باريس – الأناضول|
أزمة الطاقة التي تضرب الدول الأوروبية منذ أشهر ويتوقع أن تشتد حدتها مع حلول فصل الشتاء لم تؤثر على حياة المواطنين فحسب، بل أصبحت خطرا على هوية المدن لا سيما العاصمة الفرنسية باريس التي تعرف بأنها “عاصمة النور”.
وتسحب أزمة الطاقة رويدا رويدا من العاصمة الفرنسية لقبها الشهير، بعدما قررت عمدتها آن هيدالغو تقييد إنارة كافة المعالم الشهيرة في المدينة ترشيدا للكهرباء وحفاظا على مصادر الطاقة.
وقررت البلدية غلق الأنوار في وقت مبكر عن موعدها الأصلي عن المتاحف وقاعات البلديات والمعالم الأثرية الشهيرة على رأسها برج إيفل الذي كان يزين قلب باريس بإضاءاته، وفندق المدينة “Hôtel de Ville”.
ويشمل القرار الذي سيطبق بدءا من 23 سبتمبر الجاري، التوقف عن إنارة كافة المعالم عند الساعة العاشرة مساء بالتوقيت المحلي، على أن تطفأ أنوار برج إيفل عند الساعة 23:45 مع غلقه أمام آخر زائر، بعدما كان يضاء حتى الواحدة صباحا يوميا.
ويسري القرار أيضا على المعالم والوجهات الأثرية ذات الجذب السياحي ذات الملكية الخاصة.
واعتبر المسؤولون الفرنسيون أن تعتيم وجهات المعالم السياحية “قرار رمزي”، وأشاروا إلى أن الإضاءة الليلية لبرج إيفل لا تمثل سوى 4 بالمئة من الاستهلاك السنوي من الكهرباء لهذا النصب التذكاري، حسبما نقلت صحيفة “لوبروجيه” المحلية.
توفير 10 بالمئة من الكهرباء
وفي السياق، أعلن نائب عمدة باريس المسؤول عن التحول البيئي دان ليرت، أن قرار ترشيد إنارة المعالم السياحية هو واحد من خطة أولية تشمل 4 قرارات أساسية وضعتها بلدية المدينة لمواجهة أزمة الطاقة.
وقال على تويتر إن تلك الخطة الأولية “ليست تحديا لتجاوز فصل الشتاء المقبل فحسب، ولكن تهدف إلى تسريع الانتقال من الوقود الأحفوري مصدرا للطاقة ومكافحة تغير المناخ”.
ووصف ليرت حجم أزمة الطاقة التي تعيشها فرنسا وأوروبا بشكل عام بأنها “لم يسبق لها مثيل”.
وكشفت بلدية باريس في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، أن الهدف من تلك الخطة الأولية توفير 10 بالمئة من إجمالي الطاقة التي كانت تستهلك على مدى السنوات الماضية.
وذكر التقرير أن أوروبا تشهد “أسوأ أزمة طاقة مذ سبعينيات القرن الماضي”، مشيرا إلى ضرورة الاستخدام الرصين للطاقة.
ونهاية أغسطس الماضي، قالت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، إنه في أسوأ الظروف ربما يشهد الشتاء المقبل انقطاع التيار الكهربائي لمدة ساعتين عن البيوت الفرنسية، وسط أزمة طاقة واسعة النطاق تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا.
وقالت بورن إن هذا الوضع يعود في جزء منه إلى تبعات الحرب الروسية على أوكرانيا، وأيضا إلى خطط إغلاق نحو نصف المفاعلات النووية الفرنسية البالغ عددها 56 لإجراء عمليات صيانة.
يشار إلى أن فرنسا تعتمد على الطاقة النووية في توليد نحو 67 في المئة من احتياجاتها من الكهرباء، وعلى الغاز في توليد نحو 7 في المئة منها.
خطة من 4 قرارات
وبجانب قرار تعتيم وجهات المعالم الأثرية، تشمل الخطة الأولية لترشيد الطاقة أيضا خفض التدفئة في جميع مباني المدينة خلال النهار في فصل الشتاء من 19 درجة مئوية إلى 18.
ولا يشمل هذا القرار دور رعاية المسنين أو المباني الأخرى التي تستوعب مواطنين ذوي وضع خاص مثل دور الحضانة.
وفي السياق، تنص خطة الترشيد على تأجيل بدء تدفئة المباني الإدارية إلى مطلع نوفمبر المقبل، على أن ينظر في القرار وفقا لشدة البرودة أو عدمها.
كما أقرت بلدية باريس في إطار الخطة قطع الماء الساخن عن مراحيض المباني الإدارية وبعض المباني المفتوحة للجمهور.
ووفقا لموقع البلدية، لن يتعلق هذا الإجراء بحمامات الاستحمام، والأماكن التي تستقبل الرضع والأطفال في عمر مبكر.