مسقط – وجهات |
تحت رعاية صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد، نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الدفاع، تم تدشين موسوعة جبال عُمان في دار الأوبرا السلطانية مسقط، بحضور محمد بن الزبير الذي أشرف على تأليف وإخراج هذه الموسوعة القيمة بتوجيهات سامية من لدن المغفور له بإذن الله، السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور، طيب الله ثراه-.
تأتي الموسوعة الجديدة في 1,700 صفحة تتوزع على ثلاثة مجلدات ضخمة تتضمن معلومات كافية ووافية عن سلاسل الجبال في سلطنة عُمان من النواحي الجغرافية والجيولوجية، فضلاً عن دورها في التطور الحضاري للبلاد على مر العصور، سواء لجهة التوزع الديموغرافي للسكان، أو التنوع الزراعي والأحيائي الفريد للسلطنة.
وتغطي الموسوعة 409 قمة جبلية في السلطنة تتراوح ارتفاعاتها بين 30 متراً في جبل مصنجب في ولاية مصيرة بمحافظة جنوب الشرقية، وصولاً إلى 3,009 أمتار في جبل شمس في ولاية الحمراء بمحافظة الداخلية، والذي يُعتبر أحد أعلى القمم الجبلية في شبه الجزيرة العربية.
وفي معرض تصريحه على تدشين الموسوعة، تحدث محمد بن الزبير: إنني على قناعة تامة، وأعتقد أن الكثيرين يشاركونني هذه القناعة، بأن جبال عُمان هي أحد أهم الكنوز غير المكتشفة في السلطنة حتى اليوم، ليس على صعيد الثروات الباطنية التي تكتنزها فحسب، وإنما لكونها من الأصول التي يمكن استغلالها سياحياً إلى حد بعيد. هنالك دول كثيرة تعتمد على تضاريسها في تطوير منتجات سياحية نوعية تستقطب فئات بعينها من كافة أنحاء العالم، ونحن في عُمان قد حبانا الله بمقومات طبيعية غاية في الفرادة مثل هذه السلاسل الجبلية بتكويناتها الخاصة والتنوع الأحيائي النادر الذي تحتويه، والذي ستساهم موسوعة جبال عُمان في تسليط الضوء عليه والمساهمة في تمكين مختلف الجهات مثل وزارة التراث والسياحة، ووزارة الطاقة والمعادن، و وزارة الزراعة والثروة السمكية وموارد المياه، وغيرها من الجهات للتخطيط الأمثل لاستخدامه في المستقبل.
وأضاف محمد بن الزبير عن رحلة تطوير هذه الموسوعة: بدأت هذه الرحلة بتوجيه من المغفور له السلطان قابوس بن سعيد، رحمه الله، الذي استشرف ضرورة وجود مرجع علمي دقيق عن جبال عُمان وتكويناتها المختلفة ليكون مصدراً للمعلومات للباحثين والطلاب إلى جانب الجهات التي تضع الخطط التنموية للبلاد على المستويين الاجتماعي والاقتصادي. وبعد تكليفي من قبل المغفور له، للإشراف على هذه الموسوعة، قمنا بجمع فريق عمل من الخبراء في الجغرافية والجيولوجية والزراعة والثروة الحيوانية ومصادر المياه، إلى جانب التاريخ وغيرها من المجالات التي تؤثر فيها التضاريس الجبلية بشكل محوري. وصل قوام الفريق إلى ما يزيد عن 100 باحث عملوا معاً لسنوات لتطوير محتوى هذه الموسوعة الضخمة التي نتشرف اليوم بإهدائها إلى روح من أمر بإعدادها بعد أن غادر دنيانا جسداً ولكنه لم ولن يغادر قلوبنا لتبقى ذكراه عصية على الغياب.
ضمت اللجنة العلمية التي أشرفت على تحريد الموسوعة، مجموعة من القامات العلمية من الخبراء في مختلف المجالات تحت إدارة الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد الحالي ومدير الفريق ورئيس تحرير الموسوعة، إلى جانب الدكتورة برجت ميرشن الباحثة في الدراسات الشرقية والإسلامية من جامعة الرور بوخوم في ألمانيا، والدكتور عبدالله بن سيف الغافري، مدير وحدة بحوث الأفلاج في جامعة نزوى، والمقدم الركن يوسف بن حارث النبهاني، مدير خدمات المعلومات الجغرافية بالإنابة في الهيئة الوطنية للمساحة التابعة لوزارة الدفاع، والدكتورة أنيتا باتزيلت، مدير العلوم في حديقة النباتات العُمانية، والدكتور أندرو سبالتن، استشاري الشؤون البيئية في ديوان البلاط السلطاني، والدكتور طلال بن خليفة الحوسني، رئيس قسم علوم الأرض بكلية العلوم في جامعة السلطان قابوس، والبروفيسور د. صبحي جابر نصر، رئيس البرنامج الدولي لعلوم الأرض في منظمة اليونسكو ومدير مركز أبحاث علوم الأرض بجامعة السلطان قابوس، والدكتور علي بن سالم الراجحي، مدير عام المديرية العامة للبحوث والمسوحات الجيولوجية في الهيئة العامة للتعدين (سابقا).
وعن الجهود الهائلة التي بُذلت من أجل إخراج محتوى الموسوعة بالشكل الذي ظهر عليه، يقول الدكتور سعيد الصقري: كنا نعتقد في البداية بأن المهمة لن تستغرق أكثر من عام أو عامين على الأكثر، إلا أننا وعندما بدأنا في وضع المخطط الأساسي لمحتوى الكتاب -الذي أصبح موسوعة لاحقاً- اكتشفنا أن دور السلاسل الجبلية في السلطنة يتجاوز الجانب الجغرافي والجيولوجي البحت، وصولاً إلى الجوانب الاجتماعية والديموغرافية التي رسمت ملامح التجمعات السكانية للعمانيين منذ آلاف السنين، هذا الأمر جعل رحلة تطوير الموسوعة غنية بالتفاصيل التي يجب قراءاتها وتحليلها بدقة للوصول إلى الاستنتاجات العلمية الدقيقة، فضلاً عن رسم واعتماد الخرائط والمخططات البيانية بحيث يمكن للباحثين والمخططين الرجوع إليها واعتمادها كمصدر دقيق للمعلومة. نحن فخورون بهذا المنتج العلمي الموسوعي الذي سيشكل إضافة قيمة للمكتبة العُمانية والعالمية ككل.
يُعتبر الغطاء النباتي للجبال في عُمان فريداً من نوعه على مستوى العالم، حيث نجد بعض الأنواع التي لا تتواجد في مكان آخر على سطح هذا الكوكب. ولذلك تُعتبر جبال عُمان جزءاً بارزاً من التراث الطبيعي والثقافي الغني للسلطنة، فهي عبارة عن مستودعات للتنوع البيولوجي وموطن للقرى الزراعية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين. وهنا يأتي مشروع موسوعة “جبال عُمان” ليكون خطوة رئيسية نحو التنمية المستدامة للجبال والمساعدة في حماية التنوع البيولوجي الغني الموجود فيها، حيث تم تصميم المشروع كمرجع لا يقدر بثمن لإعلام وتوجيه التخطيط وسياسة التنمية وصنع القرار في جميع أنحاء البلاد، فضلاً عن دوره في إذكاء روح الفضول لدى القراء وتشجيعهم على المغامرة الميدانية واستكشاف المناطق الجبلية ذات البيئة الفريدة.