فيروس كورونا يشل الحركة السياحية في جنوب شرق آسيا

تراجع الإيرادات والغاء الحجوزات وخسائر بالمليارات

خاص – وجهات|

يعتبر قطاع السياحة في دول جنوب شرق آسيا، أكبر المتضررين من تفشي فيروس كورونا القاتل الوافد من الصين، مما أدى إلى معاناة بلدان المنطقة جراء تراجع إيراداتها السياحية وإلغاء الحجوزات ورحلات الطيران، بسبب الذعر من الفيروس المميت.

وتغيرت صور الأماكن التي كانت تعج بالسياح والأشخاص في العديد من المناطق ودول المنطقة لتترك مكانها لفنادق فارغة وشواطىء مهجورة وحجوزات ملغاة.

وبلغت الخسائر بعد أسابيع قليلة من ظهور الفيروس، عدة مليارات الدولارات بينما تواصل السلطات الصينية السباق مع الزمن لاحتواء انتشاره ومحاولة إيجاد لقاح للقضاء عليه.

وتعاني دول جنوب شرق آسيا التي تعول كثيرا على السياحة من خسائر مادية بلغت لحد الآن عدة مليارات الدولارات إثر تفشي فيروس كورونا في الصين والذي أدى حتى الآن إلى وفاة أكثر من 1600 شخص فيما بلغ عدد الإصابات عشرات الآلاف.

وتخيم أجواء قاتمة على منتجع باتايا، إحدى الوجهات المفضلة للصينيين في تايلاند، فالواجهة البحرية المزدحمة عادة تبدو مقفرة، والمراكب السياحية راسية في المرفأ وسط وجوم أصحاب المتاجر العائمة.

من جانبها، قالت ما ميا بائعة التذكارات في حديقة الفيلة “شانغ سيام بارك”، قبلة السياح في المدينة، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، إن مداخيلها تراجعت إلى النصف.

وأضافت الشابة وهي من قبيلة كايان “إذا استمر الوضع، سأعود إلى دياري”، وكانت هذه الحديقة تستقبل ما بين 1500 و2000 زائر يوميا.

وقالت صاحبتها نانتاكورن فاتامروب “لم نعد نستقبل أكثر من 200 حاليا، وخسرت مليوني بات (نحو 60 ألف يورو).

وفي كمبوديا حتى معابد أنكور الشهيرة تأثرت. وتراجعت مبيعات التذاكر بنسبة تراوحت بين 30 و40%، بحسب وزارة السياحة.

والأمر مماثل في فيتنام، فقد تم إلغاء حجز 13 ألف غرفة فندقية في هانوي وتراجع الإقبال على خليج هالونغ بنسبة فاقت 60%.

وكانت السلطات الصينية التي استخلصت دروس وباء سارس في 2002 و2003 قد اتخذت إجراءات صارمة في مواجهة فيروس كورونا المستجدّ. لذلك، فرضت منذ نهاية يناير الحجر الصحي على 56 مليون شخص في محافظة هوباي، بؤرة الوباء، ومنعت مواطنيها من المشاركة في الرحلات المنظمة اإلى الخارج.

والنتيحة أن تايلاند التي استقبلت العام الماضي 11 مليون سائح صيني (27% من مجموع السياح الأجانب)، سجلت في بداية فبراير تراجعا في عدد السياح بنسبة “فاقت 86%”، بحسب وزير السياحة فيفات راتشاكيتبراكان.

وفي فيتنام غاب السياح الصينيون تقريبا مع تراجع بنسبة تراوحت بين 90 و100%، بحسب المناطق.

وتمتد عدوى تراجع الرغبة في السياحة إلى الأوروبيين والأمريكيين والأستراليين الذين يلغون سفراتهم خشية الإصابة بالفيروس، حتى وإن كان يتفشى حاليا أساسا في البر الصيني وقلة من أصابهم في دول جنوب شرق آسيا.

وقد يكون هذا الوضع غير المسبوق، كارثيا لاقتصادات المنطقة التي تعتمد كثيرا على السياحة، ففي تايلندا يدر القطاع 20% من إجمالي الناتج الداخلي ويتوقع أن تبلغ الخسائر بسبب الوباء نحو 7.4 مليارات يورو (1.5% من إجمالي الناتج الداخلي)، بحسب مسؤول كبير في البنك المركزي التايلاندي.

من جهتها قدرت فيتنام أنها ستخسر ما بين 5.4 و7.1 مليار يورو في الأشهر الثلاثة القادمة.

لكن ماذا لو استمرت آثار الوباء على الأمد البعيد حتى 2021، كما يخشى خبراء السياحة؟

إدراكا منها لهذا الخطر، لا ترفض سلطات تايلاند وكمبوديا السياح الصينيين، وتكتفي بتعزيز المراقبة في المطارات والمعابر الحدودية. بل إن سلطات تايلاند تعرض عليهم تأشيرات مجانية.

وبلغ الأمر برئيس وزراء تايلاند هون شين حد التنديد بـ”مرض الخوف”، وهو يفعل كل ما بوسعه لإرضاء بكين، حليفته المقربة، وإعادة السياح الصينيين إلى المملكة.

في المقابل تحرص السلطات الفيتنامية على تشديد إجراءات الحماية، وقد منعت الرحلات الجوية إلى الصين ومنها، كما أوقفت رحلات القطارات، وأغلقت لاوس حدودها البرية مع الصين وألغت عدة رحلات يومية.

وقالت أونغ تو بائعة عصير الفواكه في البلدة العتيقة بمدينة لوانغ برابانغ “لم نعد نرى الصينيين والوضع ينذر بالتفاقم”.

وتعمد الكثير من وكالات السفريات وأصحاب الفنادق في المنطقة إلى تخفيض كبير لأسعارها، كما وسعت إجراءاتها لتمكين الزبائن من تأجيل رحلاتهم بشكل مجاني، وذلك بهدف الحد من إلغاء الحجوزات.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*