنة بالبحر والعالم الخارجي، ذكرى رحلة السفينة صحار على خطى رحلة السندباد إلى مدينة كانتون الصينية عام 1981م، ورحلة السفينة شباب عمان عام 1986م إلى نيويورك على خط سير السفينة سلطانة عام 1840م، وذكرى السفينة جوهرة مسقط عام 2010م.
أما بالنسبة للمناسبات الإقليمية والدولية، فقد كانت طوابع السلطنة حاضرة لتوثيق الكثير من هذه المناسبات كاجتماعات المجلس الأعلى لقادة دول الخليج واحتفالات يوم البريد العربي والقضية الفلسطينية، والمناسبات الدولية كالاحتفالات السنوية الدولية التي تحددها الأمم المتحدة مثل عام المرأة العالمي عام 1975م، والسنة الدولية للطفل عام 1979م، والسنة العالمية للمواصلات عام 1983م، والسنة الدولية للسلم عام 1986م، وغيرها، كما وثقت الطوابع البريدية علاقات السلطنة بالدول الأخرى مثل الصين والهند واليابان والولايات المتحدة، وكذلك وضحت سياسة السلطنة السلمية على طوابعها البريدية فقد صدرت طوابع عن السلم والسلام في عدة مناسبات، أبرزها طابع تذكاري صدر عام 1998م لحصول المغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، على الجائزة الدولية للسلام. وبمناسبة الذكرى الخمسين للنهضة المباركة، تم اصدار طوابع تذكارية بهذه المناسبة المجيدة، كما أن هناك اصدارا آخر يحمل صورة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم.