يكتبه: حمدان البادي|
حفزتني الصور الجوية المنتشرة عن بحيرات الصفاء لزيارة المكان لأكتشف اني تأخرت كثيرا في زيارة هذه المساحة من الرمال المتفردة والمتمردة عن رمال الربع الخالي التي تقف كحارس لسيوح السنينة وعبري وضنك والسهول الواسعة الممتدة بلا حدود في كل الاتجاهات، تلال لا يكسر تناسقها إلا بعض أشجار الغاف التي أتخذت نمطاً خاصاً بها حيث تقف متحدة كشجرتين أو ثلاث لعلها تقاوم الرمل وتمنح الزوار بعض الظلال وتؤكد لهم أن المكان يستحق العناء.
ولأن الصور الجوية تكشف من الجمال مالا تكشفه العين المجردة فقد كانت الوجهة إلى هناك وقد تكفل العم جوجل ليكون الدليل والمرشد وذلك في منتصف الأسبوع لعلي أحظى بلحظة هدوء مع الذات، لكن هيهات فقد كان المكان مزدحماً بالسياح الذين يحاولون الالتفاف حول الكثبان الرملية واعتلاء قممها بحثا عن مساحة تمنحهم منظرا لا يتكرر كثيرا يقضون ليلهم عليه وهم يراقبون انعكاس البدر بكامل استدارته على الماء.
وبالرغم من إن البحيرات كانت على وشك أن تجف- لحظة زيارتي- إلا إن الوقوف على حافة تلك الرمال وضفاف البحيرات يكفي ليمنح الفرد ما يحتاجه من الدهشة والتأمل وسيكون محظوظا إن تمكن من المشى على قوالب الرمل الجافة واستمتع بتكسرها تحت اقدامه وهي تعزف سيمفونية الجفاف والخِصب في آن واحد وما يخرج منها من حياة على شكل أشجار صغيرة. الوصول إلى رمال الصفاء ليس صعبا وخرائط جوجل تتكفل بذلك عبر طريق ترابي ليس سيئاً لأنه يخدم عدد من شركات النفط والغاز، لكنه متعب لدرجة أن كسر “جزوز” سيارتي بعد أن قطعت ما يقارب 50 كم في شارع ترابي لأصل إلى وجهتي التي تبعد مسافة 130كم عن ولاية ينقل وكأني أسير على خطى أودية الشوعية وصيع والفلج والشجا والمريبي وغيرها من الأودية التي تنحدر من أعالي جبال الولاية وتتحد مع بعضها لأنها تدرك إن الاتحاد قوة ستتمكنها من الوصول إلى أبعد نقطة باتجاه الربع الخالي.
لايزال المكان خارج أجندة السياح وشهرته ترتبط بالبحيرات التي تتوفر بالعادة بعد نزول الأودية وتمنح المكان حياة وجمالا، وعلى مقربة من البحيرات وتلالها توجد بعض العزب لمربي المواشي التي تتوارى خلف التلال الرملية مما ينبىء بامكانية قيام الشغوفين والطموحين من الشباب بإقامة استراحات متنقلة وتسويقها للسياح مع بعض البرامج البسيطة، أسوة بما يحدث في رمال الشرقية حيث تتوزع العزب السياحية في كل مكان وتجد محبيها إلى جانب السياح الذين يفضلون التخييم الذاتي. المكان يستحق الزيارة ويجب أن يكون في معلوم السائح أن البحيرات تكون في قمة اكتمالها بعد هطول أودية محافظة الظاهرة ولاية السنينة، ولان الشمس ساخنة في النهار بما يكفي لقتل المتعة فإن للمساء وقته وجماله على تلك الرمال في ليلة مبيت بصحبة النجوم والاستيقاظ على شروق الشمس.