اكتشافات أثرية في مواقع سلوت الأثري بولاية بهلا ومنتزه سمهرم الأثري بمحافظة ظفار

 

مسقط – العمانية | 

أعلن اليوم بمكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية عن اكتشافات اثرية لكل من موقع حصن سلوت الاثري بولاية بهلا بمحافظة الداخلية ومنتزه سمهرم الاثري في محافظة ظفار بدعم وإشراف مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية وقامت به بعثة إيطالية من جامعة بيزا.

وأكدت البروفيسورة أليساندرا أفنزيني رئيسة البعثة الأثرية من جامعة بيزا الإيطالية في مؤتمر صحفي عقد بمكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية ان موقعين ذوا قيمة تاريخية وجمالية أخّاذة وفريدة هما موقع حصن سلّوت الأثري في ولاية بهلاء في محافظة الداخلية، وموقع سمهرم الأثري في محافظة ظفار، واللذان يعتبران كنزين للتراث الثقافي والأهمية البيئية للسلطنة.

وقالت البروفيسورة انه وعلى مدى السنوات القليلة الماضية كشفت الحفريات في هضبة سلّوت (حصن سلّوت) على مستوطنة قديمة حيث ارتبطت بالعصر البرونزي القديم “بداية الألفية الثالثة قبل الميلاد” وتم بناء بعض المدافن على قمة الهضبة على شكل أبراج وهي مرتبطة بمبانٍ أخرى من نفس الفترة في السهل وعلى الجبل المقابل لسلّوت وفي الشمال الغربي من الموقع الرئيسي، على بعد بضع مئات من الأمتار، كشفت الحفريات عن برج من العصر البرونزي الأول.

وأشارت البروفيسورة الى أن الهيكل الدائري الرئيسي يبلغ قطره حوالي 22 متراً، من كتل ضخمة من الحجر الرملي. ومن المحتمل أن الجزء العلوي من البرج يتميز بسلسلة من المباني المرتبطة ببئر مركزي. أما خارج البرج هناك خندق (بعمق 3 أمتار ويتفاوت حجمه من 11-13 متر) متصل بنظام قناة مائية.

وأضافت البروفيسورة أليساندرا أفنزيني رئيسة البعثة الأثرية إن المواد التي خلّفتها حفريات البرج استثنائية، حيث انها جنباً إلى جنب مع الفخار المحلي تؤكد على تاريخ الموقع الذي يعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد مشيرة الى أن هناك أدلة على الواردات والاتصالات مع حضارة وادي الأندس وهذه العلاقة الواضحة بين سلّوت ووادي الأندس

مدهشة وغير متوقعة حيث تم العثور على خزفيات مستوردة في بعض المواقع على طول الساحل “حفريات رأس الجنز، على سبيل المثال”.

وأكدت البروفيسورة أنه يوجد في سلّوت أول دليل على وجود اتصال بين الهند والمناطق داخل عُمان وهو وجود الأختام من وادي الأندس وتؤكد المعثورات الأخرى على الدور الهام الذي قام به الموقع في الشبكة التجارية الكبيرة التي شملت إيران وبلاد الرافدين وآسيا الوسطى.

وحول حصن سلوت قالت البروفيسورة أن الحصن برز بروعته الخالدة خلال العصر الحديدي “1300 قبل الميلاد -300 قبل الميلاد” ويتألف الجزء العلوي من سلسلة من الغرف وبعض المباني المصنوعة من الطوب اللبن إن الحجم الكبير والحفظ الاستثنائي لجدران من الطوب لا تزال أمثلة غير مسبوقة في الجزيرة العربية.

وقالت البروفيسورة أنه في موسم التنقيب الأخير انتقل البحث إلى السهل الذي يحيط بالموقع الرئيسي حيث تم العثور على أول مستوطنة على طول الجانب الشمالي الشرقي من الموقع (سميت بقرية سلّوت لتمييزها عن حصن سلّوت) وقد تم الكشف هنا عن العديد من المنازل والمناطق التي كان تتم فيها معالجة وإنتاج المعادن.ولا تقتصر المستوطنة على هذا الجانب من السهل فقط، ولكنها تمتد على طول جميع جوانب الهضبة لتصل تقريبا الى مائة ألف متر مربع.

وأكدت البروفيسورة إن المواد الأثرية الأولية من القرية تدل على أن المستوطنة يعود تاريخها إلى العصر البرونزي، والى الوقت الحالي فإنه لم يتم العثور إلا على عدد قليل من المعثروات التي يرجع تاريخها إلى العصر البرونزي مما يعطي دلالة واضحة بانها لا تزال مليئة بالمفاجآت وينبغي ألا نتقيد بأي حدود للمعثورات المستقبلية.

وحول عمل البعثة الإيطالية في ميناء سمهرم والمنطقة المحيطة قالت البروفيسورة ان العمل في المنطقة امتد لمدة عشرين عاماً حيث أصبح الآن تاريخ الميناء العريق والتخطيط الحضري وحياة السكان ظاهراً وواضحاً للعيان.

وأكدت البروفيسورة أن البعثة تمكنت من أكتشاف ان الوجود الإنساني في إنقيطات يعود إلى فترة العصر الحجري القديم “ستين ألف سنة قبل الميلاد”. كما إكتشفنا أيضا بعض الأدلة التي تعود إلى أواخر العصر الحجري الحديث “ستة آلاف سنة قبل الميلاد” وهي أدلة أثرية جديدة عثر عليها على الشريط الساحلي لمحافظة ظفار.

وتعود بعض الأدلة الأثرية على ساحل محافظة ظفار المكتشفة إلى بداية العصر الحجري الحديث “عشرة آلاف سنة قبل الميلاد منها كهف ناطف في حاسك”. كما يوجد في محافظة مسقط موقع الوطية الذي يُعدّ أحد الأدلة على وجود المستوطنات الساحلية في فترة بداية العصر الحجري الحديث “عشرة آلاف سنة قبل الميلاد” ويتميز بوجود كهوف ورسومات صخرية مختلفة وبقايا سد مائي.

وتدل طبقة الأرض السطحية في إنقيطات من نوع تيرا روزا على التاريخ الطويل لتغير المناخ؛ وهو نتيجة لزيادة وفرة المياه في الماضي والغطاء النباتي الكثيف. واليوم تعتبر إنقيطات أرضاً حجرية قاحلة، تحتفظ ببقايا أثرية كثيرة وبشكل غير متوقع.

كما تم أكتشاف بقايا قرية كبيرة تم استيطانها في العصر الكلاسيكي “منذ ألفين سنة” كما أن هناك دلائل على أن القرية كانت حاضرة في العصر البرونزي (منذ أربعة آلاف سنة) وأيضاً في العصر الحديدي المبكر “منذ ثلاثة آلاف سنة” وإن الإتصالات البرية والبحرية مع شمال عُمان معروفةٌ في فترة الألفية الثالثة قبل الميلاد حيث تثبت تجارة اللبان الثمينة الأهمية البالغة لهذه المنطقة.

وقالت البروفيسورة إن أعمال التنقيبات الأثرية للبعثة الإيطالية أثبتت بأن تاريخ تأسيس الميناء يرجع إلى القرن الثالث قبل الميلاد، والتي أثبتت إزدهار ميناء سمهرم ضمن شبكة التجارة البحرية بين البحر الأبيض المتوسط وبلاد الهند.

وساد الإتفاق منذ سنوات بأنه في فترة الإمبراطورية الرومانية فقط (القرن الأول-الثالث الميلادي) قامت السفن بالإبحار في المنطقة المقابلة لشبه الجزيرة العربية والهند تدفعها الرياح الموسمية. الا أنه اليوم بات واضحاً أن تلك الشبكة من الإتصالات وجدت قبل ذلك بقرون منطلقة من برنيس في مصر إلى سمهرم في عُمان وبتنام وأريكاميدو في الهند. وقد ظل ميناء سمهرم قلب هذه الشبكة التجارية وجسراً ربط بين الشرق والغرب في أوج نشاط التجارة ومساراً للثقافة بين الأراضي البعيدة.

وبينت البرفيسورة الايطالية إن المجموعة الكبيرة من الجرار المصنوعة في إيطاليا والتي تم اكتشافها في سمهرم تدل على طول مدة التواصل الثقافي مع بلدان البحر الأبيض المتوسط، كما أن من أقوى العلاقات التي جمعت سمهرم منذ تأسيسها كانت مع الهند حيث تشير المعثورات الفخارية والأدوات الهندية ومنها نقش البراهما-التاميلي وجود جالية مؤقتة من الهنود في سمهرم.

وقالت ان سكان سمهرم عملو في الصيد بجانب التجارة كما يشهد على ذلك الكمية الكبيرة من الأصداف وعظام الأسماك الصغيرة الموجودة في منازلهم، حيث كان غذاؤهم أساساً المأكولات البحرية. ويدل وجود عظام الحيتان التي أُستخدمت كأساس لأعمدة أو لطاولات صغيرة على قدرة سكان سمهرم لإصطياد الكائنات البحرية الكبيرة. وهذا النشاط لم يكن من السهل القيام به على الإطلاق في العالم القديم.

وتم العثور على بعض مناطق الإنتاج في المدينة: فرن فخاري (أول فرن موجود في شبه الجزيرة العربية)، وأفران لإنتاج الجبس، وأفران الخبز. وعلى مقربة من منطقة السوق، حيث كان هناك أيضاً دار صك العملات في المدينة، كما تم العثور على مساحة كبيرة لإنتاج المعادن. وعلى مدى هذا العام تم إكتشاف اثنين من الأفران، إذ لم تكن تستخدم فقط لصنع الأدوات المعدنية الصغيرة ولكن بالأحرى لصنع المعادن.

واختتمت البروفيسورة أليساندرا أفنزيني رئيسة البعثة الأثرية من جامعة بيزا الإيطالية بالقول إن علماء آثار بقايا الحيوانات قاموا بجمع نتائج مثيرة للإهتمام خلال الموسم الأخير، فعلى مقربة من المعبد المخصص لإله القمر (سين)، كان هناك بناء قديم محصّن ومعزول. ولم يكن الهدف من إنشائه واضحاً حتى اليوم. ففي الداخل، تم العثور على كمية كبيرة من العظام، وقد أظهر التحليل وجود بقايا لحيوانات لم يتم العثور عليها في أي مكان آخر في المدينة مثل الجمال والماشية والأغنام والأسماك الكبيرة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*