جزيرة “غورى” وجهة سياحية تتنفس عبق التاريخ في السنغال

داكار – العمانية |

على بعد ربع ساعة بالزورق من العاصمة السنغالية داكار، تنتصب جزيرة “غورى” شامخة كأنها تفتخر بعبق التاريخ الذي تتنفسه بوصفها إحدى أولى المنشآت الأوروبية في القارة الإفريقية.

ويعود اكتشاف الجزيرة الصغيرة الممتدة على مساحة 28 هكتارا في المحيط الأطلسي إلى العام 1444 م على يد الضابط البحري البرتغالي “دينيس دياز”.

وفي العام 1588، استولى عليها الهولنديون وظلوا فيها 89 سنة قبل أن تسقط في أيدي الفرنسيين. لكن الجزيرة الإستراتيجية انتقلت بعد ذلك إلى الإنجليز الذين أعادوها بشكل نهائي للفرنسيين في 1817 وظل وضعها على تلك الحال لغاية حصول السنغال على الاستقلال في 1960.

وبِحسب المُؤَرخين، فإن سِر هذا المصير المُتَأَرجِحِ لـ “غورى” يكمن أساسا في موقعها الجغرافي المركزي بين الشمال والجنوب وأهميتها الإستراتيجية التي تجعل منها ملجأ آمنا لرسو السفن. وهذا هو ما أكسبها عند الغربيين تسمية ” Good Rade” (مرسى جيد) وجعلها تنشط كثيرا في المبادلات التجارية لمنتجاتها المحلية، خاصة الصمغ العربي.

وتمتاز جزيرة “غورى” – التي يبلغ عدد سكانها حوالي 1000 شخص – بكونها واحدة من أوائل الأماكن التي تم ضمها إلى قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو). كما أنها بلدة صديقة للبيئة نظرا لِخُلُوٍهَا الكامل من السيارات ذات المحركات.

أضف إلى ذلك أن شواطئ الجزيرة السحرية تُعَد من بين الشواطئ النادرة المحيطة بداكار التي يُسمَحُ بالسباحة فيها طيلة أيام السنة، حيث يستمتع المُستَجِمونَ بمياهها الفيروزية ومناخها اللطيف والآمن.

وقد نجحت إلى حد كبير في تحدي عوامل التعرية والرطوبة السائدة للحفاظ على فنها المعماري القديم، خاصة فيما يتعلق بالمباني المشيدة في الحقبة الاستعمارية بل وما قبلها.

ومن أبرز المعالم التي يقصدها السياح والباحثون في البلدة ذلك المدفع الضخم المنصوب على الشاطئ الغربي.

وتقول الرواية المتداولة إن هذا “الوحش المعدني” كان قادرا على إصابة أهداف على بعد 14 كيلومترا، مؤكدة أن الفرنسيين في عهد “فيشي” استخدموه لإغراق سفينة بريطانية يوم 23 سبتمبر 1940 أثناء الحرب العالمية الثانية.

وتشمل معالم الجزيرة كذلك النصب التذكاري “كاستيل” الذي يمنح للزائر نظرة بانورامية على موقعه المنزوي في ركن قصي من المكان. ويعود تاريخ هذا النصب إلى فترة قريبة نسبيا، لكن تدشينه جرى في ظرف زمني شديد الرمزية لأنه صادف اليوم الأخير من القرن العشرين (31 ديسمبر 1999)

ولا يَقِلُ النصب التذكاري “بليز داني” أهمية عن سابقه، حيث يتربًعُ شامخا في الساحة المركزية على مقربة من مبنى البلدية تكريما لواحدة من أشهر الشخصيات السنغالية. ف “بليز داني” المولود في 1872 في السنغال كان أول نائب برلماني إفريقي منتخب في الجمعية الوطنية الفرنسية.

ومن الوجهات السياحية في “غورى” أيضا المتحف التاريخي الذي يمنح الزوار رحلة لا مشقة فيها داخل تاريخ السنغال منذ العصر الحجري.

وبفضل شكله الدائري المميز وقامته السامقة، يشكل هذا المتحف أول مبنى يتراءى من البحر عندما يقترب الزورق من الجزيرة قادما من داكار.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*