كوبا.. تفاؤل نحو إعادة تنشيط النشاط السياحي

هافانا “كوبا” – وجهات |

تبدي حكومة كوبا تفاؤلا حيال إمكانية إعادة تنشيط الحركة السياحية في الجزيرة، للتعافي من التداعيات السلبية التي أثرت عليها بسبب إجراءات حظر السفر الناجمة عن جائحة كورونا حسب تقرير لشبكة سكاي نيوز عربية.
وتعوّل كوبا حاليا على اجتذاب ما يزيد عن المليونين ونصف المليون أجنبي خلال العام الجاري، معتمدة في ذلك على ما تقدمه من مزايا خاصة بها في هذا المضمار، بدءا من إرثها الثوري المستمد من جيل الراحلين إرنستو تشي غيفارا وفيدل كاسترو، مرورا بعبق رواية “الشيخ والبحر” التي خطها الأديب الأميركي الراحل إرنست همنغواي عند تخوم شواطئها الدافئة، وانتهاء برقصة الـ”سالسا” التي لا يكاد إيقاعها الصاخب يهدأ في ربوع الجزيرة ليلا حتى يعاود الانتعاش صباحا من جديد.
الفندق الدير

تجسد شوارع هافانا القديمة روح الأصالة والتجدد في كوبا، إذ أن السائح العادي لا يكاد يخرج من بوابة فندق “لوس فرايليس” هناك منتشيا بنكهة فنجان قهوة الصباح الذي تناوله للتو على أيدي “الراهب” المداوم في تلك الصومعة العتيقة، حتى يغريه عبق رائحة حبات البن الأشقر المطحون بالتوقف لتناول فنجان آخر حيثما يستطيع إلى ذلك سبيلا.وبعد ذلك، إذا به ينعطف تلقائيا صوب جهة اليسار، ويسير مجرد بضعة خطوات لا أكثر ليكتشف أن شغفه أوصله إلى “بلازا دي سان فرانسيسكو”، حيث لا بد وأن تبادره “كافيه ديل أورينتي” بابتسامة دافئة عريضة، فيغدو مطمئنا لما ستحمله له ساعات النهار المقبلة في إطار الآتي الأجمل.
ولكن في الفندق نفسه، ثمة ما يغري للإشارة إلى بديهية مؤداها أن ذلك الصرح المؤلف من قرابة الثلاثين غرفة كان في الأصل ديرا صمم ليأوي الرهبان الذين يخدمون في كاتدرائية سان فرانسيسكو المجاورة قبل انتصار الثورة الكوبية عام 1959.واللافت في الأمر هو أن الثورة حينما انتصرت، بادر قادتها إلى إغلاق الكاتدرائية والدير على الفور، لكنهم سرعان ما أعادوا افتتاحهما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991 لدواع سياحية.
وعن علاقة كوبا بالاتحاد السوفيتي، تقول المرشدة السياحية دارلين إنريكي لموقع “سكاي نيوز عربية” إن هافانا عانت أثناء تفكك الاتحاد من أسوأ أزمة اقتصادية مرت بها، مقارنة بالأزمات المماثلة الناجمة عن الحصار الأميركي المفروض عليها منذ ستينيات القرن العشرين.وأشارت إنريكي إلى أن “الأزمات الاقتصادية كانت قد تفاقمت في التسعينيات، حيث راحت الجزيرة تخسر سنويا 6 مليارات دولار من المساعدات السوفيتية، و10 ملايين طن من النفط، وأجبرت على بيع قصب السكر بسعره الاعتيادي في السوق العالمية بعدما كانت موسكو تشتريه منها في السابق بأربعة أضعاف ذلك السعر كرد على الحصار الأميركي”.وأضافت المرشدة السياحية: “لم يحل ذلك دون قيام السلطات الكوبية بالبحث عن موارد بديلة تؤهلها للاستمرار في المحافظة على ثوابتها الثورية، وذلك عن طريق إنعاش صناعة السياحة التي سرعان ما أصبحت، شيئا فشيئا، الدجاجة التي تبيض ذهبا في سلة الاقتصاد الكوبي”.
بلازا دي سان فرانسيسكو

وفي السلة الاقتصادية، يجلس الزائر الحامل على وجهه دهشة اكتشاف الأماكن الجديدة ما يطيب له من الوقت تحت أشعة شمس استوائية لطيفة، منبهرا بكل ما يتراءى أمامه من تجليات في حضرة المشهد الكوبي المفعم بالعنفوان، قبل أن ينهض مجددا للسير صوب جهة اليمين من أجل زيارة ذلك البيت الذي كان الراحل إرنست همنغواي قد كتب فيه رواية “الشيخ والبحر” الخالدة.وكل ذلك تمهيد للقيام، لاحقا، بواجب زيارة متحف الثورة، حيث قارب “غرانما” الذي أبحر على متنه الـ”كوميندانتي” فيدل كاسترو ورفاق دربه النضالي من المكسيك إلى سواحل كوبا عام 1956 من أجل استئناف الكفاح المسلح ضد نظام فولغينسيو باتيستا لا يزال راسيا فوق مساحة معبدة بالإسفلت في الخارج، بينما لا تزال الصور التي توثق كافة محطات تلك المرحلة النضالية محفوظة في الداخل، بدءا من انطلاق الشرارة الأولى للثورة في جبال “سييرا ماسترا” المطلة على مدينة سانتياغو دي كوبا، ووصولا إلى انتصارها عام 1959.
جدير بالذكر أن المداخيل السياحية في كوبا تراجعت من 2.2 مليار دولار في عام 2019 إلى 559 مليون دولار في عام 2021، وخلال تلك الفترة، شكل السياح الروس طوق النجاة الوحيد لحكومة هافانا، بعدما راحوا يتدفقون بشكل مفاجئ على الجزيرة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*