مسقط – يعقوب بن يوسف البلوشي |
يعد ملف الباحثين عن عمل في السلطنة أحد أهم الملفات النشطة منذ سنوات طويلة، والتي لم يوجد لها حل جذري، في ظل النسبة المرتفعة للباحثين عن عمل مقارنة بنسبة الوظائف التي يشغلها وافدون. ولا يخفى على الباحث في هذا الشأن إن ملف الباحثين عن عمل هو ملف ساخن تسبب في قلق جهات حكومية عدة في السلطنة منذ أكثر من فترة مضت، بسبب ارتفاع عدد المطالبين بالتوظيف وأكتفاء الحكومة بما لديها من موظفين مما شكل ضغطاً على المنظومة العسكرية والمدنية لاستيعاب أعداد الخريجين سنوياً وأيضا تسبب في زعزعة الثقة لدى الشارع تجاه الإجراءات الحكومية المتخذة في هذا الشأن آخر 10 سنوات مضت، فإلى أي مدى سوف تستوعب هذه الجهات المسؤولة الأعداد المتزايدة للخريجين من حملة الدبلوم العام ودرجة البكالوريوس في هياكلها الادارية !! في ظل ندرة الاستثمارات الصناعية والمصانع وسيطرة الوافدين على القطاع الزراعي والسمكي وهيمنة نسبية في القطاع الخاص بكافة أنواعه؟.
مبادرة
أوردت وزارة السياحة سابقاً بإدارتها السابقة مبادرة محمودة وهي مبادرة البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي الخاصة بإيجاد حزمة حلول لتشغيل القوى العاملة الوطنية في القطاع السياحي العماني عبر تأهيلهم وتمكينهم بالادوات والمهارات اللازمة لشغل وظائف مباشرة وغير مباشرة في القطاع السياحي في ظل التحديات التي تواجه عملية التوظيف في القطاع الفندقي والسياحة بشكل عام مرتبطة بعملية الدوران الوظيفي والتنقل المستمر للموظفين بين الفنادق، وعدم اقتناع الموظف بالحوافز المقدمة من قبل المنشآت الفندقية والشركات السياحية، وبجانب مشكلة الموسمية التي تواجه القطاع السياحي في السلطنة، خاصة حركة النشاط السياحي في مسقط، رغم تجاوز محافظة ظفار هذه الموسمية بعد نشاط حركة السياحية صيفا بموسم الخريف وشتاء بالسياحة الدولية من أوروبا، وبالاضافة إلى الصراع الدائم بين مؤسسات القطاع الخاص والحكومة حول استيعاب أعداد الباحثين عن عمل غير المؤهلين بالمؤهلات الفنية البحتة التي تتطلبها بعض المنشآت الفندقية والتي يشغلها الوافد ذو الخبرة الفنية والأجر المتدني في الحسابات التجارية لأي مستثمر .
بطء
وبالنظرة العامة لهذة التحديات نجد أن هناك “بطأً ” في إيجاد حلول مناسبة حتى يتوائم القطاع الفندقي والمؤسسات والشركات السياحية مع مسألة الباحثين عن عمل بحيث يتم استيعاب عدد كبير من الخريجين في تلك المؤسسات خصوصا وأن هناك عدداً كبيراً من الوافدين يشغلون هذه الوظائف والتي بالإمكان أن يشغلها العماني لو حظي بتدريب كافٍ وميزات وظيفية جيدة على أقل تقدير حتى يتمكن إدارياً وفنياً من المنافسة على الوظائف العليا في القطاع السياحي وهو بلا شك أمر ليس في بالغ الصعوبة تحقيقه فيما لو التزمت الجهات المعنية بتنفيذ عملية التعمين في القطاع السياحي حسب ما ورد في المرحلة الأولى لتنفيذ الاستراتيجية العمانية للسياحة (2016- 2020) من خلال توفير 46 ألف وظيفة مباشرة في كافة أنشطة القطاع لا أن نكتفي بثلث هذه الفرص الوظيفية!.
مسح
حيث بلغ عدد العاملين العمانيين في القطاع السياحي حوالي 16 ألفا و487 موظفاً حتى منتصف عام 2019 وحسب نشرة إحصاءات السياحة عبر المسح الاقتصادي لنشاط الفنادق من قبل المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لعام 2016م فقد بلغ عدد العاملين غير العمانيين ما نسبتهُ 71% ، وبلغ عدد العاملين العمانيين في القطاع السياحي حوالي 16 ألفا و487 موظفاً حتى منتصف عام 2019م وما نسبته 32% من إجمالي الفرص الوظيفية وهو رقم متواضع ولا يلبي الطموحات في جعل القطاع السياحي قطاعاً حاضنا للخريجين وحلاً لمشكلة حقيقية للباحثين عن عمل التي طال أمدها لوقت ليس بقصير، خصوصاً وإن القطاع السياحي يمتاز بتعدد الفرص المهنية والوظيفية فيه، بحيث تتنوع الفرص بدءاً من العمل في الإرشاد السياحي ، والعمل في المنشآت الفندقية، وإدارة النزل التراثية، وإدارة المطاعم والمقاهي السياحية الدولية والمحلية، وإدارة العمليات اللوجستية، وإدارة المطارات، وشركات السفر والسياحة، والمعاهد التدريب السياحي، والعمل الحرفي، ومتاجر الهدايا والتحف، وإدارة السياحة البحرية وسياحة المغامرات وتوابعها من المتاجر المتخصصة لمعداتها، وإدارة السياحة الثقافية والمؤتمرات، وإدارة إستثمار القلاع والحصون والمواقع الأثرية بالتعاون مع الجهات الحكومية المختصة، وتأسيس شركات الضيافة وتنظيم الحفلات وإدارة الفعاليات، وغيرها العشرات من الأنشطة التي لم تعمن في القطاع السياحي والتي قد تشكل فارقاً ملحوظاً في ملف الباحثين عن عمل وإيجاد الحلول المناسبة، فالقطاع السياحي نابض بالفرص فيما لو تم تأطيرها وهيكلتها بالشكل المطلوب، كما دأبت عليه بعض التجارب الدولية في صناعة قطاع سياحي فاعل في توظيف مئات الالاف من الباحثين عن عمل.
150 ألف وظيفة
وقبل أيام أكد وزبر التراث والسياحة لموقع أثير الالكتروني أن أكثر من 150 ألف وظيفة في قطاع السياحي بينهم 15 ألفاً فقط عمانيون ممن يشغلون تلك الوظائف. وهو أمر في غاية الأهمية لوضع استراتيجية توظيف وتمكين العماني في هذا القطاع.
فهل تملك وزارة التراث والسياحة ووزارة العمل جرأة في إصدار قرار صارم ودقيق ومتابع بإلزام المؤسسات والمنشآت السياحية بنسبة تعمين 90% من الوظائف السياحية التي يشغلها الوافد خلال 24 شهراً من الآن، أم أن ذلك يتطلب مغازلة رضا التجار الكبار وسماسرة الاستثمار وملاك تلك المؤسسات ممن أجهضوا فكرة التعمين في القطاع السياحي سابقاً من خلال التسويف وعدم الالتزام بالنسبة المطلوبة، بالإضافة إلى تساهل الجهات الحكومية المعنية سابقاً معهم والتراخي المستمر الذي لا يخدم فكرة توفير الوظائف للعمانيين.!