صلالة – تقرير “وجهات” |
تشهد محافظة ظفار خلال هذه الفترة بداية موسم الربيع “الصرب” كما يطلق عليه محلياً، الذي عادة ما يبدأ بعد موسم الخريف الذي يبدأ من 21 يونيو الى نهاية شهر أغسطس من كل عام، ليبدأ بعده موسم الصرب الى بدايات شهر اكتوبر المقبل.
وتتميز أجواء فصل الصرب بسطوع الشمس واعتدال الطقس وانخفاض نسبة الرطوبة وتوقف هيجان البحر، وتتجلى روعة المناظر الطبيعية في الجبال والسهول والصحاري.
وتمتاز المحافظة خلال هذا الموسم بالطقس الجميل والمناظر البديعة التي تجذب السياح لمشاهدة جمال الطبيعة بعد انقشاع الضباب وصفاء الجو، فضلًا عن كونه موسماً لتفتح الأزهار وهبوب النسائم الباردة.
ويشكل الموسم جانباً مهماً للحصاد الزراعي الموسمي في المناطق الجبلية والسهلية التي تعتمد على الأمطار الموسمية، بالإضافة إلى أهميته الاقتصادية لدى المزارعين والصيادين ومربي الماشية إلى جانب إنتاج العسل وتوفر الأسماك.
وتبدأ الماشية بالرعي في المراعي الخضراء مما يساهم في زيادة الإنتاج من اللحوم ومنتجات الألبان التي تُشكّل مصدرا أساسيا ومهما للرعي لأصحاب تلك الماشية.
ويقوم السكان المحليون ببيع الفواكه والخضروات التي يجنونها من مزارعهم والعسل ويصنّعون منتجات الحليب والألبان ويعرضونها في الأسواق ومن أهم المحاصيل الرئيسية التي تُزرع خلال فصل الربيع هي الخيار والفول الظفاري والذرة .
ويقوم السكان بنصب خيامهم في سهول محافظة ظفار للتمتع بالأجواء المعتدلة ومشاهدة تفتح الزهور خاصة بعد انقشاع الضباب وبدايات طلوع الشمس على السهل.
وتشهد محافظة ظفار وخاصة الولايات الساحلية التي تتأثر بموسم الخريف الماطر من ضلكوت غربا وحتى مرباط شرقا، أجواء صحوة بعد غياب الشمس طيلة أيام موسم الخريف؛ بسبب الغيوم التي تحجبها والضباب الذي يغطي الجبال، ومع بداية الربيع تزهر النباتات ويفوح عبيرها بين الأودية والتلال وتنجلي الغيوم وتهب على السهول والجبال نسمات عليلة وخاصة في الفترة المسائية وتكون الفرصة سانحة للتجول بين الطبيعة والمكوث ساعات طويلة في الوديان الخضراء والجبال من دون عوائق طبيعية كانت تحول دون ذلك طوال فترة الخريف حيث تكون الضباب الذي يحجب رؤية المناظر الخضراء وكذلك تساقط الأمطار بشكل مستمر، فالعائلات لا تجد المتعة الأكبر خلال موسم الخريف لقضاء أوقاتهم في الجبال وأحيانا المبيت على تلك التلال الخضراء وبين جنبات الأودية ويقضون ليال يستمتعون فيها بليالي الربيع الهانئة وخاصة مع الليالي القمرية وتكون هذه الرحلات على شكل تجمعات عائلية تتواصل فيها الأرحام وتتآلف فيها القلوب وتكون هذه الرحلات عادة في منطقة القطن وتعتبر نيابة جبجات التابعة لولاية طاقة من أشهر النيابات التي تستقطب أعدادا كبيرة من الزوار خلال موسم الصرب.
وقديما كان لموسم الصرب هالة خاصة عند أهل ظفار حيث تتهيأ النفوس لرحلة جديدة في الحياة، أولها هي إمكانية السفر عبر البحر لأن في موسم الخريف وعبر السفن الشراعية كانت هناك خطورة كبيرة من السفر في البحر بسبب ارتفاع أمواج بحر العرب ومع بداية الربيع يكون الانطلاق والانعتاق إلى سفرٍ يُقضى فيه حاجة أو يصل فيه مسافرا عائدا من غربته إلى ظفار حيث يخرج المواطنون لاستقبال السفن القادمة بعد غيابها طيلة موسم الخريف ويبدأ الصياد بارتياد البحر وتعود (الضواغي) لمزاولة حرفة صيد السردين ويسمى أول يوم تبدأ فيه ( الضواغي ) بارتياد البحر بيوم (الفتوح) والضواغي عبارة عن مجموعة من الرجال يمارسون مهنة صيد السردين بشكل جماعي ومن ثم يتم تقسيم الإنتاج بين جميع المشاركين حسب قسمة معينة متعارف عليها بينهم وفي موسم الربيع تدر الأضرع حليبا وافراً وتنتج فيه أجود أنواع السمن البقري وتحصد فيه المحاصيل الزراعية الموسمية التقليدية التي كانت تمارس منذ قديم الزمان التي تعتمد في ريها على أمطار الخريف مثل زراعة اللوبيا ( الدجر) وزراعة الخيار والذرة.