آيات المطاعنية: الفنون الموسيقية العُمانية إحدى أعمدة الجذب السياحي للزوار
الإرث الموسيقي التقليدي العماني وجد الاهتمام والرعاية من السلطان الراحل قابوس بن سعيد
مسقط – العمانية|
افتتحت أمس الأثنين، ندوة التراث العماني غير المادي الذي نظمها قسم الموسيقى والعلوم الموسيقية بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس وشارك فيها 100 من الباحثين و المهتمين بالتراث العماني غير المادي ويمثلون 10 مدارس حكومية منتسبة لمنظمة اليونسكو للعناية بالفئة الناشئة وحفظ التراث وتجديده تحت رعاية السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب .
وقالت آيات بنت ناصر المطاعنية، مُدرِّسة بقسم الموسيقى والعلوم الموسيقية بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية ، طالبة دكتوراه في جامعة برمنجهام البريطانية في كلمة الندوة الرئيسية: تراثَ أيِّ دولةٍ يشكلُ حضارةً غنيةً ومُخلَّدة عبر الحقب الزمنية المتتالية، وسلطنة عُمان واحدةٌ من الحضارات التي قامت على أعمدةٍ مختلفةٍ في الصناعةِ والتجارةِ والعلومِ والثقافة؛ فكان لها باعٌ ممتدٌ وصِيتٌ يُذكر، ومَنصِبٌ ذا رفعةٍ في جميع الجوانب الحضارية.
وأضافت: اليوم نكشف جانبا مُمَيَّزا من جوانبِ الثقافة غير المادية في الحضارة العُمانية، وهي (الفنون والموسيقى العُمانية) والتي تمثل جانبا مضيئا بما يحمله من تنوع التراث غير المادي في هذا الوطن العريق، وتعكس ثقافات مختلفة تدلل على التواصل الحضاري للعُمانيين مع الأمم والشعوب، وتنوع الثقافات فيها، وامتزاجها مع غيرها من الثقافات في العالم، وشكلت تبعا لذلك مزيجا فريدا من الفنون الموسيقية التقليدية.
وقالت المطاعنية: كل محافظة تتميز بفنونها وأهازيجها الخاصة بها، الأمر الذي أفضى لأن تشهد ولايات السلطنة حراكا ديناميكا فاعلا ونشطا في أداء الفنون الموسيقية التقليدية من خلال الرقصات، والأغاني، والأهازيج الشعبية الماتعة، والتي جذبت شرائح واسعة من المجتمع للاستمتاع بها وامتهان أدائها باحترافية عالية.
طابع فني
وأشارت إلى أن الأغنية العُمانية الحديثة قد نهلت من منابع الموسيقى العمانية التقليدية الثرية، وارتوت من إيقاعاتها الشجية مما أكسبها طابعا فنيا مميزا بين الفنون الغنائية في المنطقة، بل تُعد الفنون الموسيقية العُمانية إحدى أعمدة الجذب السياحي للزوار من مختلف دول العالم، والذين يفدون على الرحب والسعة للسلطنة للاطلاع على موروثاتها الموسيقية الأصيلة كجزء من أهداف رحلاتهم الاستكشافية لمقومات وموروثات بلادنا العزيزة.
ونوهت إلى أن الموسيقى العُمانية التقليدية كانت وستظل حاضرة في مشاركات عُمان في المحافل والمهرجانات الدولية وعروضها العالمية التي تستهوي اهتمامات شرائح واسعة من المهتمين، وتطرب عامة الناس بنحو تلقائي في كل بقعة من بقاع الأرض؛ وباعتبارها لغة عالمية شديدة الوضوح والتأثير الحسي المباشر لا تلبث الجموع البشرية المتعطشة للفن الرفيع إلا أن تتناغم مع مقطوعاتها وإيقاعاتها التي تأسر الأنفس، وتخلب العقول، فلا يملكون غير الاستجابة لها بالرقص والتعبير عن اكتمال منظومة الطرب في دواخلهم، كلٌّ بلغته الخاصة.
إرث موسيقي
وأوضحت بأن الإرث الموسيقي التقليدي العماني وجد من الاهتمام والرعاية من المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، عبر جمعه من كل الولايات والمحافظات وتوثيقه بنحو علمي عبر إنشاء مركز عُمان للموسيقى التقليدية عام 1984، وكذلك إنشاء وتكوين الفرقة السلطانية الأولى للموسيقى التقليدية منذ عام 1976، كلها وجميعها كانت إجراءات وخطوات ميدانية وعملية بلورت اهتمام المغفور له بإذن الله بالموسيقى العُمانية التقليدية، وتطوير بعض أغانيها ومقطوعاتها باستخدام الآلات الحديثة، وإنشاء جمعية هواة العُود، كل هذا الاهتمام توج في نهاية المطاف بإنشاء دار الأوبرا السلطانية، ودار الفنون الموسيقية اللتين تمثلان علامة فارقة وبارزة وواضحة لاهتمام الحكومة بالفنون التقليدية وتطويرها والارتقاء بها وإبرازها للعالم.
وأضافت أن تخصيص جائزة السلطان قابوس للآداب والفنون، وتسمية بعض جوائزها للفنون العُمانية التقليدية وغيرها أفرز نتائج محمودة تمثلت في حب الشعب العُماني لفنونه التقليدية وتعلقه وافتخاره بها،وانعكس هذا الواقع على وسائل الإعلام العُمانية فخصصت مساحات واسعة من برامجها للأغاني التقليدية.
توثيق الفنون
كما تطرقت الكلمة الرئيسية إلى جهود السلطنة في تسجيل عدد من فنون الموسيقى التقليدية العُمانية في سجل التراث العالمي بالمنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) والتي تكفلت بحفظ وتصنيف بعض التراث الفني غير المادي بالسلطنة؛ ليغدو جزءا من التراث العالمي.
وناقشت الندوة أربعة محاور رئيسة، هي: المحور الأول تطرق إلى بداية توثيق الموسيقى العمانية التقليدية قدمه ناصر الناعبي من مركز عمان للموسيقى التقليدية يسلط الضوء فيه على توثيق الموسيقى العمانية التقليدية خلال السنوات الماضية وما أثمرت عنه الجهود في الحفاظ على الفنون العمانية. والمحور الثاني ناقش دور المؤسسات في صون الموسيقى العمانية التقليدية وحفظها قدمه راشد الهاشمي من وزارة الثقافة والرياضة والشباب ويونس النعماني من اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم، أما المحور الثالث فسلط الضوء على القيمة الفنية للأنماط العمانية التقليدية قدمه البروفسور عصام الملاح من دار الأوبرا السلطانية مسقط في حين أن المحور الرابع تطرق إلى الأرشيف المجتمعي الأرشيف المؤسسي قدمه كل من خالد البراشدي وباسم الداودي.
عروض حية
تخللت الندوة عروض حية لعدد من الفنون الموسيقية التقليدية مثل فن المديم قدمتها فرقة البرج للفنون الشعبية وعرض حي لفن الربوبة قدمتها فرقة البرج للفنون الشعبية وعروض متنوعة للفنون العمانية التقليدية لفرقة البرج للفنون الشعبية في الساحة الخارجية.
جدير بالذكر أن الندوة تأتي في إطار الجهود التي تبذلها الجامعة لتعزيز الوعي بأهمية التراث العماني غير المادي، وإبراز الجهود المبذولة للحفاظ عليه.