قرة بوك “تركيا” – الأناضول |
لا تزال خانات وحمامات قضاء “صفران بولو” بولاية قرة بوك المطلة على البحر الأسود شمال غربي تركيا، تحافظ على جمالها ورونقها التاريخي منذ 374 عاما.
وأُدرج “صفران بولو” بكامله على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” في 17 ديسمبر عام 1994، وهي المدينة التركية الوحيدة الحاصلة على هذه الصفة.
وتعتبر المدينة من بين أفضل 20 مدينة محمية في العالم، وتجذب سنويا مئات آلاف السياح المحليين والأجانب، بما تملكه من جمال طبيعي، ونسيج مفعم بعبق التاريخ.
خان “جنجي” التاريخي
ويعد خان أو نزل “جنجي” أكثر الأماكن التاريخية قيمة في القضاء المذكور، وهو الذي شيده ملا حسين أفندي، قبل 374 عامًا، وتحديدًا عام 1645 م، في عهد السلطان إبراهيم الأول، ولا زال يتمتع بعظمته التاريخية.
الخان المدرج على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، لا زال رغم كل هذه السنوات يستقبل الضيوف القادمين لـ”صفران بولو” من داخل تركيا وخارجها، ويقدم لهم خدمات الإقامة والمطاعم.
وخان “جنجي” تم تشييده وفق مسقط أفقي تقليدي اشتهرت به الخانات العثمانية، حيث يتوسط فنائه حوض ماء، وهو قائم على أخدود كبير تمر من خلاله قنوات الصرف الصحي، والمياه المستعملة، وذلك من خلال نفق تحت الأرض يبلغ طوله 300 متر.
ويتكون الخان من قسمين كبيرين كانا يخصصان للخيول والجمال، وهو عبارة عن طابقين مكونين من 63 غرفة تبرز في جماله روعة الزخرفة الحجرية، كما أن بوابته تزن 3 أطنان من الحديد وتعتبر واحدة من أجمل نماذج صناعة الحديد التركي، وتلفت الأنظار إليها بجمال مفتاحها ومغلاقها.
الخان ظل يستخدم على مدار سنوات كنزل للتجار والقوافل، لكن فيما بعد استخدمه حرفيو قضاء “صفران بولو” كمخزن لبضائعهم. لكن بعد ترميمه في العام 2004 بشكل أعاده لأصله، أعيد استخدامه ثانية، حيث يستخدم حاليًا كفندق للإقامة ومطعم، ويستقبل على مدار العام السياح المحليين والأجانب.
سياح من أنحاء العالم
وفي حديث للأناضول، قال إبراهيم دره لي، مدير الخان الذي يتبع الإدارة العامة للأوقاف التركية، إن خان “جنجي خوجا” المدرج على قوائم اليونسكو، أكثر الأماكن التاريخية قيمة في “صفران بولو”، وتقريبا جميع السياح القادمين إلى المدينة يمرون عليه.
وأشار إلى أن التجار في الفترة التي شيد فيها الخان، كانوا يقيمون به لمدة ثلاث أيام مجانًا ودون أي مقابل يذكر.
وتابع قائلا: “الخان من أهم المباني بقضاء صفران بولو، وهو يستخدم حاليًا كفندق، كما أن به مطعمان، وهو مفتوح لم يحب أن يتجول بداخله، وهذه الخدمة مجانية. ولدينا سياح يأتون من بلدان مختلفة حول العالم”.
وأشار “دره لي” إلى أن الخان يتميز بهندسة معمارية فريدة من نوعها، إذ استمر مشروع البنية التحتية الخاصة به لمدة 20 عامًا، مضيفًا “ففي الوقت الذي كان الناس بفرنسا وانجلترا يلقون مخلفاتهم بعد قضاء الحاجة، من النوافذ، كان هذه الخان يتمتع ببنية تحتية استغرقت عملية إنشائها 20 عامًا”.
وأوضح أن “الخان يعتبر كذلك من أول نماذج نظام البنايات المزدوجة (الدوبلكس)، ولقد شيد على أخدود يمر من أسفله قاع النهر. وبابه أصلي، الدرفة الواحدة منه تزن 1.5 طن من الحديد”.
وبيّن أن “الخان يكون على رأس أولويات السياح القادمين لصفران بولو، إذ يخصونه بالزيارة قبل أي مكان آخر، ونقدم لهم كافة المعلومات الازمة لهم حول المكان، ويبلغ عمر هذا النزل 374 عامًا، ونقدم فيه مأكولات خاصة بمنطقة صفران بولو”.
صفران بولو
تجدر الإشارة إلى أن مدينة “صفران بولو” التاريخية تحظى بإقبال كبير من جانب السياح المحليين والأجانب لزيارة معالمها الجميلة.
وبشكل عام تتميز صفران بولو، البالغ عدد سكانها 50 ألف نسمة، بمنازلها التاريخية المبنية بين القرنين الثامن عشر والعشرين، من ثلاثة طوابق عمومًا وتحتوي على 6-8 غرف.
وتمكنت المدينة، من الحفاظ على عمارتها العثمانية وحياتها اليومية وثقافتها، وهي بمثابة متحف هواء طلق بخاناتها وحماماتها وبيوتها ومساجدها وجسورها وسبل المياه فيها.
وزار صفران بولو خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2019، نحو 900 ألف سائح أجنبي ومحلي، بزيادة قدرها 5% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، والرقم المذكور يعادل 18 ضعف عدد سكانها.