يكتبه: د. رجب العويسي|
تمثل المؤتمرات مساحة تمازج وتناغم وطني عالمي، حيث يأتي العالم بخبراته وتجاربه ومواهبه ومبادراته إلى عُمان، لتستوطن هذه التفاصيل وطن الهمم وتترسخ في معين الاهتمام، ولتضيف إليها الذائقة الحضارية والقيمية والأخلاقية والتنظيمية لعمان نكهات جميلة.
لذلك لم تعد سياحة المؤتمرات اليوم في وجهاتها السياحية والثقافية والفكرية والعلمية والفنية والأدبية والاقتصادية والاستثمارية والإنتاجية حالة طارئة أو اختيار لحظي بقدر ما هو اقتصاد واعد وفرصة استثمارية مربحة.
وبالتالي حجم ما تتطلبه من عمليات التخطيط المبكرة لها، والجاهزية بالفوز بها، وتوفير الممكنات التي تمنح إشارة الموافقات لها بالتنفيذ على أرض عُمان، وتضع في انطلاقتها محطة قوة في ملامستها الأولويات الوطنية حول ما تريده سلطنة عُمان من هذه المؤتمرات، والفرص التي ترغب في تحقيقها، ورصد المكاسب التي يمكن ان تنتج عنها في تحقيق التوجهات الوطنية القادمة، وتنفيذ مبادرات رؤية عُمان 2040. وعندها تصبح سياحة المؤتمرات مساحة احتواء تعيد انتاج الواقع الوطني في مجال الاختصاص، وتؤسس له فرص انطلاقة أكبر وشراكات أوسع، وتفاهمات مع الفاعلين والمؤثرين وأصحاب المبادرات الاستراتيجيين حول العالم، فيتولد عن ذلك الكثير من العمل، والمزيد من الجهد، ويتحقق العديد من الفرص التي ستساهم مع غيرها من المواقف والمحطات في رسم ملامح السياحة عامة وتعزيز السياحة الوافدة المنتجة في عُمان.
لقد أدركت سلطنة عُمان ذلك منذ وقت مبكر، وكان للدور المتجدد الذي قدمه مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض والتطوير الذي شهده في بنيته الأساسية ومرافقه متماشيا مع طبيعة التحول في مفهوم سياحة المؤتمرات والاجندة السياحية والاستثمارية والتسويقية المرتبطة بها في ظل حدس وطني بما تحمله سياحة المؤتمرات من قيمة مضافة في العمل الوطني.
أخيرا، كيف يمكن العمل أكثر على تفعيل سياحة المؤتمرات والتوسع فيها عبر استقطاب الفرص العالمية ذات القيمة المضافة، ونقلها إلى محافظة ظفار التي تشهد نزوح أفواج كبيرة من السياح إليها في فصل الخريف لضمان تحقق التنوع في سياحة المؤتمرات بما تعكسه من عالمية الثقافة العمانية في تسامحها ومشتركاتها واتصالها بالآخر، وتعبر عن نهج التوازنات التي صنعتها عُمان في محيطها الإقليمي والدولي.