صلالة – العمانية |
عظمة صحراء الربع الخالي وأهميتها الاقتصادية والجغرافية، تحتم على أبنائها ومحبيها الكتابة عنها وهي منطقة تستحق كل الاهتمام من قبل المهتمين والمتخصصين، لما لها من مقومات اقتصادية وعلمية فضلًا عن طبيعتها الجغرافية وتضاريسها الفريدة التي تجذب المغامرين والمستكشفين والباحثين عن المتعة السياحية والاستجمام، خاصة في فصل الشتاء حيث تعد منطقة جذب سياحي بامتياز.
وجاء كتاب “آثار وأسرار صحراء الربع الخالي” للكاتب سعيد بن سالم الراشدي للتبحر في هذه الصحراء بالصورة والكلمة والحدث من خلال ثمانية محاور، حيث شمل الفصل الأول التاريخ والسكان والخصائص المجتمعية ومنها مسميات أجزاء صحراء الربع الخالي وتاريخها وأصولها وعلاقتها بالأودية المنحدرة من جبال ظفار مثل رملة الملحيت ورملة مقشن، إلى جانب بعض الأجزاء في عمق الصحراء، مثل رملة غنيم ورملة الدكاكة، وكذلك النمط السكاني لهذه الصحراء، وأهميتها التاريخية والتجارية حيث كانت منطقة عبور للقوافل القادمة من محافظة ظفار تنقل معها بعض البضائع من أهمها اللبان إلى أجزاء الجزيرة العربية، إضافة إلى المكتشفات التي وجدت في مناطق وسط وأطراف الصحراء، مثل نيابة الحشمان وخور بن حمودة، مما يدل على جذورها التاريخية الضاربة في الأعماق.
واحتوى الفصل الثاني على الجغرافيا والمناخ والتضاريس والموارد المائية، وكذلك مسميات بعض تضاريس الكثبان المتعارف عليها محليًّا كأسماء الكثبان الرملية الدارجة لدى سكان الربع الخالي، مثل اسم العروق وهي كثبان طولية عالية الارتفاع يصل طولها إلى عشرات الكيلو مترات، وأسماء القعائد وهي كثبان مخروطية أو نجمية يصل ارتفاعها إلى مئات الأمتار.
وتطرق الكتاب في الفصلين الثالث والرابع إلى الملبوسات والحلي والمجوهرات ووسائل حفظ المياه والوسائل العامة والطعام والمنسوجات والاحتياجات الأخرى، إضافة إلى أنواع الأسلحة بما فيها البنادق والخناجر وأدواتها، التي يستخدمها سكان الصحراء.
ولأهمية الإبل والحياة الفطرية في هذه الصحراء شمل كلٌّ من الفصل الخامس والسادس الحياة الفطرية التي كانت تزخر بها صحراء الربع الخالي، والتي انقرض الكثير منها في الوقت الحاضر بسبب الصيد الجائر خاصة المها التي انقرضت تمامًا، وكذلك غزال الريم الأبيض الذي أصبح نادر الوجود، ولم يغفل الكاتب عن النباتات المهمة في تلك الصحراء ومنها شجرة العبلة وشجرة الزهرة التي تحبها الإبل وهي أهم الحيوانات بالنسبة لسكان البادية، حيث تضمن الفصل الخامس أهمية الإبل ومزاياها وأنواعها وألوانها ومدى تعلق أبناء الربع الخالي بها.
أما في الفصل السابع والذي خُصِّص للرحالة البريطانيين الذين عبروا هذه الصحراء وكتبوا مشاهدهم عنها، فقد تناول الكاتب أهمية ما قام به الكتّاب السابقين من توثيق لرحلاتهم في صحراء الربع الخالي حيث دحض هؤلاء الرحالة المقولة التي كانت سائدة لدى كثير من الناس، بأن الربع الخالي خالي من السكان، ومن خلال مرافقي الرحالة الذين كانت لهم معرفة جيدة باتجاهات ومسالك الصحراء، وكذلك بفضل السكان من تلك القبائل الذين التقوهم في أطراف ووسط هذه الرمال، نجح هؤلاء الرحالة، كما يعد ذلك دليلاً قاطعاً على وجود سكان في هذه المنطقة مترامية الأطراف صعبة التضاريس.
وفي الفصل الثامن ألقى الكاتب الضوء على ما وجد من استحداثات وتطور من خلال الوسائل الحديثة، وسعي الحكومة، لإيجاد تنمية شاملة بما فيها من خدمات أساسية تتوافق مع العصر الحديث ومتطلباته، إضافة إلى التغيرات الكبيرة في نمط حياة البدو، الذين كانوا يتجولون في زوايا هذه الصحراء كرحالة من مكان إلى آخر، وأصبح الكثير منهم في الوقت الحاضر يعيش الحياة المدنية وبالرغم من ذلك فإن حب الإبل وشغفهم بها ما يزال راسخاً في وجدانهم.