يكتبه: د. رجب العويسي|
على الرغم من أن رؤية عُمان 2040 أعطت موضوع السياحة الوافدة الحضور الأكبر في قراءة مستقبل اقتصاد السياحة لاعتبارات كثيرة منطلقة من المنظور العالمي للسياحية وكونية القيم التي تنشرها، إلا أن السياحة المواطنة تمثل اليوم العنصر الأهم والأبرز أثرا في اقتصاد السياحة العمانية، وكشفت جائحة كورونا (كوفيد19) عن موقع المواطن في رسم ملامح السياحة، وأهمية حضوره في تنشيط الحركة السياحية.
ذلك أن المتتبع لموسم صلالة السياحي في العام 2020/ 2021 يجد بأن أكثر السياح الذين وفدوا إلى محافظة ظفار بعد تخفيف فترة المنع والاغلاق هم من العمانيين، كما أن المتابع لمعطيات إجازة الثامن عشر من نوفمبر، يجد ذلك الانتشار الكثيف للسياح المواطنين في مختلف محافظات عُمان وبيئاتها البحرية والبرية والجبلية والصحراوية والمتنزهات والنزل الخضراء والنزل التراثية وغيرها.
ومعنى ذلك أن رؤية العمل السياحي يجب أن تتخذ أكثر من سيناريو في سبيل خلق روح سياحية متجددة، يشارك المواطن بفاعلية في رسم ملامحها، وعبر تعزيز السياحة الداخلية وسياحة المواطنة، وما يتطلبه ذلك من سرعة التركيز على أولويات المواطن السياحية من الخدمات الأساسية، وتحقيق معايير الامن والسلامة، بما يضمن استيعاب الأعداد الكبيرة من السياح المواطنين.
وبالتالي فإن الاتجاه نحو السياحة الوافدة على الرغم من أهميته، إلا أنه لا ينبغي أن يشكل عائقا أو يسبب تأخيرا وبطأ أمام جهود الحكومة في تعزيز السياحة الداخلية للمواطن والمقيم باعتبارها الحلقة الأقوى في منظور السياحة المستدام، ومن جهة أخرى فإن القدرة على الوصول إلى توقعات المواطن وأولوياته، وتوفير الخدمات السياحية، والتوسع في خلق البيئات السياحية المتكاملة، بالاستفادة الجادة من السياحة الموسمية، وضمان إدخال المفردات التراثية والموروث الحضاري والعادات والتقاليد في تنشيط حركة السياحة الداخلية.
أخيرا فإن تحقيق هدف استيعاب أكثر من 11 مليون سائح بحلول عام 2040، مرهون بتعزيز السياحة الداخلية المواطنة، التي تبدأ من المواطن وتنمو معه، وعندما تقوى منظومة العمل السياحي الداخلي وتتطور طريقة التعامل معها، عندها ستخرج من رحم الواقع وتجليات المشهد السياحي العماني، محطة متجددة لانتعاش السياحة الوافدة.