بقلم: يوسف بن أحمد البلوشي |
كانت الساعة تشير الحادية عشرة صباحا، في العاصمة مسقط، موج البحر كان هادئا، ونسمات الهواء باردة مع دخول موسم الشتاء المبهج.
المكان، مقهى الكندل في شاطىء القرم، إطلالة على بحر عُمان الجميل في هذا الوقت من العام. جلس زوار المقهى صوب الواجهة البحرية يرتشفون الشاي والقهوة وصوت المعسّل يغرد في المكان ودخان الشيشة يتطاير مع الهواء.
زوار المقهى كانوا من عدة جنسيات، عمانيون، عرب، وأجانب، الكل جاء يجلس لحظات مستمتعا بالمكان الجميل، يتحدثون عن مشاريعهم، وآخرون يطالعون هواتفهم، بينما البعض يسرح بفكره مع سيمفونيات موج البحر.
جلست في أحد الزوايا من المقهى بعد أن أغراني الجو المسقطي رغم أني هربت من جلسات مسقط الصباحية والمسائية، إلا ما ندر لظروف العمل فقط، بعد أن عدت للقرية مستمتعا بجوها بعيدا عن الزحمة.
المجيء الى مسقط يكون صباحا لفترة العمل احيانا، لكن كنت اشتاق للجلوس على الشاطىء، خاصة في هذه الفترة من العام، يكون الطقس ممتعا وأمواج البحر ذات الهدوء التي تعزف ألحانها كأنها مقطوعات موسيقية لبيتهوفن او موزارت.
طلبت من النادل الأجنبي، كوب شاي بالنعناع، وقال بلكنة آسيوية “طلب شيشة”، قلت له: لا أريد. بعد برهنة من الوقت جاء بكوب الشاي، وتركته الشاي يفتر لحظة، وواصلت الإبحار ببصري نحو موج البحر الذي لا يدعك ان تفكر في شيء آخر غيره.
بعض السياح من نزلاء فندق جراند حياة مسقط يمارسون السباحة، بلا شك الجو مغريا لهم، خاصة للسياح الأوروبيين، حيث طقس مسقط جميلا دافئا بالنسبة في هذا الوقت لذلك تجدهم يرتمون في أحضان الشواطىء وتحت أشعة الشمس ويمارسون المشي قرب موج البحر.
عدد أخر يمارس هواية المشي قرب الشاطىء، وأخرون يجلسون تحت ظل الأشجار التي تعطيك أريحية في الصباح، وبعض العائلات العربية تتجمع تحت “البيذامة”، نساء جلسن على شكل دائرة بينهن طاولة عليها دلة شاي وقهوة وأَخَذْن يسترسلن في الحديث الصباحي كل منهن يطرح ما يجول في خاطره من شكاوى الحياة الأسرية والمجتمعية أو بعضا من المسائل السياسية لبلدانهم .
فجأة ظهرت على الشاطىء مجموعة من الشباب تجمعوا مع بعض وكانوا يهرولون قرب الشاطىء، كان منظرهم يجذب الانتباه، كون ان ممارسي هذه الرياضة عادة ما يكونون في فترة المساء اي بعد الرابعة عصرا وحتى قبيل آذان المغرب وليس في فترة الصباح، حينها يشبه شاطىء القرم، أحد شواطىء البرازيل، نظرا لان الكثير من المرتادين يلعبون كرة القدم الشاطئية.
مقهى الكندل مكانه يشرح النفس، وقد يكون المكان الوحيد الذي جلسته ذات إطلالة بحرية، ويدور في ذهني لماذا نحن لا نستغل جمالية مسقط في مشاريع جاذبة للسياح.
خرجت من مقهى الكندل، بعد ان دفعت قيمة كوب الشاي الذي كان سعره 500 بيسة، وهنا تدفع ليس لكوب الشاي فقط بل تدفع لجلسة وجمالية المكان. مسقط الجميلة تنتظر مرحلة مهمة لجعلها وجهة سياحية، مثل غيرها من الدول الجاذبة السياح، لكنها اليوم افضل من أمس، وغدا سيكون ايضا افضل مع التوسع السياحي الذي تشهده السلطنة.