يكتبه: حمدان بن علي البادي |
كنت في تونس مع بداية تصاعد انتشار فيروس كورونا وتسجيل أول الإصابات في السلطنة في مارس من العام الماضي وقد اضطررت أن ألغي سفري وأعود في أقرب رحلة، كانت المطارات شبه خالية والناس في حالة ذعر وحذر.
في مارس من العام الجاري، شاءت الظروف أن أكون أيضا في تونس أعيش تجربة سياحية مختلفة لم يكن مخطط لها بعد عام من تفشي الوباء الذي شل الحركة، والعالم لا يزال يعيش حالة هلع إلا في تونس الحياة اليومية تسير بصورة عادية حتى الساعة العاشرة مساءً، تزدحم وسائل النقل العامة بالركاب وتضج الأسواق والمقاهي بمرتاديها من دون أي محاذير ، أهرب إلى برنامج الرصد اليومي لأتابع الوضع في تونس واجده باهي برشا والأرقام ليست مخيفة واتساءل، هل تونس تعبت من رصد ضحاياها ؟. أم أنها استطاعت أن تتجاوز هذه الأزمة؟.
تونس جزء من ذاكرة الأمكنة التي رمتها الصدف في طريقي في مرحلة مبكرة من عمري في أول تجربة سفر أشبه بالحلم بالنسبة لي قبل أكثر من 20 عاما لأجد نفسي ضمن الفريق الإداري والإعلامي لعرض مسرحي سيقام في تونس بعد أن قضيت ليلة في مدينة زيورخ ليستقر بي المقام على شاطئ المنستير لبضعة أيام. بعد تلك الزيارة زرتها أكثر من مرة وهي التي تقع في زاوية مقصية عن الخطوط الجوية التي تصل إلى السلطنة فحتى دروب الترانزيت لا يمكن أن ترميها في طريقك، نعرفها ببلد الحبيب بورقيبة وأبو القاسم الشابي وارتبطت في ذاكرتي بأغنية جاري يا حمودة وفي أصوات لطفي بوشناق ولطيفة وذكرى وصابر الرباعي والكثير من التاريخ والنضال.
أهل تونس لطفاء يعرفون حدودهم وبالرغم من الظروف الاقتصادية والأوضاع السياسية التي تعصف بأغلب الشعوب العربية، إلا أن ذلك لم يخرجهم من السمت العربي يحشّمون الضيف ولا يتطفلون على الغرباء، كما يحدث في الكثير من البلدان العربية على وجه الخصوص، حيث يكون السائح أشبه بهدف يتسابق إليه الجميع.
رأيت الرجل التونسي في عبدالرزاق بن علي، مراسل تلفزيون السلطنة في تونس، ورأيت الأسرة التونسية في بيت العم منجي بن مبروك فقد عشت معهم التفاصيل اليومية للمجتمع التونسي وسمعت المصطلحات التونسية الغريبة لكن ما أن أستوعبها وأعود بها لأصل الكلمة أجد أنها لغة عربية خالصة، معهم للكسكي والبريكة والمقروض والكفتاجي طعم آخر ولشاي الزهر واللوز وقهوة بن يدر مذاق مختلف.
عدد كبير من التوانسة يجهلون الموقع الجغرافي للسلطنة ولا نلومهم في ذلك على الرغم من وجود أكثر من ثمانية آلاف تونسي في السلطنة يتوزعون بين مختلف المهن ويذوبون في المجتمع من دون أن نشعر بهم، فهم منا وفينا وبين عُمان وتونس تتشابه الكثير من أسماء العائلات ولا أعرف إن كانت تعود إلى نفس الأصول.
وحاليا يعمل مجموعة من الشباب من البلدين على انشاء جسر الصداقة والتواصل تحت مظلة جمعية الصداقة العمانية التونسية ليسهم في تعزيز حضور البلدين في الأوساط الشعبية وبين النخب الثقافية والاقتصادية في مختلف المجالات.