محمية القرم الطبيعية تنوع بيئي في قلب محافظة مسقط 

مزاراً لأفراد المجتمع لتعزيز السياحة البيئية وموطنا حيويا لأشجار القرم 

مسقط – وجهات| 

 تُعد محمية القرم الطبيعية من أهم وأقدم المحميات في سلطنة عُمان، حيث أُعلنت كأول محمية طبيعية في البلاد بموجب المرسوم السلطاني رقم (38/75) في عام 1975، لتغطي مساحة قدرها 1,045,775 متر مربع. 

وتشكل هذه المحمية شاهداً على التزام سلطنة عُمان العميق بحماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية. تساهم المحمية بشكل كبير في صون التنوع الأحيائي، إذ توفر ملاذاً للعديد من الكائنات الحية والنباتات النادرة. حيث تقع المحمية في ولاية بوشر بمحافظة مسقط، وتشكل جزءاً من منطقة تجمع وادي عدي، وتُعتبر واحدة من المناطق القليلة التي تحتضن أشجار القرم. 

ونالت محمية القرم اعترافاً عالمياً حين صُنفت كأول محمية ذات أهمية عالمية في سلطنة عُمان في عام 2013، بعد انضمام السلطنة إلى اتفاقية الأراضي الرطبة (رامسار) بموجب المرسوم السلطاني رقم (64/2012). 

 تنوع أحيائي 

أُنشئت المحمية بهدف ضمان الحفاظ على قيمتها الطبيعية وتنوعها الأحيائي، وحماية أشجار القرم، وحماية الطيور المقيمة والمهاجرة وموائلها، وضمان إدارة مستدامة وسليمة بيئياً للمنطقة المحيطة من خلال تهيئة المحمية لتكون مزاراً لأفراد المجتمع بهدف تعزيز السياحة البيئية. تعد المحمية موطنا حيويا لأشجار القرم من نوع Avicennia marina، وهو النوع الوحيد المتكيف مع البيئة العُمانية.

 وتمتد غابات القرم على مساحة تقارب 60 هكتارا، حيث تنمو الأشجار الطويلة والصحية على طول السواحل في قنوات المياه الشرقية والغربية، بينما تظهر بعض الشتلات الطبيعية على الشاطئ بالقرب من مصب قناة المياه الغربية، حيث تصل الأشجار الشاهقة إلى ارتفاع يتراوح بين 7 و8 أمتار. 

كما تضم المحمية 26 نوعًا من النباتات الملحية التي تأقلمت مع المناخ العُماني. وتكمن أهمية المحمية في كونها ملاذا حيويا للحياة البرية والبحرية، فهي تأوي 27 نوعًا من القشريات، و48 نوعًا من الرخويات، و40 نوعا من الأسماك، بالإضافة إلى المحاريات والروبيان وسرطان البحر. ومن أبرز ما يميز المحمية أنها مأوى لـ 304 أنواع من الطيور، بما في ذلك الأنواع المستوطنة والمهاجرة من أفريقيا وروسيا. 

أهمية بيئية 

إلى جانب أهميتها الكبيرة في توفير المواطن للعديد من الكائنات البحرية والبرية، تُصنف محمية القرم ضمن الأراضي الرطبة، وهي من أكثر الأنظمة البيئية ثراءً وتنوعاً. حيث تؤدي غابات القرم دوراً حيوياً كخط دفاع طبيعي ضد الفيضانات، وتعمل كمنطقة عازلة بين المحيط المفتوح واليابسة، وتساهم في حماية السواحل من التآكل وتراكم الطمي الذي يهدد الحياة البحرية. كما يعمل الغطاء النباتي على تثبيت الرواسب، مما يعزز استقرار وتماسك الشاطئ. 

تُعد محمية القرم في محافظة مسقط واحدة من أبرز الوجهات السياحية البيئية التي تستحق الزيارة بفضل تنوعها الأحيائي. حيث توفر المحمية للزوار فرصة فريدة لاستكشاف جمالها الطبيعي والتعرف على بيئات الأراضي الرطبة، بما في ذلك بيئات أشجار القرم. ويمكن للزوار الاستمتاع بمجموعة من الأنشطة مثل ركوب الزوارق، المشي على الممرات الخشبية الممتدة داخل غابات القرم، ومراقبة الطيور والحياة البحرية، كما تُعتبر المحمية مقصدًا مهمًا للسياحة التعليمية، حيث يستفيد الطلاب والمهتمون من دراسة هذه البيئة الفريدة والتعرف على أهميتها. 

وتدعم محافظة مسقط جهود الجهات المختصة لضمان استدامة هذا النظام البيئي الثمين وتعزيز السياحة المستدامة وتقديم تجربة سياحية متميزة تساهم في الحفاظ على البيئة للأجيال القادمة. 

الأراضي الرطبة “رامسار”

جدير بالذكر، أن معاهدة رامسار، التي انضمت إليها سلطنة عمان في عام 2013، تعد اتفاقية دولية تهدف إلى حماية الأراضي الرطبة والحفاظ عليها من التدهور الحالي والمستقبلي. 

تسعى هذه الاتفاقية إلى تعزيز الوظائف الإيكولوجية الأساسية للأراضي الرطبة وتطوير أدوارها الاقتصادية والثقافية والعلمية والترفيهية، وهي سُميت تيمناً بمدينة رامسار في إيران. تشمل الأراضي الرطبة المناطق التي يكون الماء فيها العامل الرئيس المؤثر على البيئة والنباتات والحيوانات الموجودة فيها. 

تتضمن هذه الأراضي المستنقعات الطبيعية والصناعية، والمناطق الساحلية القريبة منها، والجزر، وأجزاء من البيئة البحرية التي يتجاوز عمقها ستة أمتار. كما تشمل بيئات الأنهار والبحيرات وأشجار القرم والشعاب المرجانية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*