يكتبه: د. رجب العويسي|
يمثل البعد الاجتماعي والتواصلي للسياحة أحد أهم الأبعاد التي باتت ترفع من سقف التوقعات المجتمعية في المنجز السياحي وأهمية انتشاره في مختلف محافظات سلطنة عُمان، ويقاس على اثرها قدرة السياحة على صناعة التغيير، في ظل ما تستهدفه من تعظيم قيمة العلاقات الاجتماعية وخلق فرص أكبر للتواصل والحوار الاجتماعي، على مستوى الاسرة الواحدة أو العلاقات الاجتماعية بين الأقارب والأرحام أو كذلك مع الجيران والأصدقاء وأهل الحي السكني.
إنّ الترابط الاجتماعي بما يولده من مشاعر راقية واحساس جمعي بالترابط المتبادل في العلاقات الاجتماعية، وما يقتضيه من تضامن عاطفي واجتماعي يظهر في معتقدات ومشاعر وسلوكيات أفراد المجتمع داخل الاسرة الواحدة او عبر اسر متعددة أو الجيران والأصدقاء قيمة مضافة تصنع من السياحة تمثل قوة مجتمعية دافعة لكسر الصورة السلبية وحالة الفجوة التي تعيشها العلاقات الاسرية؛ وتوجيه العلاقات الاجتماعية نحو صناعة الأثر، وهي وسيلة تواصل بين الاسرة والزوجين والابناء وأفراد المجتمع والأصدقاء ، الامر الذي سيظهر اثره الإيجابي في الارتقاء بجودة الحياة الاسرية والاجتماعية وتعظيم مساحة الثقافة الحوارية فيها.
وما يحصل في هذه التجمعات السياحية العائلية من التزام لغة حوارية تفاعلية يسودها الود والتقدير والاحترام والذكريات والأخبار الجميلة. ناهيك عن أن دور السياحة في تقوية الترابط الاجتماعي من شأنه أن يرفع من الاهتمام بالسمت العماني واستنطاق القيم الدينية والوطنية في ظل ما تضمه هذه التجمعات من وجود كبار السن والصغار والشباب، الأمر الذي يسهم في رفع درجة الحميمية والاحتواء الاسري وتعليم الصغار مفاهيم السمت وقيمه، وكما يستنهض فيهم مبادئ العمل الجمعي والعمل التطوعي والاعمال الخيرية والتكافل الاجتماعي حيث يتم في هذه المواقف فتح المجال لبعض المبادرات التي تقوم بها الاسرة بشأن التبرع وفك الكربة والوقوف مع حالة العسر الاقتصادي الذي تعيشه بعض الاسر.
إن دور السياحة بذلك يتخطى الحدود المعروفة او مجرد الرحلات الترفيهية وفرص الاستجمام للصغار والكبار لتعبر عن نموذج اجتماعي يستنطق جوهر المبادئ التي جسدت الثقافة العمانية وعبرت عن حركة الحياة العمانية ومنطوقها الاجتماعي وتفاعلها الأسري عبر الانتقال بها نحو تقديم مبادرات وبرامج عمل تطبيقية في الفترات القادمة.
أخيرا، فإن خلق هذه الفرص يؤسس اليوم للمزيد من الجهد الوطني المخطط في العمل على التوسع في البيئات السياحية المتكاملة والمتنزهات والمماشي الخضراء في مختلف ولايات سلطنة عُمان.