المنامة -بنا | حقق القطاع السياحي في مملكة البحرين نهضة كبيرة في حجم البنية التحتية والتسهيلات الحكومية وأعداد السائحين القادمين، وذلك انطلاقا من توجيهات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وجهود الحكومة برئاسة الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وبمؤازرة من الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء، بهدف تعزيز موقع مملكة البحرين كمركز رئيسي على خريطة السياحة الإقليمية.
وسعت البحرين لتطوير هذا القطاع الحيوي في إطار سياستها لتنويع مصادر دخلها والتي بدأتها منذ نهاية الستينات، خاصة وأنها تتمتع بمقومات سياحية وفعاليات متنوعة وجذابة على مدار العام جعلتها محط أنظار وكالات السفر والسياحة العالمية ومنها: موقعها الاستراتيجي وامتلاكها للكثير من الأماكن الترفيهية والأبنية والآثار التاريخية وتوافر خدمات الاتصال الحديثة والخدمات المصرفية والمالية وشركات التأمين وكذلك الأنماط السياحية المتعددة مثل السياحة العلاجية والثقافية والرياضية وسياحة المعارض والمؤتمرات إضافة إلى وجود خدمات سياحية حديثة تتمثل في مجموعة من الفنادق العالمية الفخمة والمنتجعات البحرية بجانب شبكة مواصلات برية ومطار البحرين الدولي وجسر الملك فهد الذي يربط مملكة البحرين بالمملكة العربية السعودية الشقيقة.
وتشكل السياحة 3.4 % من الناتج المحلي الإجمالي وتخطط المملكة لمضاعفة الرقم خلال السنوات الثلاث المقبلة ليصل إلى 6% من الناتج المحلي. وتسهم السياحة بشكل عام والسياحة العقارية بشكل خاص في توفير جزء من النقد الأجنبي من خلال مساهمة رؤوس الأموال الأجنبية في الاستثمارات الخاصة بقطاع السياحة العقارية، والمدفوعات التي تحصل عليها الدولة مقابل منح تأشيرات الدخول للبلاد.
كما يسهم الإنفاق اليومي للسائحين مقابل الخدمات السياحية بشكل مباشر في ارتفاع نسبة تشغيل الفنادق والمنتجعات السياحية، بالإضافة إلى الإنفاق على السلع الإنتاجية والخدمات لقطاعات اقتصادية أخرى غير مباشرة، والذي حققته المملكة من خلال إقامتها للفعاليات والمهرجانات السياحية والرياضية ومنها سباق الفورمولا واحد ومن خلال استضافة المعارض والمؤتمرات والترويج لهذا النوع المهم من السياحة.
وارتفعت نسبة النمو في قطاع الفنادق والمطاعم 26 %، وحصلت البحرين على المركز الأربعين من بين 139 دولة ضمن تقرير التنافسية في السفر والسياحة 2011 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، كما واصلت البحرين تقدمها بحصولها على المركز الثاني على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي في السياحة، حيث يعتبر الاستقرار الاقتصادي والتضخم المنخفض من العوامل التي حفزت نمو السياحة في البحرين وشجعت الزوار على وضع البحرين وجهة رئيسية مفضلة على دول أخرى.
وتبلغ مساهمة القطاع السياحي البحريني المباشرة بالناتج المحلي الإجمالي حوالي 700 مليون دولار أميركي وفقا لإحصاءات عام 2015، بنسبة زيادة تصل إلى 9% عن العام 2014. ويتوقع مجلس التنمية الاقتصادية أن ترتفع إيرادات القطاع السياحي في 2020 إلى مليار دولار.
ويوفر القطاع السياحي أكثر من 31.5 ألف وظيفة، تشكل ما نسبته 4% من إجمالي القوى العاملة في المملكة. وبلغ إجمالي الاستثمارات في قطاع السياحة والسفر بالمملكة في العام الماضي 105 ملايين دينار، أي ما يتجاوز نسبته 5 % من مجموع الاستثمارات. وشهدت البحرين زيارة 11.6 مليون زائر في 2015 أي بنمو بلغ 11% بالمقارنة مع عدد السياح في 2014. ويتوقع أن تستقطب البحرين خلال العام الجاري 2016 أكثر من هذا العدد بكثير في إطار خطط الدولة للنهوض بالسياحة.
وترتكز استراتيجية تطوير قطاع السياحة على 4 أعمدة: أولها تطوير المنافذ، وثانيًا الجذب السياحي حيث تخطط الحكومة لتأسيس فعاليات دائمة في البحرين، وإطلاق الهوية السياحية الجديدة، وثالثًا تطوير المرافق السياحية للسكن سواء من فنادق أو شقق مفروشة أو شقق سكنية، وسيتم البدء في إنشاء 13 منشأة جديدة، ودراسة إنشاء معهد خاص للفندقة والضيافة. ورابعًا وضع السائح الخليجي في مقدمة اهتماماتها وتنشيط السياحة العائلية ومن ثم توسيع الدائرة لاستقطاب السياح من الدول الأخرى.
إن تطوير القطاع السياحي في البلاد يعد من أولويات برنامج عمل الحكومة، التي تعمل على تحفيز المستثمرين بتوفير البيئة الحاضنة للمشاريع السياحية، وحفز القطاع الخاص الذي يدعم جهودها في الترويج للبلاد كوجهة سياحية. وتعمل الدولة بالشراكة مع القطاع الخاص على إبراز الإمكانات السياحية في مختلف المجالات الثقافية والتراثية والرياضية والترفيهية والعمل على إنتاج المزيد من البرامج الترويجية فضلا عن مشاركة جميع الجهات المعنية في عملية التخطيط السياحي المبنية على دراسات وبحوث دقيقة وتطوير الهياكل المؤسسية العاملة في المجال السياحي، إضافة إلى إقرار شراكة فاعلة مع القطاع الخاص لإدارة القطاع السياحي ضمن رؤية وطنية تهدف إلى تنويع المنتج السياحي بما يتناسب مع متطلبات الأسواق السياحية وجذب أنظار المستثمرين إلى المملكة عبر تقديم الحوافز المشجعة لهم.
وتتمثل أهم فرص الاستثمار المتاحة في القطاع السياحي في مجالات إقامة المنتجعات الترويحية المختلفة وإنشاء وإدارة الفنادق والمطاعم والشاليهات السياحية والمراكز الرياضية المختلفة وغيرها، إضافة إلى دعم دور رجال الأعمال والقطاع الخاص في إقامة المشروعات السياحية باعتبار أن السياحة مظهر من مظاهر النشاط التجاري.
وتشهد المملكة طفرة في عدد من المشروعات السياحية العملاقة نتيجة للتسهيلات الكبيرة والحوافز التي تمنحها الحكومة للمستثمرين وتوجد مشروعات عقارية عملاقة تقدر كلفتها بنحو 10 مليارات دولار، كما تعد السياحة العلاجية أحد أبرز الأنشطة السياحية التي تتميز بها المملكة في ظل ما تمتاز به من خدمات صحية إضافة إلى توجهها نحو إنشاء المزيد من المستشفيات المتخصصة والمتطورة في هذا المجال، وتعد مدينة الملك عبدالله في البحرين التي تحتضنها جامعة الخليج العربي من المدن العملاقة التي توفر مكانة كبيرة للمملكة في هذا المجال.
كذلك يعد احتضان المعارض والمؤتمرات الإقليمية والعالمية أحد أبرز المعالم السياحية في البحرين في ظل ما تتمتع به المملكة من تاريخ طويل يزيد على 30 عاما في هذا المجال وتتعدد المعارض والمؤتمرات التي تستضيفها البحرين بشكل سنوي ومنها معرض البحرين الدولي للسفر والسياحة ومعرض الجواهر العربية الذي يعد أكبر معرض في منطقة الشرق الأوسط للساعات الفاخرة والمجوهرات والمشغولات من البلاتين والذهب والفضة المرصعة بالألماس والأحجار الكريمة.
إن سعى مملكة البحرين الحثيث ومنذ أعوام طويلة نحو تنمية القطاعات غير النفطية وفي مقدمتها قطاع السياحة، وتنفيذ ذلك بشكل علمي مدروس من خلال رؤية المملكة الاقتصادية 2030، جعلها أكثر قدرة على تخطي الأزمة التي سببها انخفاض أسعار النفط، ومازالت البحرين تسعى بكل جهدها إلى استكمال ما بدأته وتسريع وتيرة النمو الاقتصادي في مختلف القطاعات لتظل دائما مملكة الخير والرفاه والنماء.