طوكيو – وجهات|
على الساحل الشمالي لجنوب هونشو بين بحر اليابان وسلسلة جبال تشوغوكو الساحرة، توجد اثنتين من أقل المقاطعات اكتظاظًا بالسكان وأقلهما استكشافاً من قبل زوار اليابان.
هنا، تستلقي مقاطعتي شيمانه وتوتوري بعيدا عن الطرق السياحية الرئيسية لتقدما معاً للزوار عجائب الطبيعية ومتعة الاستكشاف الثقافي.
الجبال والكثبان الرملية والمناظر البحرية والأضرحة التاريخية والحدائق المليئة بالزهور والناس الودودون ليسوا سوى بعضاً من أسباب كثيرة تجعل من الرحلة إلى هذه المنطقة -الأقل شهرة- والمليئة بسحر الأساطير اليابانية تجربة استثنائية لا تنسى بسهولة.
فيما يلي بعضاً من أبرز الأماكن التي نضمن لكم فيها تجارب استثنائية وترحيبا دافئا كما جرت العادة مع كل مناطق اليابان وسكانها:
ضريح إيزومو الكبير
لعبت شيمانه دوراً مهماً في التاريخ الياباني إذ كان ضريح إزومو تايشا الكبير في المقاطعة أحد أقدم وأبرز المواقع الدينية والثقافية في البلاد. لا يُعرَف تماماً متى تم إنشاء هذا الضريح لأول مرة، لكن جذوره تعود بالزمن إلى العصور القديمة.
تبدأ هنا قصة الأصل الثقافي لليابان التي كانت تُعرف ذات يوم باسم أرض الآلهة، المكان الذي تدور فيه الدورة الأولى من أساطير الخلق اليابانية وهو المكان الذي زاره قدماء الآلهة والذين تقول الأساطير بأنهم خلقوا ما بات يعرف اليوم باليابان.
يتميز ضريح إزومو تايشا الكبير بالفخامة والرقي حيث يضم قاعة رئيسية يبلغ ارتفاعها 24 مترا وأسقفا واسعة وتفاصيل خشبية منحوتة بدقة. ويضم المبنى الموجود داخل الضريح -حيث يتم تقديم الرقص والموسيقى المقدسة- حبل القش المقدس من نوع شيميناوا والذي يزن خمسة أطنان كاملة.
يستضيف الضريح عددا من المهرجانات الثقافية على مدار العام، وأهمها مهرجان “كامي-آري-زوكي” في الشهر العاشر من التقويم القمري. وعلى الرغم من تغير التواريخ كل عام، إلا أنه عادة ما ينظم في أكتوبر أو نوفمبر.
يحتفل المهرجان بتجمع آلهة الشنتو الذين يُقال إنهم يجتمعون في الضريح كل عام لتقرير مصائر رعاياهم. إن اختيار توقيت زيارتكم للمهرجان مهم لرؤية الطقوس الثقافية والتقاليد والأزياء في قلب معتقدات الشنتو، إذ يعدكم المهرجان بمشهد فريد وتجربة لا يُنسى.
حديقة يوشين الساحرة
بفضل موقعها على جزيرة دايكون، الواقعة بين مدينة ماتسوا ومطار يوناغو والمتصلة بواسطة الجسور، توفر حديقة يوشين يومًا هادئا وملونا في رحاب بساتين الزهور الممتدة على مساحة 40000 متر مربع تذكرنا بمشهد من فن أوكيوي الياباني التقليدي مع برك الماء الكريستالية وأشجار الصنوبر والجسر الخشبي الأحمر الزاهي. يتوافد الزوار إلى الجزيرة في الربيع لمشاهدة أزهار الفاوانيا وأزهار الرودودندرون والسوسن وفي الصيف لمشاهدة طبيعة نابضة بالحياة من أزهار الكوبية وزنابق الماء إذ يكون عدد الأزهار أقل في الخريف والشتاء، ولكن لا ينبغي تفويت موسم تفتح زهور الكاميليا والفاوانيا الشتوية.
تتميز أوراق الشجر في الحديقة بألوان ساحرة في الخريف. وفي الشتاء، تُغطى النباتات الرقيقة بأغطية من القش تبدو وكأنها قبعات صغيرة تحميها من الثلج.
تشتهر الجزيرة أيضا بإنتاجها للجينسنغ الكوري وهو عشب طبي يُعتقد أنه يعزز الطاقة وله العديد من الفوائد الصحية. يمكنكم تجربته في المطاعم والمقاهي الموجودة في الموقع إذ يقدم كشاي أو آيس كريم أو حتى كوجبة تيمبورا شهية.
تعالوا في وقت الغداء للانغماس في نكهات المنطقة مثل إيزومو سوبا المصنوع من دقيق الحنطة السوداء المزروع محليًا وثعبان البحر المطبوخ على صخور الحمم البركانية والأسماك والمأكولات البحرية والخضروات الموسمية.
إوامي غينزان
كانت إوامي غينزان والتي تعني “جبل إيوامي الفضي”، واحدة من أعظم مناجم الفضة في العالم حيث أنتجت ما يصل إلى ثلث الإمدادات العالمية خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر. اليوم، توقفت المنطقة عن إنتاج هذا المعدن، ولكنها لازالت تشكل محطة مثيرة للاهتمام في طريق أي رحلة تمر عبر هذا الجزء من البلاد. تنتشر إوامي غينزان وهي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، عبر جبال خضراء مورقة ومدينتين ساحليتين كانتا بمثابة نقاط شحن لصناعة الفضة.
ولمن يرغبون في معرفة المزيد عن ثروات إوامي غينزان الفضية، ومن أجل امتلاك فكرة أعمق عن المنطقة، فعليهم التوجه إلى مركز التراث العالمي حيث تروي المعروضات قصص التاريخ والعلوم والإنجازات الهندسية التي ساهمت في استخراج هذا المعدن الثمين من باطن الأرض، وقصص الأشخاص الذين كانوا وراء استكشاف ثروات المنطقة.
تنقل حافلات النقل المكوكية الزوار إلى مدينة أوموري الجذابة والتي كانت ذات يوم المركز الإداري للمنطقة. هنا تصطف على جانبي المكان المنازل الخشبية التاريخية والمتاجر التي تحول بعضها إلى متاحف تقدم رؤى وحكايا حول حياة سكان المنطقة في الماضي.
ومن أوموري، تقودكم مسارات المشي الخلابة عبر الغابات وحتى سفوح الجبال التي تضم العديد من المعابد الصغيرة، مثل غوهياكو راكان التي تضم الكهوف الصغيرة و500 تمثال حجري لتلاميذ بوذا اللذين لكل منهم وجه وتعبير مختلف عن الآخر.
“يادو شيونتي”
في منتجع كايكي آونسن في مقاطعة توتوري، تجتمع الفخامة الهادئة والهندسة المعمارية التقليدية لتقدم نزلاً فخماً يمثل التفاصيل المثالية لإيقاع الحياة البطيئة. Yado Shionteiهو مكان حالم، محاط بحدائق ذات مناظر طبيعية مع هندسة معمارية تقليدية تتميز بعناصر من الخشب والتاتامي وجماليات تمزج بين تقاليد الشرق والغرب الياباني بعشر غرف فقط تتميز أجنحة المكان بحمامات مياه ساخنة خاصة وتحتوي على مناطق خارجية مثالية للتواصل مع الطبيعة.
تلعب الطبيعة أيضا دورا رئيسيا في مطبخ الفندق مع الخضروات العضوية التي يتم حصادها في الصباح والمأكولات البحرية الطازجة من مياه البحر القريبة وأفضل المنتجات من الجبال القريبة، كلها موجودة في القوائم.
هذا المنتجع مخصص للضيوف الذين تزيد أعمارهم عن ثلاثة عشر عامًا للاستمتاع بأجواء هادئة ومريحة. إنها الطريقة المثالية لتغمروا أنفسكم في الجمال الطبيعي للمنطقة وللاستمتاع ببضعة أيام من الاسترخاء وأخذ إجازة خالدة بذكرياتها.