مقال| الخطاب السياحي وعقدة التبريرات

يكتبه: د. رجب بن علي العويسي |

يبدو أن جزءا من مشكلتنا السياحية يتجه إلى نمط الخطاب السياحي والبنية الفكرية والمفاهيمية التي يقرأ بها منظومة السياحة، فمن جهة يعتمد على المزاجية والوقتية والاستهلاكية وعامل الاستنزاف، ومن جهة أخرى اختزل السياحة في برامج وقتية ومساحات مكانية ومواسم محددة، من دون أن تنظر إلى مسار الاستدامة والتحول.
وارتبط مفهوم السياحة في خدمة تقدمها الحكومة للمواطن، بحسب الظروف والامكانيات والمتاح من المال، وبالتالي أضاعت هذه النظرة الضيقة للسياحة كل فرص التحول المعقودة على هذا القطاع، واسهمت في زيادة البطء في قدرته على التكيف مع الواقع العالمي للسياحة، والنماذج الإيجابية حول العالم، والتوقعات بالوصول إلى مساهمة القطاع بنسبة 6% بحلول 2040.
لقد رافق هذه النظرة الضيقة هدر مستمر وفاقد متكرر واستنزاف للموارد، قلل من حضور السياحة في إنتاج الوظائف، واستغلال البيئة المكانية والزمانية في تحقيق استدامة السياحة، وظل حديث المشهد الوطني خلالها – على الرغم من التحول العالمي في صناعة اقتصاد السياحة- يدور في حلقة مفرغة تكرر ذاتها، مثل: عائق المال، والتنسيق الحاصل بين المؤسسات، وعقدة الإجراءات الحكومية نحو السياحة، واستحواذ الشركات الحكومية على قطاع السياحة بشكل أفقد القطاع الخاص حس المسؤولية نحوه، وأغلق مساحة التفكير خارج الصندوق في صناعة البدائل والتنويع في الخيارات في وضع السياحة في واجهة التنويع الاقتصادي.
وعليه يبقى التعامل مع هذه العقد المتكررة، مرهون بنهضة فكرية للسياحة تستفيد من كل الفرص التي ينتجها المواطن في سبيل بناء منظور سياحي يتسم بالكفاءة والمهنية، وأن تتحول إدارة هذا القطاع من المركزية إلى اللامركزية وعبر برامج عمل واقعية، وبيئات ميدانية تعزز من حضور القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتمكين المواطن من رسم ملامح هذا القطاع، للخروج من حالة الاستهلاكية والتبريرات غير المقنعة والمنظورات التشاؤمية، والهدر المالي والإداري، والاستنزاف الحاصل للموارد المالية الوطنية المقدمة للشركات الحكومية، في ظل تدني مستوى الرجع الناتج عنها، وتباين الية التفكير وطريقة العمل التي تتبناها مع طموحات المواطن وأولوياته، والانموذج السياحي الذي يتناسب مع الحالة العمانية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*