يكتبه: د. رجب العويسي|
تمثل السياحة المتحفية ذاكرة حضارية ترصد معالم التطور الحاصلة في أساليب العيش ومتطلبات الحياة التي عاشها الإنسان العماني على مر العصور والأزمان، وهي في تعدد معالمها الوطنية وتنوع محتواها الثقافي والاجتماعي والتأريخي والإنساني وشواهد الاثبات التي ترصدها، وجهة سياحية واعدة لمختلف أطياف المجتمع، ورصيدا وطنيا في إثراء الذاكرة الجمعية الثقافية والفكرية والتعليمية والتأريخية والطبيعية، لمختلف فئات المجتمع ، فإنها تمثل في الوقت نفسه فرصة سانحة للتأمل والتدبر واشباع هاجس الشغف والسؤال والاكتشاف.
وبالتالي التأكيد على ضرورة إعادة انتاج الحياة والديناميكية والمرونة في المنجز المتحفي الوطني، وإعادة تشكيله بما يولّد صورة نموذجية أخرى تقرأ في المتاحف حياة المجتمع ومسارات البناء وانطلاقته للمستقبل، وعندها تنتقل المتاحف من كونها ذاكرة دموية بمعدات الحروب والمعارك وأنواع الأسلحة والقنابل إلى ذاكرة حضارية لبناء السلام والتعايش وتنمية الانسان ونهضة الاوطان، ووصف جماليات الأشياء وصناعة الفرص النوعية التي تتفرد بها بلادنا، والقيم والمهارات والاكتشافات والاختراعات والنماذج التي صنعت للإنسان العماني حضورا عالميا وقوة بحرية.
على أن التنوع والتخصصية والعمق ودقة التفاصيل في المتاحف تعبير عن العالمية والرصانة والاستدامة والمعيارية، فإنها ميزة تنافسية في تأصيل خصوصية الهوية السياحية العمانية، والمبادئ الوطنية التي انتهجتها في اثبات موقع لها في الخارطة السياحية العالمية، وبالتالي الصورة الإيجابية في ذهن المواطن حول الدلالات المعنوية والمكاسب الحيوية الاقتصادية والاجتماعية، والمادية والمعنوية لهذه المتاحف وحس التجديد الذي تبنيه، واللغة المعاصرة التي تتحدث بها، والصوة التي تنقلها إلى زوارها من مختلف الفئات بما تمثله من إرث حضاري تاريخي واعد، يمثل صورة متجددة تستوعب مفاهيم المتاحف والسياحة المتحفية.
أخيرا يبقى التسويق الاحترافي واختيار الفنون الإعلامية والتواصلية عالية المصداقية والموثوقية، واسعة الانتشار بين الجمهور في التعبير عن المحتوى المتحفي الناضج وعيا ومهنية، بصورة رقمية، وصناعة المؤثرين الوطنيين – وليس المتسلقين والمروجين للإعلانات التجارية – في تجسيد هذه الصورة بما يمتلكونه من محتوى تاريخي وعمق معرفي، بوابة دخول قادمة لاقتصاد المتاحف والسياحة المتحفية في سلطنة عمان.